يعرض الفائزين في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية برنامجين اقتصاديين متعارضين تماما، إذ تقترح مارين لوبن زيادة النفقات واعتماد الحمائية والخروج من منطقة اليورو، في حين يقترح خصمها ايمانويل ماكرون توخي الحذر في الموازنة والليبرالية وتعزيز الاندماج الأوروبي.
ويعتبر المرشح الوسطي الشاب المؤيد لأوروبا (39 عاما)، الأوفر حظا للفوز في الدورة الثانية في السابع من ايار/مايو بعد ان تصدر الدورة الاولى ب24,01% من الاصوات متقدما على مرشحة اليمين المتطرف (48 عاما) التي نالت 21,30% من الأصوات.
وقال فيليب فيشتر الخبير الاقتصادي لدى "ناتيكسيس اي ام"، "اننا امام فلسفتين مختلفتين تماما. من جهة هناك رغبة في الحصول على سبل للتأقلم مع عالم يتغير، ومن جهة اخرى ثمة رغبة بالانعزال عن العالم". وأوضح أن هناك "هوة كبرى" بين برنامجين "متعارضين تماما".
في صلب الخلافات : العلاقة بالعولمة التي يعتبرها أحد المرشحين فرصة والآخر تهديدا على فرنسا، وايضا النظام الاجتماعي وتنظيم العمل وسبل اعطاء دفع للنمو.
وقالت مارين لوبن "العولمة العشوائية تهدد حضارتنا" منتقدة "الغياب التام للضوابط دون حدود او حماية" وهو سبب "انتقال الوظائف".
على العكس يرى ايمانويل ماكرون وزير الاقتصاد السابق في الحكومة الاشتراكية المنتهية ولايتها والمصرفي السابق "ان العولمة فرصة ممتازة". وقال خلال الحملة الانتخابية "النجاحات الاقتصادية الكبرى لبلادنا مرتبطة بالنمو في العالم. لم يعد امامنا من خيار، حتى انها فرصتنا".
ووعدت مرشحة الجبهة الوطنية التي تؤيد الحمائية، بإعادة التفاوض حول المعاهدات التجارية العالمية وإعادة العمل بالحواجز الجمركية من خلال فرض ضريبة 3% على بعض الواردات.
تقترح لوبن اعتماد الافضلية الوطنية للاسواق العامة وقطع الجسور مع بروكسل مع اجراء جذري هو التخلي عن العملة الواحدة المتهمة بالتأثير على قدرة الشركات الفرنسية على المنافسة والقدرة الشرائية للفرنسيين.
وقالت "ارتفعت الاسعار عندما انتقلنا الى اليورو وتم التستر على هذا الواقع".
وقال ايمانويل جيسوا الاقتصادي لدى معهد "سي او اي ريكسكود" المعروف بقربه من ارباب العمل "تنوي مارين لوبن الراغبة في اجراء قطيعة مع البناء الاوروبي، استعادة سيادة نقدية واقتصادية".
وتكشف لوبن عن "وطنية اقتصادية" تتناقض مع مواقف خصمها الذي يريد تعزيز التبادل الحر من خلال المصادقة على الاتفاق التجاري بين الاتحاد الأوروبي وكندا وترسيخ الاندماج الأوروبي من خلال إنشاء موازنة خاصة بمنطقة اليورو.
والتناقض واضح بين المرشحين أيضا حول الاموال العامة. وقال لودوفيك سوبران كبير خبراء الاقتصاد لدى اولر ايرميس ان "ايمانويل ماكرون يريد احترام قاعدة ال3% (من العجز في الموازنة) اعتبارا من 2017" طبقا للمعاهدات الاوروبية ما يعني ادارة صارمة للمال العام.
كما لماكرون خطة لتوفير ستين مليار يورو على 5 سنوات من خلال الغاء 120 الف وظيفة عامة.
وهذا الحذر في الموازنة يتناقض مع موقف مارين لوبن التي وعدت بزيادة الوظائف في القطاع العام وبان الدولة ستدفع مبلغا شهريا من 80 يورو لجميع الموظفين الذين يتقاضون راتبا يقل عن 1500 يورو شهريا او خفض سن التقاعد الى ستين عاما بدلا من 62 حاليا.
ولتمويل هذه التدابير "تقترح لوبن التوفير" ك"الغاء المساعدات غير المخصصة للفرنسيين" كما قال لودوفيك سوبران.
وقال ايمانويل جيسوا ان ماكرون يريد على الصعيد الاجتماعي، "سوق عمل يكون على النموذج الاسكندينافي".
اما مارين لوبن فوعدت بالغاء القانون الجديد حول العمل – الذي وضعه خصمها عندما كان في وزارة الاقتصاد – الذي هو صورة على حد قولها "عن خريطة طريق وضعتها بروكسل".