عقدت لجنة ثلاثية للتنسيق بين اليمن والسعودية والإمارات، الأربعاء 3 مايو/أيار 2017، أول اجتماعاتها في مدينة جدة؛ لإزالة أسباب التوتر اليمني-الإماراتي الناجم عن تغييرات حكومية قام بها الرئيس اليمني؛ أُقيل بموجبها محافظ عدن (جنوب اليمن) اللواء عيدروس الزبيدي، ووزير الدولة هاني بن بريك.
واللجنة الثلاثية إحدى ثمار اللقاء الذي جمع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز بالرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، خلال الأسبوع الجاري، في جدة؛ للوقوف على تطورات الأوضاع اليمنية.
ووفقاً لوكالة الأنباء السعودية (الرسمية)، عقدت اللجنة اجتماعها الأول برئاسة نائب الرئيس اليمني، علي محسن الأحمر، وعضوية ممثلين عن السعودية والإمارات (لم تُحدد هويتهما).
وحسب الوكالة، "اطلعت اللجنة على مجمل الأوضاع ذات الصلة بمجال عملها، وفحوى الاتصالات التي تمت مؤخراً، بين القيادات السياسية في هذه الدول".
وذكرت أن اللجنة "ثمَّنت التوجيهات المستمرة للقيادات في المملكة والإمارات واليمن برفع مستوى التنسيق والتعاون في إطار التحالف العربي لدعم الشرعية اليمنية".
وأشارت الوكالة السعودية إلى أن اللجنة "ناقشت ما تم إدراجه على جدول أعمالها من موضوعات تتعلق بالعمل الأمني وسير العمليات العسكرية في اليمن؛ لاستكمال تحرير ما تبقى من الأراضي اليمنية الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين (الحوثيين، وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح)، وأقرت توصياتها بإجماع أعضائها".
وذكرت أن اجتماعات اللجنة ستتوالى بشكل دوري، دون أن تكشف عن أي نتائج واضحة للاجتماع، خاصة فيما يتعلق بالحشد الجماهيري المزمع تنظيمه، الخميس 4 مايو/أيار الحالي، في مدينة عدن، والذي من المقرر أن يلقي فيه محافظ عدن المقال، عيدروس الزبيدي، كلمة يحدد فيها موقفه من القرار الصادر بإقالته، الخميس الماضي.
وأثارت قرارات الرئيس هادي، الخميس الماضي، بإقالة محافظ عدن، ووزير الدولة هاني بن بريك، حالة غضب كبيرة لدى المسؤولين الإماراتيين الذين يدعمون الوزير والمحافظ المقالَين.
الرئيس هادي: الإماراتيون يتصرفون كما لو كانوا قد احتلُّوا اليمن!
نقل موقع بريطاني مهتم بالشأن العربي عن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي تصريحات غاضبة، قال فيها إن ولي عهد أبوظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، محمد بن زايد/ يتصرف كمُحتلٍّ لليمن وليس كأحد محرريها، وذلك في سياق التعليق على الأزمة المحتدمة بين الطرفين خلال الأسابيع الأخيرة.
وقال الموقع إن العداء بين القائدين يهدد بتقسيم التحالف بين القوات التي تقاتل ميليشيات الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن.
وقالت مصادر قريبة من هادي لموقع "ميدل إيست آي"، إنَّ مقابلةً خيَّم عليها الغضب جرت بين القائدين عندما سافر هادي إلى أبوظبي في محاولةٍ لحل الخلافات حول السيطرة على مطار عدن، وهو أحد الطرق الرئيسية لإرسال الإمدادات إلى القوات المدعومة من الإمارات والرئيس اليمني نفسه.
واستمر الاجتماع بين القائدين، والذي جرى في شهر فبراير/شباط الماضي، 10 دقائق في غرفة جانبية بالقصر، وليس في مكان الاجتماعات الرسمي المخصص للزوار، وانتهى بموجةٍ من الغضب وتبادل الاتهامات بين الطرفين، وفقاً لما ذكرته المصادر.
وعندما ذَكَّر محمد بن زايد، الرئيس اليمني بما ضحّت به الإمارات في سبيل تحرير اليمن، ردَّ عليه هادي بأنَّ الإماراتيين يتصرفون "كما لو أنَّهم قوة احتلال في اليمن وليس قوة تحرير"، الأمر الذي زاد من غضب محمد بن زايد.
وباءت محاولتان على الأقل بالفشل من قِبل السعودية للتوسط لحل الخلاف بين القائدين، كما أمر هادي بإقالة مسؤولين لعلاقاتهما بالإمارات، وهما محافظ عدن عيدروس الزبيدي، ووزير الدولة هاني بن بريك، وهو قائد قوات الحزام الأمني في عدن والذي تديره الإمارات.
مواجهة مطار عدن
وكانت بدايات أزمة مطار عدن عندما لم يستطع الرئيس هادي نفسه الحصول على إذنٍ بالهبوط في مطار عدن أوائل شهر فبراير/شباط؛ الأمر الذي اضطره إلى الهبوط على جزيرة سقطرى اليمنية قبل أن يحاول العودة إلى عدن مرة أخرى.
ورَدّ هادي على الواقعة بإقالة رئيس المطار الذي رفض أن ينفذ الأوامر.
وأمر هادي، العميد مهران قباطي، قائد اللواء الرابع مدرع لقوات الحرس الرئاسي، بمحاصرة المطار؛ الأمر الذي أدى إلى وقوع اشتباكاتٍ بين الطرفين بعدها.
وحاولت السعودية التوسط بترتيب اجتماع بين وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس اليمني، ومحمد بن زايد في الرياض، بينما جرى الاجتماع الذي وقع في أبوظبي بين هادي ومحمد بن زايد بعد أسبوعين من الاجتماع الأول.
وهدد هادي بالاستمرار في الإقالة، إلا أنَّ الرياض حاولت التدخل مرةً أخرى.
وبدا أن كل الأمور قد هدأت حتى الأسبوع الماضي، عندما وقعت حادثةٌ ثانية في المطار؛ وذلك حينما هبطت طائرة قباطي في مطار عدن، ولكنَّ الإماراتيين المسؤولين في المطار رفضوا أن يسمحوا له بالمغادرة.
ورفض قباطي مغادرة المطار في الطائرة نفسها التي أتى بها. إلا أنَّ الأزمة حُلَّت عندما أرسلت السعودية طائرة خاصة لتعيد العميد إلى الرياض.
وكانت هذه الواقعة هي القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة لهادي، الذي أقال بعدها محافظ عدن ووزير الدولة، وتقول مصادر إنَّه ستكون هناك إقالاتٌ أخرى.
وقال الموقع إن السعوديين قاموا خلال تلك الأزمة بدعم هادي علناً؛ إذ التقى العاهل السعودي الملك سلمان أولاً، ثم سفير الولايات المتحدة الأميركية في الرياض.
وقال الموقع إنه من غير المعروف ما سيفعله محمد بن زايد الآن. فبعيداً عن وجود قوات إماراتية خاصة في اليمن، توسع الإمارات قبضتها على جنوب اليمن عن طريق تمويل جماعاتٍ موالية لها هناك، وتصل قوة إحدى هذه الجماعات إلى 15 ألف شخص.
وانتقد وزير خارجية الإمارات، أنور قرقاش، إقالة الرجلين، اللذين وصفهما بقربهما من الإمارات.
وقال قرقاش في تغريدةٍ نشرها على حسابه الشخصي بتويتر: "من قواعد العمل السياسي، أن تبني الثقة مع حلفائك ولا تطعن في الظهر، وأن تكون قراراتك بحجم قدراتك، وأن تقدم المصلحة العامة على الخاصة".
من قواعد العمل السياسي، أن تبني الثقة مع حلفائك ولا تطعن في الظهر، وأن تكون قراراتك بحجم قدراتك، وأن تقدم المصلحة العامة على الخاصة.
— د. أنور قرقاش (@AnwarGargash) April 29, 2017
وكان الغضب الإماراتي تجاه هادي واضحاً كذلك في تغريدةٍ نشرها ضاحي خلفان تميم، نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي.
وقال ضاحي في تغريداته: "تغيير هادي ضرورة ملحة لأمن اليمن والمنطقة بأسرها"
وأضاف: "أولى خطوات الحل في اليمن، هي إنهاء فترة حكم هادي التي تآكلت مع الزمن".
وتابع ضاحي: "ما تنجزه الإمارات والمقاومة يَهدُّهُ هادي.. أي رئيس هذا يستحق أن نتعامل معه؟!".
وقد استمرت حملة "عاصفة الحزم" التي تدعمها السعودية ضد الحوثيين لمدة عامين، ولم يُظهِر المتمردون الحوثيون أي علاماتٍ على التراجع عن العاصمة اليمنية صنعاء. ولقي نحو 10 آلاف شخصٍ مصرعهم في الحملة، وأصيب 40 ألفاً آخرون.
وكان موقع "ميدل إيست آي" قد ذكر مؤخراً أنَّ لواءً من القوات الباكستانية قد نُشِرَ لحماية الحدود الجنوبية الضعيفة للمملكة العربية السعودية من الضربات والهجمات الصاروخية من قِبَل الحوثيين.