خمس حقائق للآباء الذين فقدوا أطفالهم

عندما يموت طفلكم، لا يكون هناك "تجاوز للأمر"، ستضحكون مرة أخرى، وستستمتعون بالحياة مرة أخرى، وستحبون مرة أخرى، ولكنكم أيضاً قد تبكون في كل صباحات أعياد الكريسماس، وفي كل مناسبات أعياد الميلاد وأحياناً بسبب ذلك وحسب، لا بأس في ذلك؛ لأنكم عانيتم من جرح لا يلتئم كلياً،

عربي بوست
تم النشر: 2017/04/26 الساعة 02:45 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/04/26 الساعة 02:45 بتوقيت غرينتش

بصفتي متخصصة في معالجة حالات الأسى، أفهم أن الحياة مليئة بالفقد، وبصفتي امرأة انتحر زوجها ومرت بوفاة والدها وأحد إخوتها، أعرف كيف هو الشعور بالأسى.

إذا كنت شهدت وفاة طفلك، فأنت تدرك أن حياتك لن تصير "طبيعية" مرة أخرى، ولكن أملي أن تجد بعض العزاء مما تعلمتُه بصفتي مرشدة لعلاج الأسى ومن خلال رحلتي الخاصة للبحث عن السلام بعد الفقد.

تُعد وفاة أحد الأطفال شيئاً لا يمكن تخيله بالنسبة لكثيرين، ومع ذلك، من المهم أن نلاحظ عدم وجود "مستويات" من الخسارة.

ليس هناك علاقتان متشابهتان؛ لذا من المهم ألا نقارن تجربة شخص ما بتجربة آخر، ومع وضع ذلك في الحسبان، تعتبر الدروس الصريحة الصادقة الحقيقية التالية هي التي وجدتها الأكثر أهمية وفائدة لعملائي الذين فقدوا أحد أطفالهم، ولأي شخص عانى فقداً أليماً:

الشعور بالأسى أمر شخصي

إذا كنت تقرأ هذا الموضوع، فعلى الأرجح أنك سمعت بالمراحل الخمس للأسى لإليزابيث كوبلر روس، وهي: الإنكار، والغضب، والمساومة، والاكتئاب، والقبول.

ولكن في تجربتي -وتجارب آخرين كثر- لا يلتزم الحزن بنمط خطي منتظم، لا توجد مراحل للأسى، ولكن هناك استجابات مشتركة، عندما تختبر موت أحد أطفالك، تُظهر الصدمة نفسها بطرق لا تعد ولا تحصى، وربما بعدة طرق في وقت واحد.

توضح إحدى المقالات المنشورة في مجلة Psychology Today عام 2015 كيف أن "مراحل" الأسى قد تتفاوت بشدة، مشيرة إلى إحدى الأمهات التي فقدت ابنها البالغ من العمر 20 عاماً، وكيف أنها لم تمر بمرحلة الإنكار، بل الخواء فقطـ، فشعور الخدر هذا يُعد طبيعاً تماماً -وسليماً- كأي شعور آخر.

لا تحدد نفسك بمعايير معينة للأسى، فالشعور بالأسى هو، قبل كل شيء، شعور شخصي.

إنه ليس مجرد حزن

لقد ذكرت بالفعل أن الأسى يبرهن على وجوده عن طريق كثير من الأشياء؛ إذ يعتبر "اضطراب ما بعد الصدمة" حقيقياً لكثيرين، وهو منتج ثانوي طبيعي لموت أحد الأطفال.

تقول كارول كيرنز: إن "اضطراب ما بعد الصدمة" يستطيع أن يبرهن على وجوده عبر تكرار الذكريات المتعلقة بالأحداث، والأحلام المؤلمة، ووميض الأحداث، والضيق النفسي الشديد، والتفاعل الفيسيولوجي عند التعرض إلى "إشارات" داخلية أو خارجية متعلقة بالموت.

قد يبدو هذا تفاعلاً فيسيولوجياً طبيعياً لأي شخص يعاني من مثل هذه الصدمة، كما يقال إن الآباء يمكنهم أن يعانوا من "اضطراب ما بعد الصدمة" حتى إن لم يكونوا حاضرين في الوقت الذي مات فيه طفلهم.

يمكن أن تأتيكم موضات من الماضي للحظات السعادة أو الحزن التي عايشتموها مع طفلكم، أو أن تندموا وتعيشوا الأحداث التي حدثت في الماضي، أو الأحلام واستعادة ذكريات الموت حسبما تتخيلونها.

الثقة هي كل شيء

تحدثت في كتابي "ما تمنيت لو كنت أعرفه: العثور على طريقك عبر نفق الحسرة" (What I Wish I'd Known: Finding Your Way Through the Tunnel of Grief)، بكل وضوح حول إيماني.
إنني مسيحية، ولكن لا يوجد شيء يتعلق بذلك بكل أمانة؛ إذ إن تعلمكم أن تثقوا ثقةً قوية يعتبر جزءاً هاماً في الحالة الشعورية التي تنتابكم مع الأسى.

فمن الناحية الروحية وفقاً لمعرفتنا، يعد ذلك تعبيراً عمن أو عما تثقون فيه، كما أنه يؤثر على رؤاكم الجوهرية المتعلقة بالحياة، تعتبر هذه الثقة مصدراً للقوة والدعم، ويمكنها أن تكون دواءً فعالاً للوحدة التي تصاحب الخسارة.

لا تشكل الثقة مناعة لكم من الألم والأسى، لكنها تستطيع أن تقدم لكم السلام والراحة والصفاء: وهم أصدقاء مرحب بوجودهم في أوقات الخسارة؛ لذا إن كان لديكم إيمان، عليكم أن تثقوا به.

الأمر لا "يتحسن"

إنني لا أكتب هذا كي أكون متشائماً، فأنا في الحقيقة أؤمن بوجود أمل في تقبل حقيقة أن القلب سوف يعتصر ألماً دائماً من أجل الطفل.

عندما يموت طفلكم، لا يكون هناك "تجاوز للأمر"، ستضحكون مرة أخرى، وستستمتعون بالحياة مرة أخرى، وستحبون مرة أخرى، ولكنكم أيضاً قد تبكون في كل صباحات أعياد الكريسماس، وفي كل مناسبات أعياد الميلاد وأحياناً بسبب ذلك وحسب، لا بأس في ذلك؛ لأنكم عانيتم من جرح لا يلتئم كلياً، لقد أحببتم بقلوبكم وأرواحكم، والأسى الذي تشعرون به الآن هو بكل بساطة مظهر على أن حبكم لا يزال حياً للأبد.

العمر ليس عاملاً

يعتبر فقد أحد الأطفال -سواء كان هذا الطفل طفلاً حقاً أم أنه في الحقيقة جد- حدثاً صادماً؛ فهو يسير على عكس ترتيبات الحياة الطبيعية.

لقد جربت ذلك وجهاً لوجه عندما شهدت الأسى الذي عانت منه أمي لوفاة أخي، لم يكن أخي سكوت مراهقاً حينما وافته المنية، بل كان رجلاً بالغاً يبلغ عمره 60 عاماً توفي وفاةً غير متوقعة في العام الماضي.

إن وفاة أحد الأخوة تجربة صعبة، إلا أن الأفجع بالنسبة لي ولأشقائي كان رؤية أمي البالغة من العمر 84 عاماً وهي محطمة كلياً.

دفنت أمي ابنها، ولا يوجد فارق في أنه عاش حياة كاملة، وهذا الرجل الموجود في النعش -أو لنقل في الجرة، في مثل هذه الحالة- لا يزال طفلها.

بعد أن توفي سكون، عبرت أمي عن الأسى الذي عانت منه عبر أبيات من الشعر، أتمنى أن تقدم لكم بعض التعزية.

قصيدة إلى ولدي
فال هوجستاد
لقد رحلت
جسدي يؤلمني
وفؤادي فارغ
روحي تتوق إلى روحك في يأس
لا سلوان لي في أي فرح
ثم يظهر الأمل، وينمو الإيمان، ويصير حقيقة
إننا كيان واحد
دفؤك يشفي عظامي
ذكرياتك تملأ قلبي
روحي تحتضن روحك وتحررها
والفرح لك

هذا المنشور هو جزء من مبادرة "أسى مشترك"، وهي مبادرة تحريرية من أجل حياة صحية، يعتبر الأسى جزءاً من الحياة لا محيص منه، ولكن هذا لا يجعل معاصرته شيئاً سهلاً على الإطلاق؛ إذ إن الحزن العميق الذي يصاحب موت أحد الأحباء، أو نهاية زيجة، أو حتى الانتقال بعيدًا عن المنزل- هو حزن حقيقي. وعلى الرغم من أن الأسى هو شعور عالمي، فإن كلاً منا يشعر بطريقة تختلف عن الآخرين؛ لذا، بدأنا مبادرة "أسى مشترك" كي نساعد في أن نتعلم من بعضنا بعضاً.

هذا الموضوع مترجم عن النسخة الأميركية لـ"هاف بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد