لطالما كان العقل هو السرداب الآمن الذي يحوي أفكاره في مأمن من السرقة أو الضياع، يحوي مئات من الأفكار ويسيطر على الآلاف من العمليات الحيوية، ويسمح لنا ببناء عالمنا الخاص، ونرسم من مخيلتنا ما يحلو لنا، ونسترجع ذكريات ونستحضر صورَ وملامحَ أشخاصٍ، ونجسد مشاعرنا وأحلامنا دون أن يدرك أحد من المحيطين بنا فيما نفكر، وما الذي يحويه هذا العقل، حتى ولو ادعى أحدهم أنه يستطيع قراءة الأفكار، فهذا الادعاء الوهمي تساعده مهارة وخبرة في قراءة لغة الجسد والعين.
ومن هذا المنطلق قام فريق من الباحثين بجامعة Oregon ببناء نظام يمكنهم من التعرف على الأفكار التي تدور في العقل باستخدام تقنية fMR "Functional magnetic resonance imaging" وهي تقنية لتصوير الأنشطة الحيوية في العقل، وربط هذه التقنية ببرنامج للذكاء الاصطناعي وتدريب هذا البرنامج على تحويل التغيرات الحيوية في الدماغ أثناء عملية التذكر إلى أكواد يستطيع البرنامج قراءتها والتعامل معها وترجمتها بعد ذلك إلى صورة. تمت الاستعانة بـ23 متطوعاً في هذه التجربة التي انقسمت إلى مرحلتين:- المراجع: Reconstructing Perceived and Retrieved Faces from Activity Patterns in Lateral Parietal Cortex A Glimpse Inside the Dreaming Mind Scientists have invented a mind-reading machine. It doesn't work all that well. Scientists Have Invented a Mind-Reading Machine That Visualises Your Thoughts Magnetic Resonance, Functional (fMRI) – Brain ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
الأولى منها كانت لبرمجة النظام على قراءة الأنشطة الحيوية للمتطوعين أثناء رؤيتهم لمجموعة من الصور.
والثانية كانت تعتمد على قدرة النظام على قراءة أفكار المتطوعين التي كانت تتمثل في تخيل شكل أحد الأشخاص، وعلى النظام أن يستطيع التعرف على صور هؤلاء الأشخاص في مخيلة المتطوعين. وبالفعل استطاع الباحثون استخراج صورة مقاربة للصور الأصلية على الرغم من عدم تطابق الملامح، إلا أن الصفات الرئيسية -كلون البشرة وجنس الشخص وكونه سعيداً أم حزينا- كانت واضحة، وقام الفريق بعمل استطلاع رأي للتعرف على مدى دقة هذه الصور.
ويعد هذا نجاحاً عظيماً وخطوة للمجتمع العلمي تجاه قراءة الأفكار والتعرف على سر جديد من أسرار العقل، وبالرغم من ذلك فإنه ليس الأول من نوعه فقد قام مجموعة من الباحثين في اليابان بعمل تجربة مشابهة لقراءة الأحلام أثناء النوم، وكانت ناجحة بنسبة 60 في المائة، وهكذا فقد اقتربنا من قراءة الأفكار ولعلنا نفكر الآن ما النفع والضرر الذي سنتعرض له في حين هذا النمو المتسارع للتكنولوجيا والابتكار. وقد لا يحمل المدونون والكتاب عناءَ الكتابة وترتيب أفكارهم؛ لأن آلة قراءة الأفكار سوف تقوم بهذا الواجب بدلاً عنهم.