منذُ ولدنا ونحنُ ملقنّين بـ"افعل، ولا تفعل، اقرأ، ولا تقرأ"، نولد أحراراً وأبوانا يُهودانا أو يُنصرانا أو يَجعلانا مُسلمين، أو ما إلى ذلك من عقائدَ أو أديان.
وأحياناً ندخل في عصبية في الدين والأقارب والعشائر والبلاد قولاً وفعلاً، سعياً منا لحماية أنفسنا ضمن إطار ولو كان غير منصف، وهذه العصبية، سواء كانت متشددة أو غير متشددة، تُخرجنا عن البحث عن الحقيقة التي تقع بين الحق والباطل بقيدِ شَعرة.
فلما كان البحث عن الحقيقة يتطلب معرفة الباطل، فلا بدَّ للإنسان أن يَمخرَ عِبابَ المعرفة من أصولها، سواء في الرذائل والفضائل.
ومن أخطر الحقائق الاعتدال الذي تقف عندهُ البشرية، مع أن الاعتدال هو الحكمة التي تُروض النفس البشرية بالتوازن، فالاعتدال يُدخلنا في عذاب جسماني وروحي، فهو يحرك السعي بين الخطيئة وكسب الطاعات، فلا ينال هذا ولا هذا.
وتخلو فجأة الحقيقة الكاملة الهادفة من حياة الإنسان نتيجة للفكر الذي أدمنَ عليه، وأنَ لا أحد يحيط بالإدراك دون أن يَذهب عقلهُ بعيداً، وهذا ما يقال بأن النفوسَ تزهق عندما تُدرك العقول.
ومُقتضى الأمر هو الوقوع بين العقل والنقل الذي يمنع جميع ما يمكن أن يؤدي إلى معرفة، حيث البقاء بالمعرفة المكتسبة تبقى على الفرد عبداً للتبعية المرجعية الدينية أو الطائفية.
ينبغي للعاقل أن يتفكر بأن كل كائن حي يمكن أن يرتقي نحوَ الأصلح عن طريق رفع درجات المعرفة، والبحث دون التقيد بالأعراف والتقاليد والأديان وضمن الخطوط الإنسانية.
وفي النهاية ليس كل ما ينبغي يُطال، فمجتمعاتنا ضالة ومُضلة على نحوٍ فاسد لخلو الناحية الإنسانية فيها، فكل الحقائق تدل على أن الإنسان محور الكون في روحه وجسده، ولو علم مُهمته الإنسانية الحقيقية لوجدنا مجتمعاتنا ترتقي صعوداً نحو الكمال بعقائد حُرة من كل تعصب مرجعي.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.