بين مبررات المؤيدين واحتجاجات المعارضين.. إليك كل ما تحتاج إلى معرفته عن استفتاء تركيا المقبل

عربي بوست
تم النشر: 2017/04/10 الساعة 16:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/04/10 الساعة 16:11 بتوقيت غرينتش

سيذهب الأتراك إلى صناديق الاقتراع يوم 16 أبريل/نيسان للإدلاء بأصواتهم على التعديلات الدستورية التي ستغير نظام الحكم في الدولة من نظامٍ ديمقراطي برلماني إلى نظامٍ رئاسي.

عُرِضت حزمة التعديلات، التي تتضمن 18 تعديلاً، للتصويت الشعبي لأنَّ التعديلات الدستورية المقترحة لم تحصل على تأييد ثلثي أعضاء البرلمان.

وفي تلك الحالة، كانت التعديلات ستُمرَّر في الجمعية التركية الوطنية الكبرى يوم 16 يناير/كانون الثاني الماضي بأغلبيةٍ بسيطة، وبعد ذلك كان الرئيس، رجب طيب أردوغان، سيُصدِّق عليها، وذلك وفقاً لما نشرته صحيفة الغارديان البريطانية.

يُزعَم أنَّ الاستفتاء قد يؤدي إلى أهم تطورٍ سياسي على الإطلاق منذ إعلان الجمهورية التركية عام 1923. وكان إصرار أردوغان على تمرير هذه التعديلات قد قاده إلى إيفاد وزراء إلى أوروبا للحصول على أصوات الناخبين المغتربين، فضلاً عن هجومه على الحكومة الهولندية واصفاً إياها بـ"بقايا النازية" حين ألغت فعاليتين ضمن حملته.

وفي ظل النظام الجديد، سيتمكن أردوغان من الترشح للرئاسة لدورتين انتخابيتين إضافيتين، وهو ما يعني احتمالية بقائه على كرسي الرئاسة حتى عام 2029 حال فوزه في انتخابات عام 2019، وانتخابات 2024. وقد يتمكن كذلك من العودة لقيادة حزب العدالة والتنمية، الذي شارك في تأسيسه، والذي يسيطر على الأغلبية الكاسحة داخل البرلمان.

كان منصب الرئاسة في تركياً شرفياً إلى حدٍ كبير، ولكن كان له بعض التأثير على عملية صناعة السياسات. ومن خلال قوة شخصية أردوغان المطلقة، والولاء الذي لا يزال يملكه بين جموع ناخبي حزب العدالة والتنمية ومُشرِّعيه، استطاع إضفاء المزيد والمزيد من الصلاحيات على المنصب الرئاسي. ومع ذلك، إذا سار الاستفتاء كما يتمنى أردوغان، ستزيد صلاحيات هذا المنصب.

ما التعديلات التي سيصوت عليها الشعب تحديداً؟

تختص التعديلات، التي يبلغ عددها 18 تعديلاً، بسلطات الأجهزة التنفيذية والأجهزة التشريعية. وتتضمن:

إلغاء منصب رئيس الوزراء. ويقوم الرئيس بتعيين مجلس الوزراء، وسيكون له عدد من النواب. ولن يُشرف البرلمان على الوزراء بعد الآن بسبب إلغاء قدرته على الشروع في إجراءات سحب الثقة.

لن يُشترَط بعد الآن أن يكون الرئيس محايداً، بل يحق له الحفاظ على انتمائه لحزبه السياسي. أمَّا حالياً فيجب على الرئيس قطع صلته بحزبه بمجرد انتخابه.

سيزيد عدد أعضاء البرلمان من 550 إلى 600، وسينخفض الحد الأدنى لسن الترشح إلى 18 عاماً.

يحِق للبرلمان استجواب الرئيس. أمَّا حالياً فلا يمكن للسلطة التشريعية مقاضاته إلا في حالة الخيانة العظمى.

إلغاء المحاكم العسكرية.

يحق للرئيس تعيين 4 قضاة من إجمالي 13 قاضياً في أعلى هيئة قضائية بالدولة.

أليست تركيا في حالة طوارئ؟

بلى، والبيئة التي يُجرَى فيها الاستفتاء تُشكل تحدياتٍ بالغة، خاصةً بالنسبة لأولئك الذين يعارضون التعديلات.

وكانت حالة الطوارئ قد أُعلنت الصيف الماضي عقب محاولة انقلابٍ فاشلة قُتل فيها 248 شخصاً، وأُصيب أكثر من 1400 آخرين. وتعتقد قطاعات واسعة داخل تركيا أنَّ محاولة الانقلاب من تدبير أنصار فتح الله غولن، وهو داعية يعيش في عزلة في الولايات المتحدة، وكوَّن حركة شعبية عالمية تُعرَف باسم "الخدمة". بينما يُنكر غولن هذه الاتهامات.

وأدت حركة تطهير في مؤسسات الخدمة المدنية، والشرطة، والجيش، والقضاء، والوسط الأكاديمي، والإعلام إلى إقالة عشرات الآلاف من الأشخاص الذين يُشتبه في علاقتهم بجماعة غولن أو القبض عليهم. وقال معارضو أردوغان إنَّ حركة التطهير قد تجاوزت منفذي الانقلاب.

وتحمّلت تركيا كذلك العديد من الهجمات الإرهابية التي نفّذها ضدها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، كان آخرها الهجوم على ملهى رينا الليلي في ليلة رأس السنة، الذي خلَّف 39 قتيلاً. وتواصلت هجمات حزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره تركيا جماعةً إرهابية ويحارب من أجل الانفصال في جنوب شرق تركيا، بعد تعثر مباحثات السلام في يونيو/حزيران عام 2015.

حصيلة العمليات الإرهابية في تركيا

قُتل أكثر من 500 شخص في هجماتٍ نفذها إرهابيون أكراد وإسلاميون في تركيا منذ يوليو/تموز عام 2015.

داعش

نفّذ تنظيم داعش هجماتٍ خلّفت عدداً كبيراً من القتلى والمصابين، بما في ذلك تفجيرات أنقرة التي تسببت في مقتل 103 أشخاص، والاعتداء المسلح على ملهى رينا الليلي بإسطنبول في يناير/كانون الثاني، والذي تسبب في مقتل 39 شخصاً. وتحارب القوات التركية تنظيم داعش في سوريا.

صقور حرية كردستان

نفّذ تنظيم صقور حرية كردستان، وهو أحد أفرع حزب العمال الكردستاني، هجماتٍ بسيارات مفخخة بأنقرة في شهري فبراير/شباط ومارس/آذار عام 2016، أدت إلى مقتل 66 شخصاً. وفي ديسمبر/كانون الأول، قتل التنظيم الكردي 46 شخصاً كذلك في تفجيرٍ انتحاري مزدوج خارج أحد ملاعب كرة القدم في إسطنبول.

حزب العمال الكردستاني

يحارب التنظيم الكردي الانفصالي الرئيسي أنقرة منذ عام 1984، ونفذ بعض الهجمات مؤخراً، معظمها في جنوب شرق تركيا. وتسبَّبت هجمات التنظيم بالسيارات المفخخة في مقتل 11 شرطياً ببلدة جزرة (جزيرة ابن عمر) في أغسطس/آب عام 2016، و13 جندياً في مدينة قيصري في ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه.

لماذا سيصوّت بعض الناس بـ"نعم"؟

كانت الأغلبية التي وافقت على التعديلات الدستورية في البرلمان مكونةً من حزب العدالة والتنمية متحالفاً مع القوميين الأتراك.

ويزعم مؤيدو التعديلات أنَّها ستؤدي إلى "تركيا قوية"، إذ إنها ستُمكن السلطة التنفيذية من ممارسة سلطتها لدعم التنمية الاقتصادية، ومحاربة الإرهاب، مشيرين إلى فوضى الحكومات الائتلافية في تسعينيات القرن الماضي، التي أدت مشاحناتها إلى وقوع تركيا في ركودٍ اقتصادي وتضخمٍ كارثي.

ويعتقدون كذلك أن السلطة التنفيذية واسعة الصلاحيات، والتي يُشبِّهونها بنظام الحكم في فرنسا، أو الولايات المتحدة، أو المكسيك، ستحظى بقدرةٍ أكبر على التعامل مع خطر الإرهاب في أوقات الاضطرابات، كالفترة التي جاءت عقب محاولة الانقلاب، والانجراف إلى العنف في المناطق ذات الأغلبية الكردية، والحملة المستمرة ضد تنظيم داعش وجماعة غولن. ويشعر المؤيدون بالارتياح تجاه استمرار واستقرار الدور الحالي لحزب العدالة والتنمية.

ويرى المؤيدون أيضاً أنَّ التغيير ضروري للخروج من عباءة دستورٍ عتيق كُتبت مسوّدته تحت حُكمٍ عسكري، أنتج جهازاً تنفيذياً له رئيسان، بسلطات وصلاحيات متضاربة يمكن أن تسبب شللاً لعملية اتخاذ القرارت داخل الحكومة.

وقالوا كذلك إنَّ هناك ضوابط وتوازنات كافية في النظام المُقترح، مثل إمكانية استجواب الرئيس على خلفية قائمةٍ طويلة من الجرائم، والدعوة إلى إجراء انتخاباتٍ رئاسية مبكرة، لتفادي تركز كمٍ هائل من السلطات في يد شخصٍ واحد.

وقال محمد أمين أكباش أوغلو، وهو عضو برلماني عن حزب العدالة والتنمية، وأحد أعضاء اللجنة الدستورية: "سيتحقق المزيد من الاستقرار، ولن تُهدر تركيا وقتاً بعد الآن، وستزول الشكوك والأشياء التي قد تسبب عدم الاستقرار، وستتخلص أجهزة الدولة من أعبائها الزائدة، التي تتمثل في الجهات التي تؤدي أداءً سيئاً".

وبغض النظر عن التعقيدات السياسية، يمكن لأردوغان الاعتماد على جاذبيته الشخصية لدى المؤيدين الذين يرونه زعيماً عملياً وقادراً على الوقوف أمام الغرب. ويرونه أيضاً سنداً يدعم الفقراء والمظلومين، ويحترم الكثيرون صلاحه الديني وقيمه الإسلامية.

لماذا سيصوّت آخرون بـ"لا"؟

لاقى مشروع التعديلات رفض حزبي المعارضة الرئيسيين، والمتمثلين في حزب الشعب الجمهوري، وهو حزب علماني قوي، وحزب الشعوب الديمقراطي، الذي يتضمن مُشرِّعين أكراداً بنسبةٍ كبيرة، بالإضافة إلى ائتلاف الجماعات اليسارية والأقليات.

ويعتقد المعارضون أنَّ النظام الرئاسي سيؤدي إلى نظام الرجل الواحد تحت قيادة أردوغان، الذي تزايدت صلاحياته بشدة في الأعوام الأخيرة على حد اعتقادهم. ويشيرون إلى القمع الذي تنتهجه الحكومة ضد المعارضة، فضلاً عن حساسية الرئيس الواضحة ضد الإهانات والشتائم الشخصية كدليل دامغٍ على عدم تسامحه تجاه النقد.

وقال بولنت تيزكان، وهو عضوٌ برلماني عن حزب الشعب الجمهوري، وأحد أعضاء اللجنة الدستورية، إنَّ حزمة التعديلات المقترحة تعني "أنَّ النظام الديمقراطي في تركيا سيزول ويحل محله نظام الرجل الواحد"، وأضاف قائلاً: "إنَّها تضع كافة السلطات، بما فيها السلطات التنفيذية والقضائية، في يد الرئيس، وستكون الفروع الثلاثة للحكومة في يد شخصٍ واحد".

ويُفنِّد المعارضون كذلك المزاعم التي تقول إنَّ هناك ضوابط وتوازنات كافية في النظام المقترح. ويزعمون أنَّها لن تكون كافية لكبح جماح سلطة الرئيس، إذ تنزع التعديلات من البرلمان صلاحية الإشراف على السلطة التنفيذية، وتمنح الرئيس صلاحية تعيين عدد كبير جداً من القضاة، وتسمح لأردوغان بالحفاظ على عضويته في حزب العدالة والتنمية، وهي خطوةٌ ستُرسخ سيطرته على كافة جوانب الحياة السياسية.

أي الفريقين سيفوز؟

هذا سباقٌ محموم، ولا أحد يعرف ماذا ستكون نتيجته. وقد أظهرت استطلاعات الرأي نتائج متباينة تبايناً شاسعاً، وهذه علامةٌ على الانقسام بين جمهور الناخبين. وقد يكون العامل الحاسم في النتيجة هو نسبة الـ10% من المصوتين الذين قالوا إنَّهم لم يحسموا رأيهم بعد.

– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.

تحميل المزيد