بعد عام من تغيير جمهورية التشيك لاسمها.. هل تعرف المسمى الجديد؟ حتى مواطنوها اختلط عليهم الأمر

عربي بوست
تم النشر: 2017/05/11 الساعة 06:09 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/05/11 الساعة 06:09 بتوقيت غرينتش

قبل ما يربو عن العام بقليل، أعلن الساسة التشيكيون أنَّ بلادهم ستحصل على اسمٍ جديد: هو "تشيكيا".

وهدفت تلك الخطوة إلى تصحيح خطأٍ لساني جغرافي، إذ إن الدولة ليس لديها اسم قصير شائع كمعظم دول العالم، بل يستخدم عادة الاسم الطويل الرسمي فقط وهو جمهوريات التشيك، حسب تقرير لصحيفة واشنطن بوست الأميركية.

وأشارت الصحيفة إلى أن الكثير من الدول تمتلك اسماً طويلاً مُعيَّناً، يُستَخدَم بصورةٍ أكثر رسمية، واسماً آخر قصيراً يُستَخدَم في معظم المواقف الشائعة.

فعلى سبيل المثال، يمتلك الشطر الآخر من جمهورية تشيكوسلوفاكيا السابقة (التي تكونت من التشيك وسلوفاكيا) اسماً طويلاً هو الجمهورية السلوفاكية، لكنَّ هذا الشطر يُعرَف على نحوٍ أكثر شيوعاً باسمه القصير، سلوفاكيا. وتتبع بلدانٌ أخرى مثل روسيا (الاتحاد الروسي)، وألمانيا (جمهورية ألمانيا الاتحادية) هي الأخرى نمطاً مماثلاً.

ومع ذلك، ومنذ أصبحت التشيك دولةً مستقلة عام 1993، كانت هناك طريقةٌ واحدةٌ فقط للإشارة إلى جمهورية التشيك باللغة الإنكليزية، وذلك باستخدام اسمها الطويل: جمهورية التشيك. وفي التشيك نفسها، كانت هناك مخاوف من أنَّ ذلك قد يكون مُربِكاً، وربما يضر بالنفوذ التشيكي على الساحة الدولية. فبحسب وكالة الأنباء التشيكية، قال وزير الخارجية لوبومير زاوراليك: "إنَّ عدم تحديد دولةٍ ما لرموزها بوضوح، أو حتى عدم ذكرها لاسمها بوضوح، ليس أمراً جيداً".

لماذا رفض اسم التشيك؟

ورغم أنه سبق أن ارتدى فريق هوكي الجليد المفضل في جمهورية التشيك قمصاناً مكتوباً عليها "التشيك"، كما قامت أكبر شركة مصدرة للمشروبات في البلاد بكتابة كلمة "التشيك" على زجاجاتها. ولكن لفظة "التشيك" دون جمهورية تعتبر وصفاً، ولا يمكن استخدامها كاسم للدولة، وفقاً لما جاء في تقرير لقناة العربية.

ولهذا، في أبريل/نيسان 2016، أضافت جمهورية التشيك اسم تشيكيا الأكثر رسميةً إلى قائمة أسمائها. لكن الآن، وبعد 13 شهراً من ذلك، هل يستخدم أحدٌ حقاً هذا الاسم الجديد اللاذع؟

تقول واشنطن بوست "لم يحدث هذا. فحينما شهدت البلاد أزمةً سياسية في بداية مايو/أيار، أشارت كافة وسائل الإعلام الصادرة باللغة الإنكليزية، مثل وكالة أسوشيتد برس وهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، إلى البلاد باستخدام اسم "جمهورية التشيك".

وفي الحقيقة، لا تزال أغلبيةٌ واسعة من وسائل الإعلام الصادرة باللغة الإنكليزية تستخدم الاسم الطويل القديم، بما في ذلك صحيفة واشنطن بوست الأميركية التي أعدت التقرير. وفي الوقت نفسه، تشير المعلومات الواردة من محركات البحث إلى أنَّ اسم تشيكيا لا يزال ينتظره طريقٌ طويل قبل أن يتمكن من مجاراة اسم جمهورية التشيك.

حتى التشيكيون لا يستخدمونه

وتشير بعض التقارير إلى أنَّه حتى المواطنون التشيكيون أنفسهم قد أربكهم الاسم الجديد. ففي أكتوبر/تشرين الأول 2016، سألت صحيفة الغارديان البريطانية عدداً من المواطنين في براغ عن الاسم، وجاءت الردود سلبيةً بصورةٍ كبيرة. وأوضح أحدهم: "لا أحد يدعوها بتشيكيا، ولا أعرف السبب. لقد اعتاد الناس على اسم جمهورية التشيك حتى الآن، وأرى أنَّنا يجب أن نتمسَّك به".

وربما تكمن بعض التخوُّفات المُتعلِّقة بالاسم داخل الحكومة التشيكية ذاتها. إذ لا تزال السفارة التشيكية في واشنطن تشير إلى البلاد باسم جمهورية التشيك بصورةٍ تكاد تكون حصرية في إصداراتها الرسمية، وهو اتجاه تتبنَّاه كذلك سفارات التشيك في البلدان الأخرى الناطِقة بالإنكليزية مثل كندا، وبريطانيا، وأستراليا. وفقاً لتقرير واشنطن بوست عربي.

وقلَّما تستخدم المؤسسات الأخرى أيضاً اسم تشيكيا: فالرياضيون التشيكيون بصفةٍ عامة لا يستخدمون الاسم في المحافل الرياضية الدولية، كما لا يُستَخدَم بصورةٍ واسعة في الإصدارات والدعاية السياحية الرسمية.

وقالت بافلا فيليكينوفا، المُتحدِّثة باسم السفارة التشيكية في واشنطن، في بريدٍ إلكتروني، إنَّ اسم تشيكيا كان "من المفروض أن يُستخدَم في الاتصالات الأقل رسمية، في حين يُستخدَم الاسم الكامل في المناسبات الرسمية". وأضافت أنَّ اسم تشيكيا يُستَخدَم "كلما كان ذلك مناسباً"، بما في ذلك في العروض المُوجَّهة لمجموعاتٍ مختلفة، وفي بعض كُتيبات الأعمال.

ومع ذلك، قال مؤيدو الاسم القصير إنَّهم يشعرون بخيبة أمل من أنَّ بعثاتهم الدبلوماسية لم تكن منخرِطةً بصورةٍ أنشط في الترويج لاسم تشيكيا.

فقال بيتر بافلينك، مُمثِّل مبادرة تشيكيا، وهي مجموعة تدعو لتبنّي الاسم بصورةٍ أكبر، إنَّ "حقيقة أنَّ السفارة التشيكية في العاصمة واشنطن مستمرة في عدم استخدام اسم تشيكيا رسمياً هي أمرٌ محرج. وإذا لم تكن الدولة التشيكية ومسؤولوها مستعدين لتعلُّم استخدام اسم تشيكيا في المواقف المناسبة التي تستخدم فيها الدول الأخرى أسماءها القصيرة، فإنَّ اسم تشيكيا سيواجه صعوبةً شديدة حتى يصبح شائعاً".

اسم قاسٍ

ولا يعدو هذا التحرُّك البطيء تجاه استخدام اسم تشيكيا كونه الفصل الأحدث ضمن القصة الخِلافية بشأن اسم البلاد. ففي اللغة التشيكية، يُستخدم الاسم "Cesko" للإشارة إلى جمهورية التشيك. ويُعتَقَد أنَّ هذا الاسم يعود إلى القرن الثامن عشر، رغم أنَّه أصبح يُستخدَم رسمياً فقط في القرن العشرين. لكن لهذا الاسم منتقدوه. فقد أخبر أحد رسَّامي الخرائط التشيكيين راديو براغ عام 2004 أنَّه يكره الاسم لأنَّه "قصيرٌ، ويبدو قاسياً". لكنَّ استخدامه واسع الانتشار الآن.

ويُمثِّل اسم "Cesko" القاعدة التي تستند إليها العديد من الأسماء القصيرة لجمهورية التشيك في اللغات الأجنبية. إذ يُشار إلى البلاد باسم "Tschechien" في اللغة الألمانية على سبيل المثال، أو "Tchéquie" في اللغة الفرنسية، لكنَّه لم يَشِع أبداً في اللغة الإنكليزية. وجزءٌ من السبب تاريخي؛ إذ كان يُشار إلى تلك الأراضي التي تُشكِّل الآن التشيك في اللغة الإنكليزية باسم بوهيميا حتى القرن العشرين، وهي الكلمة التي تُترجَم إلى "Cechy" في اللغة التشيكية. ومع ذلك، تُشير كلمتا بوهيميا و"Cechy" عملياً إلى منطقةٍ واحدةٍ فقط في التشيك الحديثة، دون أن تشملا المنطقتين الأخريين: مورافيا وسيليزيا.

من أين جاء اسم تشيكيا؟

ويقول مؤيدو اسم "تشيكيا" إن الكلمة في الإنكليزية يمكن تتبعها حتى القرن الـ19، وإن سلطة مسح الأراضي ورسم الخرائط التشيكية دونته بعد وقت قصير من انقسام تشيكوسلوفاكيا كاسم إنكليزي بديل محتمل، حسب موقع العربية.

ومع ذلك، تمتلك هي الأخرى منتقديها، ومن بينهم بعض الذين يشعرون أنَّها تبدو قبيحة (يدَّعي البعض أنَّها تبدو شبيهةً كثيراً بكلمة الشيشان). وبدلاً من ذلك، ظلت السلطات تستخدم اسم جمهورية التشيك، في حين استخدمت بعض الشركات كلماتٍ مُصطنعة مثل "Czechlands أو "تشيكلندا" للترويج لنفسها بالإنكليزية، وفقاً لما جاء في تقرير واشنطن بوست.

وبالنظر إلى فارق الـ23 عاماً بين استقلال الجمهورية التشيكية وبين تبنّي اسم تشيكيا، ربما لا يكون من المفاجئ أن يستغرق الاسم وقتاً حتى يصبح شائعاً. ويحرص المؤيدون أيضاً على الإشارة إلى النجاحات التي حقَّقوها على مدار العام السابق، بما في ذلك حقيقة أنَّ وزارة الخارجية الأميركية، ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وخدمة خرائط جوجل تستخدم جميعها حالياً اسم تشيكيا، وكذلك الاسم قد أُضيف إلى قاعدتي بيانات الأمم المتحدة الرسميتين لأسماء الدول: UNGEGN وUNITERM.

كما أنَّ لدى الاسم جمهوراً رفيعاً، بما في ذلك الرئيس التشيكي ميلوس زيمان، الذي استخدم الاسم خلال مقابلةٍ في يناير/كانون الثاني 2017، مع صحيفة واشنطن بوست.

لكن رغم ذلك، يقول بافلينك إنَّ الانتشار البطيء للاسم أمرٌ مُتوقَّع. فقال: "علينا أن نكون واقعيين"، مُضيفاً أنَّه "لا يمكن أن نتوقع تحوُّل العالم والتشيكيين إلى استخدام اسم تشيكيا بين عشيةٍ وضحاها". ولكن في نهاية المطاف، اعتاد العالم أخيراً على اسم تشيكوسلوفاكيا، الذي "يُعَد كلمةً أصعب كثيراً في نطقها وتهجئتها"، على حد قوله.

تحميل المزيد