إن مع العسر يسراً

تفويض أمورنا لله -عز وجل- عمل جيد جداً، منه سنثبت له -سبحانه- أننا واثقون فيه، وأنه وحده تعالى القادر على جبر وفك كربنا، فهو الميسر لكل صعب، والمدبر لأمورنا، وليس البشر.

عربي بوست
تم النشر: 2017/05/16 الساعة 01:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/05/16 الساعة 01:35 بتوقيت غرينتش

الحمد لله على نعمة الإسلام حمداً مباركاً طيباً.

أيها الإنسان.. كيف تسوّل لك نفسك أن تعيش داخل قوقعة من الحزن، والهم والغم الدائم، وأنت تعلم أن لنا رباً سميعاً مجيب الدعاء، ميسّر الأحوال!

فبعد الجوع هناك شبع وقناعة، وبعد المرض شفاء طاهر، وبعد الفقر غنى، وكذلك بعد السهر هناك نوم عميق، وبعد الحزن فرح، وبعد الفشل نجاح، وهكذا دواليك.

كل يوم يمر من هذه الدنيا الفانية نعيشه بحاله المقدر لنا، هذا طبيعي، لكن الأهم ردة الفعل!

يعني كيف يمكن أن نستقبل هذا الحال، سواء كان في مصلحتنا أو العكس، فالله -سبحانه وتعالى- يختبر عباده فقط لا غير، فالمؤمن الحقيقي هو من يؤمن بالقدر خيره وشره، ويحبو إلى الله في كل وقت وحين، في العسر وفي اليسر، شاكراً إياه -تعالى- متوكلاً عليه، رافعاً الدعاء مناجياً إياه، فأفضل العبادة انتظار الفرج؛ لقوله تعالى: "ومَن يتَّقِ اللهَ يجعل له من أمره يسراً" (سورة الطلاق).

ربما في وقتنا الحاضر لم تعد الروح تتحمل، أو بالأحرى لا مجال لها للصبر، فقد أضحى هذا الأخير صعب التحمل، النفس تفرح لليسر، وتحزن للعسر، متناسية أن مَن منح اليسر وهب أيضاً العسر، والمصيبة أن بعض النفوس البشرية تلتجئ وتهرول إلى الله بسرعة فائقة أثناء حاجتها إليه يعني "المصلحة الدنيوية".

"وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ" (سورة البقرة)، من هذه الآية المباركة نستخلص أن الشكوى واللجوء يكونان إلى الباري جلَّ في علاه، ولكن لمَ يشكو الإنسان لأخيه ويعلن فضائحه للعموم، راجياً الراحة النفسية، تاركاً من يمنحها بدون مقابل؟!

سبحان الله! حتى ولو اعترفنا بإيماننا بالقدر خيره وشره، فروحنا لا تحتمل الألم والصراخ الداخلي، دائماً الروح تتهم الحياة باعتبارها صاحبة الهموم والمشاكل، وهناك مَن يتمنى الموت إذا ما أصابته مصيبة لا قدر الله.. لماذا؟ أي هم صاحبه صبر جميل، أكيد سيتبعه فرج طيب، إن شاء الله.

تفويض أمورنا لله -عز وجل- عمل جيد جداً، منه سنثبت له -سبحانه- أننا واثقون فيه، وأنه وحده تعالى القادر على جبر وفك كربنا، فهو الميسر لكل صعب، والمدبر لأمورنا، وليس البشر.

مثال بسيط: الحبل إذا اشتد واشتد سينقطع، هكذا هي أحوالنا تتغير من حين لآخر.

الحياة بهمومها ومصائبها تجعلنا نعيش في مهب الريح، نفقد الأمل في كل شيء، ولكن إذا أمعنا النظر ولو بالقليل في عبارة "كلنا راحلون"، نستنتج منها أن الإنسان بذاته راحل، فما بالك بالحال فهو أيضاً سيرحل إلى حال آخر، فمن المحال دوام الحال، فالنصر مع الصبر، والفرج مع الكرب، و"إن مع العسر يسراً".

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد