في خضم الحياة كن أنت الأصل وهم التقليد!

ولا تنسَ في النهاية -يا عزيزي- أنك لن ترضيهم وإن كنتَ نسخة مكررة عنهم بكل تفاصيلك.. وعندها ستضحك عليك نفسك في الخفاء، قائلة: كان غيرك أشطر!

عربي بوست
تم النشر: 2017/04/10 الساعة 03:02 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/04/10 الساعة 03:02 بتوقيت غرينتش

لطالما أعجبتني القطع الجميلة، سواء كانت "ماركة" أم لا، فإن أعجبتني اشتريتها، وإن كانت من "البسطة "، كما يقولون باللغة العامية، وإن لم تعجبني، لم أقم بشرائها وإن كانت من أفخم الماركات ودور الأزياء في مقاييس البشر، ولم أشعر يوماً بالخجل، أو عدم الثقة، إن لبست شيئاً فيه تقليد لماركة بعينها، كما أنه لم يزِدني لبس ماركة "فخمة" في نظر البشر ثقة في نفسي .

وهذا لا يعني البتة عدم الاهتمام بمظهرنا وأناقتنا، فالله -عز وجل- جميل يحب الجمال، ولا ننسَ أن النظافة هي عبادة نتقرب بها من رب العباد فالنظافة من الإيمان، وكلّ يتأنق ويرى الجمال من منظوره وحسب موارده، وكلّ حر فيما يفعل إن كان قادراً على فعله، وليس فيه معصية.

لكن ما أراه هذه الأيام عجيب، وما زاد من تعجبي هو هذا الكم الهائل من التقليد في كل شيء خارجي وسطحي وليس ذا قيمة !

فإن رأت صديقتها أكلت في مطعم ذهبت إليه، وإن كانت قائمة الطعام فيه ليس مما تحب، ثم تصوّرت وكتبت "تسلم إيدك شيف جورج ع الأكل اللذيذ"، وإن سافرت أرادت أن تسافر، وإن ارتدت حقيبة فخمة أرادت أن تشتري مثلها أو أفخم، وإن كان ذلك سيرتب عليها دَين هي في غنى عنه، حتى السفر للسياحة أصبح بالدَّين!

أنا أفهم وأتفهم حين يستدين الإنسان للسفر للعلاج، أو لزيارة أشخاص مقربين من الصعب قدومهم هم إليه، لكن أن تستدين لأجل أن تقوم بالسياحة مع عائلتك أو لشراء سيارة أفضل من سيارة ابن عمك، أو للقيام بعملية تجميل لأنف زوجتك أنت وهي في غنى عنها، هذا هو ما لا أفهمه !

وما يدهشني أكثر أن الحياة تسير إلى أكثر سطحية وأكثر لهاثاً وراء المظاهر وأكثر منافسة على توافه الأمور، ولطالما ردّد أجدادنا الحكم الأمثال، التي من أجملها في نظري مثَل "على أد بساطك مد رجليك"، فمن قالها هو من أكثر الحكماء الذين فهموا مبدأ الحياة، فعندما تعيش على "أد بساطك"، يعني أنك واثق من نفسك لدرجة أنك لا تُخفي على أحد وضعك، وتدّعي ما ليس عندك، وما ليس فيك، وأنك ترفع لهم راية أنك حر.. حر بنفسك تسيّرها لا تسيّرك، تعيش حياتك وفقاً لمواردك وليس وفقاً لمقاييس البشر التي لا تنتهي، والتي تتغير مع تغيّر الشخص الذي أمامك، فقد تكون في نظر أحدهم غنياً وأنيقاً وجميلاً وفي نظر غيره فقيراً و"شرشوحاً" وشنيعاً.

دع عنك مقاييسهم، ودع عنك مجاراتهم، وكن أنت تسعد، وكن أنت تصبح أقوى، وكن أنت تزدد جمالاً، كما قال حمود الخضر .

تزداد جمالاً وترى الحياة أكثر جمالاً، وستصادق الناس الذين هم من الأساس الأصل وليسوا التقليد .

ولا تنسَ في النهاية -يا عزيزي- أنك لن ترضيهم وإن كنتَ نسخة مكررة عنهم بكل تفاصيلك.. وعندها ستضحك عليك نفسك في الخفاء، قائلة: كان غيرك أشطر!

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد