بدأت عروض تصاميم الجدار الحدودي الموعود بين أميركا والمكسيك تهلّ من أرجاء البلاد كافة، لكن أحد المقاولين المتقدمين بالتصاميم لجدار ترامب يتساءل إن كانت السلطات ستهب للنجدة والتدخل في حال تعرض العمال البناة لـ"اعتداء هجومي"، كما تساءل آخر إن كان سيُسمَح للعمال بحمل السلاح حتى في الولايات ذات الأنظمة الصارمة ضد حمله، وإن كانت الحكومة ستُؤمِّنهم وتعوض استخدامهم قوة السلاح القاتلة.
بهذا ومع انتهاء المهلة المحددة لتسليم أول مخططات التصاميم الثلاثاء 4 أبريل/نيسان 2017، تتهيأ الشركات المهتمة وتتأهب لمواجهة الأسوأ في حال تم اختيارها لتنفيذ هذا المشروع الذي قد يدرّ عليها أرباحاً طائلة، حسب تقرير نشرته صحيفة دايلي ميل البريطانية.
وكان مسؤول أميركي مطلع على المخططات قد تحدث إلى الصحيفة شرط عدم الإفصاح عن اسمه؛ نظراً لأن التفاصيل لم تعلن بعد، قال إنه من المنتظر أن يتم اختيار 4-10 مقاولين من بين المتقدمين للمشروع، حيث سيطلب من هؤلاء بناء نماذج أولية لمخططاتهم المقترحة.
وستنفذ النماذج الأولية على طول شريط امتداده 400 متر يقع ضمن أرض تملكها الحكومة الفيدرالية في مدينة سان دييغو الحدودية، تفصله عن الحدود الدولية مسافة 37 متراً، لكن المسؤول قال إن القرار النهائي بالمكان المحدد لم يتخذ بعد. هذا وتتوقع الحكومة أن تنفق بين 200 ألف و500 ألف دولار لتنفيذ كل أنموذج أولي على حدة.
طوق أمني
عملية تلقي العروض والنماذج الابتدائية ما هي إلا خطوة أولى في مشروع، سيواجه بلا شك ممانعة ومعارضة كبيرة في أروقة الكونغرس وخارجه.
فلطالما كرر ترامب في أثناء حملته الانتخابية أنه سيتوجب على المكسيك المشاركة في تحمّل مصاريف ونفقات بناء الجدار، لكنه منذ ذلك الحين أثقل على الكونغرس بطلبات الموافقة على منح مليارات الدولارات الضريبية؛ من جهتهم تعهد الديمقراطيون بمعارضة تمويل الجدار كلياً، وكذلك يشوب الحذرُ موقفَ العديد من الجمهوريين من مخططاته لبناء حاجز فعلي متين من الحجر والأسمنت المسلح.
تصميم شركة DarkPulse Technologies من أريزونا اقترح استخدام أسمنت مضاد للصواريخ يتحمل قصف الدبابات، وزود التصميم بمجسات ليفية مدفونة كاشفة للتسلل من تحت الأرض
وأضاف المسؤول الأميركي أن حرس وخفر الحدود مع جهاز الشرطة المحلية سوف يضربون طوقاً أمنياً عازلاً حول موقع البناء إن لزم الأمر، فيما قالت شرطة سان دييغو ومكتب نقيبها يوم الإثنين 3 أبريل إنهم سوف يحترمون الحق الدستوري المكفول للمواطنين بحرية التعبير والتجمع من أجل أي احتجاج سلمي فيه التزام بالقانون.
من جهته، قال إنريكه مورونيس المدير التنفيذي لمؤسسة Border Angels الخيرية غير الربحية التي تعنى بخدمات الهجرة وتقديم العون للمهاجرين في سان دييغو، إن مؤسسته تعتزم الخروج في احتجاجات، مضيفاً: "ستكون هناك العديد من الأنشطة؛ كالاحتجاجات والمسيرات الليلية لتقديم الصلوات والأدعية على كلا طرفي الجدار. نأمل وندعو المولى أن تكون (هذه التظاهرات) سلمية".
تهديدات بالقتل
أما مايكل إيفانجيليستا-إيساساغا المدير التنفيذي لمجموعة Penna Group للمقاولات العامة في فورت وورث بتكساس، فقال إنه تلقى نحو 12 تهديداً بالقتل منذ إعلان اهتمامه بالتقدم للظفر بتنفيذ المشروع، حتى إن أحد التهديدات جاء من امرأة قالت له إنها اتفقت مع مفتش خاص لتعقُّبه.
شركة Gleason Partners تقدمت بمشروع جدار ذكي مزود بجهاز ألواح شمسية مركبة على الجدار تعمل على توليد كميات هائلة من الطاقة مع الوفاء بتعهد ترامب في الوقت نفسه
ويقول إيفانجيليستا-إيساساغا إن أحد أسباب تقدمه بعرض للمشروع هو رغبته في استحداث إصلاح واسع لنظام الهجرة، مضيفاً أن تأمين الحدود شرطٌ مسبق لتمهيد الطريق نحو منح الجنسية لملايين المهاجرين غير الشرعيين الموجودين داخل الولايات المتحدة.
ويقول: "لم ندخل في هذا (المشروع) باستخفاف؛ بل نظرنا إليه وقلنا إنه لا بد لنا أن نكون طرفاً منتجاً في الحل".
بناء الجدار على طول الحدود المكسيكية كان حجر أساس في حملة ترامب الانتخابية وفتيلاً أشعل شرارة غضب منتقديه؛ فللمشروع الذي سيكلف المليارات ويمتد أكثر من 3 آلاف كيلومتر على الحدود منتقدون كثرٌ يجاهرون بمعارضتهم الشرسة له، منهم رئيس أساقفة الروم الكاثوليك في المكسيك الذي قال الأسبوع الماضي إن الشركات المكسيكية التي تبدي اهتماماً بالمشروع إنما تخون وطنها.
وقالت إدارة حماية الحدود والجمارك الأميركية في بيان لها، إنها ستختار مجموعة من عدة مقاولين لبناء نماذجهم الأولية مع بداية يونيو/حزيران 2017 وإنها لن تعلن إلا عن أسماء الفائزين، كما قالت أيضاً الشهر الماضي مارس/آذار 2017 إن على النماذج أن تكون بطول 9 أمتار وارتفاع من 5.5 إلى 9 أمتار.
كذلك، على الفائزين بعروض النماذج الأولية تقديم خطة أمنية مفصلة عن "مواضع المخارج وخطط إخلاء الطوارئ الأمنية وطرقها ونقاط التجمع وتوافر الطواقم الطبية وعدد طواقم الأمن ومؤهلاتهم وسنين خبرتهم… إلخ، في حال هجوم عدواني"، وفق ما نص عليه العرض. كما يشترط حول موقع البناء ضرب حاجز من الأسلاك الشائكة، فيما قالت الإدارة المذكورة إنها لن تقدم أي دعم أمني لتأمين وحماية سير بناء النماذج.
كذلك، طُلب من المقاولين المتقدمين إثبات خبرتهم "بتنفيذ مشاريع هامة ذات طموح سياسي وشهرة علنية كبيرة".
عدوان همجي
كذلك، ردت إدارة خفر الحدود والجمارك على أسئلة تقدمت بها شركاتٌ على موقعٍ بالإنترنت خصص للمتعاقدين مع الحكومة، قائلة إن خفر الحدود سوف يستجيبون حسبما يلزم في حال حدوث عدوان هجومي، بيد أن كل شركة ستكون مسؤولة عن أمنها، فالحكومة لن تسمح بإصدار استثناءات للإعفاء من قوانين السلاح المحلية في كل ولاية، كما لن تمنح تأمينات أو تعويضات لتلك الشركات التي يستخدم عمالها قوة السلاح.
التصميم المسمى iCON Wall Solution، من تقديم شركة Single Eagle dba Concrete Contractors Interstate في سان دييغو، تريد تحويل الحائط إلى قطعة فنية بجانبين مزخرفين بالأحجار والمشغولات اليدوية
هذا وتضم اللائحة التي على موقع المتعاقدين أكثر من 200 شركة سجلت ليصلها كل جديد فيما يخص عقد التصميم، ولكن ما يزال غير واضح عدد الشركات التي ستتقدم فعلياً للتعاقد، حيث يشترط للمتقدمين أن تكون شركاتهم قد نفذت مشاريع أمنية حدودية أو ما يماثلها بقيمة 25 مليون دولار في السنوات الـ5 الأخيرة؛ لكي تكون مؤهلة للتقدم.
يقول رونالد كولبرن الذي كان نائب رئيس خفر الحدود أيام إدارة بوش الابن التي بُنيت فيها مئات الأميال من الجدران الحدودية، إن على الشركات التخطيطَ لتدريب عمالها لتقدير متى ينبغي لهم الاختباء والاحتماء وكيف يبقون ساكنين ومتى يكون التراجع.
جانب من زخارف تصميم iCON Wall Solution
ويختم كولبرن الذي تقاعد عام 2009 قائلاً: "معظم هؤلاء المنظمين اعتادوا هذا الأمر على الأغلب، لكن بعضهم لعله يتعلم للمرة الأولى هذا النوع من المخاطر على الحدود".
– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Daily Mail البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.