من المتوقع أن تجري الحرب التجارية التي فتحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على خمس جبهات تتراوح بين الصين والمكسيك مروراً بأوروبا، ستستخدم فيها الحمائية والإجراءات المالية الهادفة إلى ضمان الأولوية للصادرات الأميركية.
والهدف الذي يريد ترامب تحقيقه هو الحد من العجز التجاري للولايات المتحدة مع بقية العالم الذي وصل عام 2016 إلى نحو 500 مليار دولار.
وخلال الاجتماع الأخير لوزراء مالية مجموعة العشرين في ألمانيا رفضت الولايات المتحدة تضمين البيان النهائي للاجتماع العبارة التقليدية التي تشير دائماً إلى ضرورة مكافحة الحمائية، بعد أن كانت واشنطن خلال عقود طويلة رأس الحربة في محاربة الحمائية.
الجبهة الأولى: الصين
يزور الرئيس الصيني تشي جينبينغ الرئيس الأميركي الأسبوع المقبل في الولايات المتحدة، وأعلن الأخير قبل الزيارة أن اللقاء سيكون صعباً جداً. ووصل العجز التجاري مع الصين إلى 310 مليارات دولار العام الماضي أي نحو ثلثي مجموع العجز الكامل، رغم تراجعه قليلاً خلال العامين 2015 و2016.
وتعتبر الولايات المتحدة أن السلطات الصينية تبقي اليوان منخفضاً بشكل مصطنع لتسهيل الصادرات الصينية. كما ترى أن بكين تحمي سوقها خصوصاً في مجال السيارات عبر إبقاء الضرائب مرتفعة على الواردات.
الجبهة الثانية: نافتا
إن اتفاق التبادل الحر في شمال أميركا المعروف باسم "نافتا" بالإنكليزية يقيم منطقة واسعة من التبادل الحر تضم منذ العام 1994 الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.
ويقول ترامب إن هذا الاتفاق ساهم في نقل ملايين الوظائف في مجال الصناعة الأميركية إلى المكسيك، ويريد إعادة التفاوض بشأنه، وحتى فرض ضريبة على الحدود على البضائع المصنعة في المكسيك. ووصل العجز التجاري مع المكسيك عام 2016 إلى 62 مليار دولار.
ويعتمد ترامب لهجة أكثر تصالحية مع كندا التي تعتبر المزود الأول للولايات المتحدة بالنفط إذ تؤمن لها 40% من وارداتها النفطية. وتمكنت الولايات المتحدة من تحقيق فائض في الميزان التجاري مع كندا بلغ عام 2016 ثمانية مليارات دولار.
الجبهة الثالثة: آسيا
من أول القرارات التي اتخذها ترامب بعد وصوله إلى البيت الأبيض كان انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادىء الذي يضم 11 بلداً في كل من آسيا وأوقيانيا وأميركا الجنوبية. وكان الرئيس السابق باراك أوباما ناقش طويلاً هذا الاتفاق الذي لم يوافق عليه الكونغرس بعد وبالتالي لم يبدأ العمل به. ولا يضم الاتفاق الصين التي سبق وأن أعلنت أنها تريد إقامة منطقة تبادل حر في هذه المنطقة الأمر الذي سيزيد من التوتر مع واشنطن.
الجبهة الرابعة: أوروبا
يستهدف ترامب في أوروبا ألمانيا خصوصاً بسبب العجز الأميركي التجاري معها. ففي عام 2016 بلغ العجز التجاري الأميركي مع ألمانيا 68 مليار دولار. وفي كانون الثاني/يناير الماضي شن بيتر نافارو أحد مستشاري ترامب للسياسة التجارية هجوماً على برلين التي اتهمها بـ"استغلال" شركائها التجاريين، خصوصاً الولايات المتحدة، قائلاً إن اليورو (الذي أطلق عليه تسمية المارك المقنع) أقل من قيمته الفعلية.
وهناك خلافات أخرى مع الاتحاد الأوروبي حول الدعم الذي تحصل عليه شركة إيرباص وواردات البقر بهورمونات أميركية الممنوعة في الاتحاد الأوروبي.
الجبهة الخامسة: منظمة التجارة العالمية
لا توفر إدارة ترامب الانتقادات بحق منظمة التجارة العالمية مع أن واشنطن كانت من أشد المؤيدين لها عند تأسيسها عام 1995. وخلال اجتماع مجموعة العشرين لم يستبعد وزير الخزانة الأميركية ستيفن منوتشين إعادة التفاوض حول الاتفاقات التجارية المتعددة الأطراف التي يفترض في بلاده أن تطبقها.
ذلك أن النظم المعتمدة من قبل منظمة التجارة العالمية يمكن أن تمنع الولايات المتحدة من تطبيق مشروعها "بوردر إدجاستمنت تاكس" الذي يعطي أفضلية للصادرات الأميركية ويفرض قيوداً على الواردات.
إلا أن الإدارة الأميركية لا تزال منقسمة إزاء هذا الملف الذي يصفه ترامب بأنه "شديد التعقيد".