بين مؤيد ومعارض.. كيف تؤثِّر أكبر 4 أحزاب سياسية تركية في نتيجة الاستفتاء؟

حتى تتضح الصورة أكثر سنتعرف سوياً على تاريخ هذه الأحزاب، ومعاقلها الرئيسية، وتأثير ذلك في الكتلة التصويتية في الاستفتاء على التعديلات الدستورية

عربي بوست
تم النشر: 2017/04/16 الساعة 09:50 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/04/16 الساعة 09:50 بتوقيت غرينتش

ساعات قليلة تفصل المواطنين الأتراك عن ظهور نتائج الاستفتاء الذي يُجرى اليوم الأحد 16 أبريل/نيسان 2017؛ للتصويت على حزمة من التعديلات الدستورية، تُعَد أبرز نتائجها، إن وافق الأتراك عليها، انتقال البلاد من نظام الحكم البرلماني إلى الرئاسي.

وسينتهي الناخبون في الجزء الشرقي من تركيا من التصويت قبل الساعة الرابعة عصراً بتوقيت تركيا، تفادياً لأي تلاعبات في الصناديق، بينما تستقبل لجان الاقتراع في المناطق الأخرى الناخبين من الثامنة صباحاً وحتى الخامسة مساءً.

ويبلغ عدد المصوتين في الاستفتاء 55 مليوناً وثلاثمائة ألف ناخب، سيدلون بأصواتهم عبر 167 ألف صندوق اقتراع مُوزَّعين في أنحاء تركيا، وتُعين لجنة الانتخابات في كل منطقة مسؤولاً لكل صندوق، ويُسمح للأحزاب الكبرى بتواجد ممثل لمراقبة عمليتي التصويت والفرز، ودفعت وزارة الداخلية التركية بـ 390 ألف عنصر أمني لتأمين الاستفتاء.

وتتسابق الأحزاب السياسية التركية فيما بينها لحشد أكبر عدد من المتضامنين مع موقفها سواء بقبول التعديل الدستوري أو برفضه، ويتبارز زعماؤها لإقناع الناخبين بوسائل إعلامية مختلفة، وحتى تتضح الصورة أكثر سنتعرف سوياً على تاريخ هذه الأحزاب، ومعاقلها الرئيسية، وتأثير ذلك في الكتلة التصويتية في الاستفتاء على التعديلات الدستورية.

1- حزب العدالة والتنمية (AKP)



شُكل حزب العدالة والتنمية من قِبل النواب المنشقين من حزب الفضيلة الإسلامي الذي حلته المحكمة الدستورية التركية بقرار منها في 22 يونيو/حزيران 2001، وكان مؤسسوه يمثلون جناح المجددين في حزب الفضيلة، واُنتخب الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان كأول زعيم للحزب.

استطاع حزب العدالة والتنمية أن يفوز في الانتخابات التشريعية في أعوام 2002، و2007 و2011، على التوالي ليحتل بذلك مركزاً لا يُستهان به في صدارة الحياة السياسية التركية، ويتزعم الحزب حالياً السياسي التركي بن علي يلدريم.

يحرص الحزب على تجنب استخدام الشعارات الدينية في خطاباته السياسية؛ ليؤكد بذلك أنه ليس حزباً إسلامياً وإنما هو حزب يحترم الحريات الدينية والفكرية، ومنفتح على العالم من خلال سياسته المبنية على التسامح والحوار، مؤكداً عدم معارضته للعلمانية والمبادئ التي قامت عليها الجمهورية التركية.

طَرَحَ "العدالة والتنمية" كُتيباً صغيراً لخص فيه رؤيته الداعية للتصويت بـ "نعم" في الاستفتاء المقبل، ضمن جهوده لحشد أكبر عدد من أصوات الأتراك لدعم التعديلات الدستورية، والتي جاءت في عدة نقاط هي: "نظام حكومي أكثر قوة، الاستقرار، الأمن، ضمان الحريات، اكتساب قوة أكبر في مكافحة الإرهاب".

تنتشر الكتلة التصويتية لحزب العدالة والتنمية في مدن وولايات وسط تركيا، والبحر الأسود والأناضول، وجنوب تركيا التي تعد غالبية ولاياتها معاقل تصويتية للحزب وتتجاوز نسبة مؤيديه في بعضها مثل ولاية آرزروم 70%.

2- حزب الشعب الجمهوري (CHP)




أسس مصطفى كمال أتاتورك حزب "الشعب الجمهوري" في التاسع من سبتمبر/أيلول عام 1923، وظل في زعامته 15 عاماً حتى توفي عام 1938.

لم يكن على الساحة السياسية التركية سوى هذا الحزب حتى عام 1946، عندما انتقلت تركيا إلى نظام الأحزاب المتعددة، وأُجريت أول انتخابات نيابية عامة في تاريخ البلاد فاز بها حزب "الشعب الجمهوري" بأغلبية ساحقة، لكن الأمر لم يظل كذلك ففي عام 1950، خسر في الانتخابات أمام الحزب الديمقراطي ليبقى في حيز المعارضة من عام 1950 إلى عام 1960، وشكل بعد انتخابات عام 1973 حكومة ائتلافية مع حزب السلامة الوطني، ليؤهله ذلك لتسلُّم مقاليد الحكم في حكومة ائتلافية أخرى.

أُغلق حزب "الشعب الجمهوري" وبقية الأحزاب السياسية الأخرى بعد الانقلاب العسكري الذي وقع في تركيا في 12 سبتمبر/أيلول 1980، ولكن أُعيد افتتاحه عام 1992، وحصل في انتخابات عام 1995 م، على 11% من الأصوات التي مكنته من الفوز بـ 49 مقعداً في البرلمان، ومنذ عام 2002 م تحول لحزب معارض في مواجهة حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا.

يُقدم حزب "الشعب الجمهوري" برنامجه الانتخابي تحت شعار "تركيا صالحة للعيش"، ويتضمن عدة بنود أهمها: "اقتصاد شامل يخفض نسبة البطالة، وخدمة حكومية متميزة للمواطن، وسياسية خارجية أساسها المواطن والقيم، وتحقيق السلام مع سوريا، بالإضافة إلى إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم".

أطلق الحزب المعارض حملة للتصويت بـ"لا" في الاستفتاء الشعبي القادم، تحت شعار "لا من أجل مستقبلي"، وشارك المئات من أنصار الحزب في الحملة في عدة مدن تركية، ولكن كانت المفاجأة غير المتوقعة عندما انسحب 44 عضواً من حزب "الشعب الجمهوري" في منطقة فوجا التابعة لولاية إزمير، يوم 14 أبريل/نيسان الجاري، لينضموا بشكل جماعي إلى حزب "العدالة والتنمية"، ورحبت نائبة رئيس الحزب نوكيت هوتار بهم وقدَّمت لهم التهاني.

تعد المنطقة الغربية من تركيا معقل حزب "الشعب الجمهوري" وبالأخص ولاية إزمير، وإقليم تراقيا، ولكن يتوقع الدكتور رمضان يلدريم، مسؤول ملف الشرق الأوسط بمركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بتركيا، أن يحصد خيار "نعم" 45% من الأصوات في إزمير.

وأرجع ذلك إلى أن "رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم نائب بالبرلمان عن هذه المدينة، بالإضافة إلى ما أنجزه حزبه لأبناء تلك الولايات مع عجز المعارضة وضعف خطابها الذي يعتمد على تشويه أردوغان فقط"، حسب يلدريم.

3- حزب الحركة القومية (MHP)



يعد حزب "الحركة القومية" امتداداً للحركة القومية التركية التي تزعمها ألب أرسلان، منذ الستينيات حتى وفاته، وهو أكبر حزب سياسي في تركيا بعد "العدالة والتنمية"، و"الشعب الجمهوري".

وكما يشير اسمه فإن الحزب قومي التوجه، يمجد القومية التركية، ويعارض عملية السلام التي تقودها الحكومة مع الأكراد، لذلك عارض بعض الإصلاحات الدستورية مثل منح الحقوق الثقافية للأكراد في البث والإعلام والتعليم، إلى جانب أنه عارض رفع عقوبة الإعدام والانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

حصل حزب "الحركة القومية" في الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي أُجريت في يونيو/حزيران 2015، على ما يقارب 16% من الأصوات، لكنه منذ اليوم الأول لنتائج الانتخابات رفض المشاركة في حكومة ائتلافية مع حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، وكان أول من دعا إلى انتخابات مبكرة.

تدور اليوم في الحزب معارضة داخلية مناوئة للتعديلات الدستورية، والتحرك المشترك القائم بين "الحركة القومية"، و"العدالة والتنمية"، واستغلت المعارضة الداخلية هذه الفرصة لإعادة إعلاء صوتها الرافض لسيطرة زعيم الحزب الحالي دولت بهشتلي، على مفاصل الحزب منذ عام 1997، وبهذا انقسم الحزب إلى قسمين أحدهما مؤيد للاستفتاء الدستوري والآخر يرفضه.

تعتبر مناطق وسط جنوب تركيا أماكن تمركز لحزب "الحركة القومية"، إذ حصل في الانتخابات التشريعية التي أُجريت في يونيو/حزيران 2015 على أعلى النسب في بعض المقاطعات هناك دون أن يحصل على أغلبية الأصوات في أية ولاية على مستوى الدولة.

4- حزب الشعوب الديمقراطي (HDP)



تأسس حزب "الشعوب الديمقراطي" عام 2012، ورغم تأكيد زعمائه أنه يمثل جميع الأتراك وليس الهوية الكردية وحدها، فإن بعض المحللين يعتبرونه حزباً كردياً ونسخة من حزب "السلام والديمقراطية" الكردي، ولكنه موجه إلى غرب تركيا، ويصف الحزب نفسه بأنه "يمثل المضطهدين والمهمشين"، ومن أبرز أهدافه تغيير نظام حزب "العدالة والتنمية"؛ باعتباره غير ديمقراطي.

من أبرز المحطات في تاريخ "حزب الشعوب الديمقراطي" عندما نجح في الانتخابات البرلمانية التركية، التي أُجريت في يونيو/حزيران، بأن يتجاوز نسبة الـ 10% التي يُسمح بموجبها للأحزاب أن تدخل البرلمان، بعدما فاز بنسبة 13% ليحظى بـ78 مقعداً في البرلمان.

أطلق الحزب يوم الخميس 3 مارس/آذار 2017 حملة لرفض الاستفتاء الدستوري المقبل، ودعا المتحدث باسم الحزب عثمان بايديمير إلى التصويت بـ "لا" على التعديلات الدستورية الجديدة، معللاً ذلك بقوله: "بالطبع سنقول لا، في ظل حالة طوارئ وجمهورية الخوف، كيف يمكن أن نُصيغ دستوراً يحتضن كل الأتراك؟ بالطبع لا يمكن ذلك".

بينما جاء رد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على هذا الاتهام بتوجيهه هو أيضاً اتهاماً إلى حزب "الشعوب الديمقراطي" بأنه يرسل النقود التي تقدمها الدولة إليهم بطرق غير مباشرة لمنظمة "بي كا كا" الإرهابية، وتساءل في لقاء أجراه مع التليفزيون الرسمي التركي يوم الجمعة الماضي 14 أبريل/نيسان 2014، قائلاً: "أين ينفقون المساعدات التي تقدمها الدولة لهم؟ أنا لم أر حملات دعائية لهم".

تتركز الكتل التصويتية لحزب "الشعوب الديمقراطي" في الولايات الشرقية في تركيا، والتي حصل فيها الحزب على نسب تصويت مرتفعة في الانتخابات التشريعية التركية في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، بينما بلغت نسبة حزب "العدالة والتنمية" الحاكم هناك 20% من الأصوات الانتخابية.

تحميل المزيد