يبدو رئيس بلدية طهران ذو الشخصية الكاريزمية مرشحاً قليل الحظوظ في انتخابات الرئاسة الإيرانية، لكنه قد يمثل التهديد الأساسي للرئيس الحالي حسن روحاني، إذا ما تغلب على المحافظين، وأصبح منافسه الوحيد في الجولة الثانية.
وحتى الآن يتحدى باقر قاليباف (55 عاماً)، القائد السابق بالحرس الثوري الذي يحمل رخصة طيران ويوجه رسالة اقتصادية تداعب آمال الجماهير، المؤسسة الدينية في البلاد، برفضه الانسحاب من السباق قبل الانتخابات المقررة، يوم 19 مايو/أيار.
وفي الانتخابات السابقة التي أجريت قبل 4 سنوات اقترب قاليباف جداً من الوصول إلى الجولة الثانية، رغم أنه جاء في المرتبة الثانية بفارق كبير بعد روحاني، ولم يحصل سوى على 16.5% من الأصوات. وحصل روحاني الذي وعد بتقليل عزلة إيران الدولية وتعزيز الحريات على نسبة أصوات تزيد على 50%، مما جنبه الدخول في جولة ثانية.
لكن هذه المرة يلقي المحافظون في المؤسسة الدينية المهيمنة، الذين يرغبون في الإطاحة بروحاني، رهانهم على إبراهيم رئيسي وهو قاضٍ ورجل دين تعلم على يد الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي.
ولا يسعدهم دخول رئيس بلدية طهران من جديد ليقسم الأصوات المناهضة لروحاني.
خطر على المؤسسة
وقال مسؤول في طهران، طلب عدم الكشف عن هويته: "قرار قاليباف الاستمرار في السباق يشكل خطراً عليه وعلى المؤسسة"، وأضاف: "سيقسم ذلك أصوات المحافظين، وسيُهدد كذلك مستقبله المهني، فقد تجاهل دعوة شخصيات محافظة مؤثرة له بالانسحاب".
مع ذلك ربما يأمل قاليباف، بعد سجله السابق في جذب ملايين الناخبين، في التغلب على رئيسي في الجولة الأولى، ليواجه روحاني في الجولة الثانية بعد أسبوع، مما سيجبر المحافظين على الاحتشاد خلفه.
وكان مسار مشابه قد أوصل محمود أحمدي نجاد، وهو رئيس شعبوي آخر لبلدية طهران، إلى مقعد الرئاسة في انتخابات 2005، لكن لم يبدد ذلك استياء المؤسسة.
ومن منظور قاليباف، كان يمكن أن يكون هو الفائز في تلك الانتخابات: فقد استقال من مناصبه العسكرية في عام 2005 لخوض انتخابات الرئاسة، وكان ينظر إليه باعتباره مرشحاً قوياً، لكنه خسر المعركة الحاسمة ليأتي في المرتبة الثانية بعد أن حول المحافظون تأييدهم لصالح أحمدي نجاد.
وحصل أحمدي نجاد على نسبة 19.5% من الأصوات في الجولة الأولى، وهو ما أهَّله لخوض الجولة الثانية التي اقتنص فيها فوزاً مفاجئاً على الرئيس الأسبق أكبر هاشمي رفسنجاني.
وخلف قاليباف أحمدي نجاد في رئاسة بلدية طهران، وهو منصب يحتفظ به حتى الآن.
ويروج قاليباف لتاريخه، باعتباره شخصاً عملياً قادراً على حلِّ المشكلات، عالج متاعب صعبة متعلقة بالبنية التحتية في العاصمة، وحسَّن المواصلات العامة.
لكن المرور المتسم بالفوضى في طهران، والتحقيق في قضية فساد في عام 2016، ومقتل 50 من رجال الإطفاء في انهيار مبنى من 17 طابقاً، في يناير/كانون الثاني، كانت من العوامل التي أثرت سلباً على شعبيته.
كما أن قاليباف معروف لدى النشطاء في مجال الحقوق المدنية والإصلاحيين بدوره السابق كقائد شرطة، كان يتباهى بسحق الاحتجاجات وقيامه شخصياً بضرب متظاهرين.
وانضم قاليباف إلى قوات الحرس الثوري وهو في التاسعة عشرة من عمره، وعمل قائداً للقوات الجوية بها منذ عام 1996. وما زال يحمل تصريح قيادة طائرات كبيرة. وعيَّنه خامنئي قائداً للشرطة بعد أن أثارت حملة دموية على الطلاب في طهران اضطراباتٍ في مختلف أرجاء البلاد في عام 1999.
ونشرت مواقع معارضة، والحملة الدولية لحقوق الإنسان في إيران ومقرها الولايات المتحدة تسجيلاً صوتياً مدته ساعتان، يصف فيه قاليباف كيف أنه شخصياً ضرب المتظاهرين بالعصي.
وكان ضمن مجموعة من قادة الحرس الثوري أرسلت في يونيو/حزيران عام 2003 خطاباً للرئيس في ذلك الوقت محمد خاتمي، الذي ينظر إليه حالياً باعتباره مؤسس الحركة الإصلاحية في إيران، يهددون فيه فعلياً بانقلاب ما لم يتعامل الرئيس بصرامة مع الاحتجاجات.