على وقع مخاوف من الامتناع عن التصويت في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية الأحد 6 مايو/أيار 2017 تضاعفت الدعوات لدعم المرشح الوسطي المؤيد لأوروبا إيمانويل ماكرون عشية المناظرة التلفزيونية مع مارين لوبن.
فمن جانب الفنانين والسياسيين وأرباب العمل والناشطين في جمعيات وكبرى وسائل الإعلام، تضاعفت المقالات والمذكرات لصالح مرشح حركة "إلى الأمام!" لقطع الطريق أمام الجبهة الوطنية التي تسعى لإقناع الخائبين من نتائج الدورة الأولى والمترددين قبل 5 أيام من الاقتراع.
وتتوقع استطلاعات الرأي جميعها فوزاً ساحقاً لماكرون لكن الفارق مع لوبن يتقلص في حين أن نسبة المقاطعة تراوح بين 22 و28% الأحد.
مساعد أثينا
وآخر داعمي ماكرون وزير المال اليوناني السابق يانيس فاروفاكيس الذي دعا الثلاثاء للتصويت لماكرون "الوزير الوحيد في أوروبا الذي بذل كل ما في وسعه" لمساعدة أثينا خلال أزمة الديون.
وفي صحيفة "لو موند" قال فاروفاكيس أنه "يرفض أن يكون جزءاً من جيل تقدميين أوروبيين كان في إمكانهم منع مارين لوبن من الفوز في الانتخابات الرئاسية الفرنسية لكنه لم يفعل".
ويأتي هذا الموقف في وقت تنشر حركة "فرنسا المتمردة" اليسارية الراديكالية نتائج مشاوراتها مع ناشطيها. ويرفض مرشحها جان لوك ميلانشون الذي حصل على 19,58% من الأصوات في الدورة الأولى، الدعوة صراحة للتصويت لماكرون انطلاقاً من رفض برنامجه الاجتماعي-الليبرالي محذراً الناخبين من "الخطأ الفظيع" للتصويت للجبهة الوطنية.
وأظهرت نتائج استطلاع للرأي عبر الإنترنت أن ثلثي أنصار مرشح اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون يعتزمون إما الامتناع عن التصويت وإما الاقتراع بورقة بيضاء في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، مقابل 35 في المئة فقط سيصوتون لماكرون.
من جانبهم دعا فنانون إلى قطع الطريق أمام الجبهة الوطنية كالمخرجين السينمائيين ماتيو كاسوفيتس ولوك بوسون ومدير مهرجان أفينينون الشهير أوليفييه بي وحائز جائزة نوبل للآداب جان ماري لو كليزيو وعدد من المغنين والرسامين.
والثلاثاء أخذت صحيفة "لا كروا" الكاثوليكية موقفاً بعد عدة صحف وطنية مؤكدة أن "الامتناع عن التصويت لا يكفي حيال ما قد يحصل إذا انتخبت مارين لوبن".
ومن ناحية أرباب العمل أعرب العديد منهم على غرار رئيس مجلس إدارة مجموعة إيرباص الأوروبية توم آندرز، عن "دعمهم التام" لوزير الاقتصاد السابق في الحكومة الاشتراكية (2014-2016) أمام منافسته من الجبهة الوطنية المعادية للهجرة واليورو.
جذب الخائبين
ولا تحظى مارين لوبن إلا بدعم محدود. ولوبن التي كانت هجومية منذ "النتائج التاريخية" للدورة الأولى تطرح نفسها على أنها مرشحة الشعب في مواجهة "المؤسسات" و"النخب".
واللافت أن قسماً من ناخبي المحافظ فرنسوا فيون (20,01%) يرفض حتى أن يسمع باسم ماكرون باعتباره وريث الرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند في نظرهم.
وخلال تجمع كبير الإثنين أوردت لوبن في خطابها أربع فقرات كاملة من كلمة لفرنسوا فيون حول الهوية الفرنسية ما أثار جدلاً.
وقال نيكولا باي أمين عام الجبهة الوطنية عشية المناظرة التلفزيونية بين المرشحين مساء الأربعاء قبل ثلاثة أيام من الدورة الثانية "ليس اقتباساً بل إنها خطوة متعمدة".
ورد فرنسوا فيون الثلاثاء بالقول "ليس لأن فرنسا مريضة علينا أن نلقي بأنفسنا من النافذة" محذراً من برنامج لوبن الاقتصادي. ودعا مرشح اليمين منذ مساء الدورة الأولى إلى التصويت لماكرون للتصدي لليمين المتطرف كالعديد من شخصيات معسكره.
ومساء الثلاثاء ينظم في باريس تجمع لأوساط الثقافة "ضد الجبهة الوطنية" ومنتدى "ضد المقاطعة" سيضم الجمعة شخصيات سياسية من اليمين واليسار.
في هذا الإطار وبعد التصويت المفاجىء لصالح دونالد ترامب في الولايات المتحدة أو بريكست في بريطانيا، أعرب البعض عن القلق من أثر مضاد رداً على الدعوات لصالح إيمانويل ماكرون.
وكتبت صحيفة "لي زيكو" الاقتصادية "قد يتحولون إلى سموم" مذكرة بأن "دفاع الشخصيات الكبرى في المجالين السياسي والثقافي عن (المرشحة الأميركية السابقة) هيلاري كلينتون أعطى انطباعاً للطبقات الشعبية بأنها تحتقرها".