عندما أعلن عبد الفتاح السيسي حالة الطوارئ في مصر في أبريل/نيسان الماضي، هدأت حالة الغضب قليلاً آنذاك، كونها جاءت في أعقاب مقتل 46 شخصاً وإصابة أكثر من مئة آخرين في انفجارين وقع أولهما في كنيسة بطنطا وسط الدلتا، والثاني أمام كنيسة بالإسكندرية، وأعلن تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) مسؤوليته عنهما.
لكن حالة الطوارئ تلك، التي قال الرئيس المصري إنها تهدف إلى "حماية البلد ومنع المساس بمقدراته"، فشلت في ردع مزيد من الهجمات ضد المسيحيين في مصر، "الهدف الأول" لتنظيم داعش وفق ما أعلن في فبراير/شباط الماضي، فجاء الهجوم الدامي ضد الأقباط في المنيا الجمعة 27 مايو/أيار الجاري، وخرجت من بعدها الاتهامات للحكومة المصرية بالإخفاق في حمايتهم.
29 شخصاً قتلوا وأصيب 20 آخرون، في الاعتداء على حافلة الأقباط بالمنيا، يقول بعض من أقاربهم، إن ما حصل يقوض حالة الطوارئ، وفق ما ذكر تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية.
عيد فارس إسحاق، وهو أحد أقارب الضحيتين جرجس محروس وابن عمه كيرلس محروس يقول إن "حالة الطوارئ لم تغير من الأمر، كما لو كانت غير موجودة. ومن المفترض أن تتخذ الحكومة المزيد من الاحتياطات وأن تكون أكثر حزماً في مواجهة مثل تلك الاعتداءات، بأن تجري عملية بحث شامل في أعقاب الاعتداء ولا تنتظر لساعات طويلة مثلما فعلت".
أما مينا عادل، صديق جرجس الذي كان سيتزوج خلال الأسابيع القادمة، فينتقد رد فعل الحكومة المصرية تجاه الاعتداءات المتزايدة على الأقباط قائلاً "إنهم يتكلمون فقط دون اتخاذ أي أفعال. وقد أعلنوا حالة الطوارئ هذه لتهدئة الرأي العام ولكنها غير مفيدة حقاً".
ويضيف "لم يعد القساوسة والأساقفة وأعضاء البرلمان يحظون بنفس الاحترام من قبل الشعب – ولا أحد يصدقهم حالياً. لقد سئمنا ذلك. والحكومة لا تقوم بشيء إضافي، بل أصبحت أسوأ مما كانت عليه فيما يتعلق بأسلوب معاملة الشرطة للناس".
واخترقت رصاصة كبيرة أدنى أذن جرجس اليسرى، ما أدى إلى وفاته على الفور.
فيما يروي طفل يبلغ من العمر 6 سنوات، كيف نجا من الاعتداء المسلح، بعدما دفعته والدته تحت مقعدها وغطته بحقيبتها.
وتعهدت الحكومة المصرية من قبل بتعزيز الأمن وحماية المواطنين المصريين في أعقاب التفجيرات الانتحارية التي أصابت كنيستين خلال أحد السعف، وأودت بحياة 45 شخصاً على الأقل.
ومع ذلك، يذكر العديد من أقباط مصر، الذين تتراوح نسبتهم بين 5% إلى 10% من تعداد السكان، أن حالة الطوارئ التي تم فرضها في أنحاء البلاد في 10 أبريل/نيسان لم تنجح في حمايتهم.
ورداً على اعتداء الجمعة، شنت الحكومة المصرية ست ضربات جوية على معسكرات تدريب الجهاديين في مدينة درنة الليبية. وأعلن تنظيم داعش لاحقاً مسؤوليته عن اعتداء المنيا، بينما أصدر مجلس شورى المجاهدين، وهو مجلس تابع لتنظيم القاعدة يسيطر على منطقة درنة التي تستهدفها مصر، بياناً يؤكد عدم مسؤوليته عن اعتداء الجمعة، حيث أن سياسته لا تستهدف المدنيين.
كما عزز الجيش المصري رقابته على المثلث الحدودي مع ليبيا والسودان عند منطقة جبل العوينات في أقصى الجنوب الغربي الذي يبعد حوالي 900 كلم عن موقع استهداف العشرات من الأقباط في محافظة المنيا (جنوبي القاهرة 150 كم).