كيف يُغيّر الحب من تصرفاتنا؟

نفس الأمر يفسر لنا توتر العشاق، تجد الأنثى نفسها تضحك بصوت عالٍ لأمر سخيف إن لحظت حبيبها بالجوار أو قد تسقط حقيبتها أو تبدأ بالبحث عن المفاتيح وما سواه من تصرفات تبدو خرقاء، لكنها تهدف لتبديد التوتر والطاقة التي تبعثر استقرار الجسم، والذكر بالمقابل قد يسكب قهوته على فنجانه أو يصطدم في مشيه بشيء أو يتعثر أو أي تصرف أحمق.

عربي بوست
تم النشر: 2017/04/08 الساعة 03:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/04/08 الساعة 03:47 بتوقيت غرينتش

الحب تجربة إنسانية، بتعبير موضوعي بسيط هو تدفقات لأحاسيس مؤثرة، وطبعاً نتيجة تغيرات كيميائية – مختلفة النسب – في الدماغ، لكن هذه التحولات على المستوى العصبي مرتبطة باستجابات محيطية؛ الحب انقلاب على مستويات، ما نراه وما نستشعره، تتغير رؤانا لما حولنا بتغير أحاسيسنا، وما يتبع ذلك من انعكاس في تصرفاتنا.

الحب بنية نفسية متعلقة بالمطلوب، أمر نريد الحصول عليه، وكل ما نريد الحصول عليه نقوم بتثمينه، أي تأتي قيمته أمام أمور أخرى متباينة القيمة، عندما يقف الإنسان أمام المطلوب أو عندما يواجهه، يُشحن دماغه وتتحفز خلاياه؛ لهذا يرتبط الحب بالتوتر والطاقات المشحونة، عبّر تشارلز داروين عن هذه النقطة في التركيبة الفيزيولوجية للكائنات الحية – خاصة الرئيسيات منها – بما سمَّاه "الجيَشان العصبي دون هدف"، وهو التوتر الذي يركب جسد الكائن الحي دون ترتيب، عندما يتوقع حصول أمر يوده، يمكن أن نفهم هذا بسهولة إذا تذكرنا كيف يتصرف الكلب عندما يخرج لمكان واسع (يركض بسرعة ويتقافز هنا وهناك)، أو كيف يتصرف الصغار عندما يعود الأب للبيت بعد مدة من الغياب أو زيارة أحد الأعمام/ العمات الذي يحضر هدايا، تجدهم يصيحون ويتدافعون.

نفس الأمر يفسر لنا توتر العشاق، تجد الأنثى نفسها تضحك بصوت عالٍ لأمر سخيف إن لحظت حبيبها بالجوار أو قد تسقط حقيبتها أو تبدأ بالبحث عن المفاتيح وما سواه من تصرفات تبدو خرقاء، لكنها تهدف لتبديد التوتر والطاقة التي تبعثر استقرار الجسم، والذكر بالمقابل قد يسكب قهوته على فنجانه أو يصطدم في مشيه بشيء أو يتعثر أو أي تصرف أحمق.

هنا يمكن أن نقف على مميزات مرتبطة بالموقف، تخص السلوك قرب المعشوق، ويزخر الأدب والشعر بالتفاصيل التي تتطرق لما يحدث للعاشق بالقرب من معشوقه أو خلال رؤيته؛ لكن من جهة العلم نجد مقاربة لتحديد هذه المميزات؛ من ضمن ذلك ما تشير له ميجان بروفوست بأن المرأة تتغير مشيتها عندما تحب، بذلك فعندما تقترب من معشوقها تتمختر في مشيتها وتخطو كالحمامة، تفسر ذلك ميجان (هذا الدلال) بأنه تفاعل حيوي مع الرجل المنتخب، فمن دونه تجدها تمشي على غير هدى! "غادية مدرمة" كما نقول بالدارجة.

يركز علماء النفس التطوري على التفاصيل التي تخدم تفسيراتها تأكيد النظرية التطورية، الأمر الذي قد يؤدي إلى إغفال تفاصيل أخرى لا تقل أهمية أو تزيد من تعقيد التفاسير أو حتى تشويه الرؤية. فـ"دلال" المرأة أو هذا التغير إجمالاً هو إشارة بوجهة نظر ميجان لاستدعاء الشريك الذي ترى فيه المرأة مشروع إنجاب، لكن ألا يعتبر تصرفها بكل بساطة استعراضاً لجمالها أمام الشخص الذي يغير حضوره في أنظمتها الحيوية والنفسية؟!

في الجهة المقابلة نجد حتى الرجل تتغير مشيته وحركاته أمام مَن يحب، غير أنها تبدو أوضح في المرأة طالما أنها جسدها – غريزياً وثقافياً – فاتن، فيتجلى بحركته أكثر تحت توتر الموقف هنا.

قد ترتبط هذه التغيرات السلوكية بشخص واحد، كما تشير الدراسة السابقة وعلم نفس التطور إجمالاً بما في ذلك طب الأعصاب، لكن أليس تغير بسيط فينا يؤثر في كليتنا بنفس الوقت، بما أننا كائنات لا تتجزأ إلا عبر عملية تواصلية وتأثيرية بين هذه الأجزاء؟ ذلك ما يجعل من الحب تجربة جوهرية تغيرنا وتؤثر فيما حولنا، مثلما نتأثر -عبرها- بما حولنا.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد