التصوف كأب روحي للدين

فمسألة الإيمان بوجود "إله" هي مسألة فردية تهم الفرد؛ لأنه هو من توصل إلى "حقيقته"، والحقيقة من هذا المنظور حقيقة نسبية، حقيقة سنرجعها إلى عمقها النفعي، وعليه سنقول: اعبد ما / مَن تشاء ما دام يحقق فيك غايات روحية.

عربي بوست
تم النشر: 2017/04/22 الساعة 03:18 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/04/22 الساعة 03:18 بتوقيت غرينتش

النزوع نحو التدين أو المقدس يعتبر خاصية إنسانية طبيعية، إذا ما توقفنا عند التجربة الدينية عند ويليام جيمس، رائد الفلسفة البراغماتية في أميركا وأحد رموزها الكبار لو أخذنا لمحة معه على مفهوم "الارتقائية" ضد ما نسميه بالتشاؤم باعتباره داءً ناتجاً عما هو ثيولوجي تجاه الحياة، فالارتقائية تلخص معناها في مفهوم المنفعة والإنتاج العملي، الصوفية خير دليل على تمازج الروحاني بالعالم الغيبي، أو بما سنطلق عليه "المطلق".

فالأفكار والأدلة الموضوعية والمنطقية كثرت بصدد إثبات هذا المطلق أو إلغائه وكلا الطرفين قد توفق في إدراك الإقناع.

فمسألة الإيمان بوجود "إله" هي مسألة فردية تهم الفرد؛ لأنه هو من توصل إلى "حقيقته"، والحقيقة من هذا المنظور حقيقة نسبية، حقيقة سنرجعها إلى عمقها النفعي، وعليه سنقول: اعبد ما / مَن تشاء ما دام يحقق فيك غايات روحية.

فمسيرة البحث عما هو ميتافيزيقي شاقة لا تؤول إلى نتائج حاسمة موضوعية، إنها تولد نوعاً من الضغينة الفكرية تجاه المعتقدات والأديان بتداخل الذاتي بالموضوعي عند الأفراد.

إذا ما عدنا إلى التجربة الصوفية وربطها بالواقع العملي، فهي تخيرٌ أولاً ثم اعتقاد فممارسة لنخلص في الأخير إلى حالة نفسية راقية تربطها علاقة روحانية وطيدة بمطلقها كان بقرة، أو ذبابة، بعلاً أو إلهاً، وعليه فإن الأديان باختلافها قد خلقت حيّزاً سرمدياً للتدبر فيها إذ تحتمل في مجملها تصورات تفوق تلك التي لخصها بعض رجال الدين في الممارسات والشعائر وكذا الوعد والوعيد.. كلا إنها أكثر من ذلك، إنها نسيم روحي يشفي القلب العليل، وكلام جميل إذا ما أخذنا النافع منه لذواتنا وتركنا ما نعجز عن استيعابه؛ لكي نتمكن من ملامسة المعنى الحقيقي للحياة التي تستحق أن نحياها، في تعدد التجارب الدينية واختلافها هو ما يجعل الكون الروحي متميزاً ملجماً بذلك الأفكار متقوقعة على ذاتها الدوغمائية التي لا تقبل التعدد والتميز والفرادة، هذه المفاهيم التي تميزت بها النزعة الإنسانية صبغتنا بها الطبيعة.

فالتجربة الصوفية هنا لا ترمي إلى التخلي عن الواقع، ولا تهدف إلى العزلة وتكريس نمط الدروشة كتعويض عن لذة الحياة، لا بل إنها فلسفة حياتية مبتغاها الارتقاء بالنفس الإنسانية من خلال العاطفة الوجدانية، وتحصيل السعادة والراحة النفسية، فسبيل الانشراح هو المعتقد بشرط أن يستوفي الفرد هنا نظرية "الممكن" التي تقول وبكل بساطة: نعم كل شيء ممكن، وإنه لكل كتاب قدسيته ولغته الخاصة التي يجب أن توظف لفهمه، وبالله كل شيء جميل.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد