هذا المقال جزء من تحقيق: "بالأدلة والوثائق والصور .. من يقف وراء محاولة الانقلاب في تركيا؟"
في بداية التسعينات نشرت قناة تليفزيونية تركية تسجيلًا مسربًا لفتح الله غولن، الزعيم الديني التركي، أثار ضجة هائلة.
كان غولن يتحدث في التسجيل عن تغلغل حركته في مؤسسات الدولة الدستورية وبنية الجمهورية التركية.
Video shows #Gulen urging followers to secretly infiltrate Turkish state institutions #TurkeyCoupAttempt #July15https://t.co/VQHyhfGfOg
— Voicesofjuly15Turkey (@voicesofjuly15) August 18, 2016
وبعد نشر هذه التسجيلات، سُجلت قضية ضد فتح الله غولن في محكمة أمن الدولة، وطالبت النيابة بالقبض عليه. وفي 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2001، ذهب غولن إلى المدعي بروس ريبيتو في مكتب المدعي الفيدرالي بمدينة نيوآرك، ليشهد بأن التسجيل مفبرك. أما عضو النيابة نصرت ديميرل الذي طالب باعتقال غولن فقد أُجبر على الاستقالة عام 2002 بعد تسريب أشرطة جنسية له. لكن الصدفة الحقيقية هي أن الصحفي علي كيرجا، الذي سرب تلك الأشرطة، استقال لاحقاً بعد تسريب أشرطة جنسية له هو الآخر. وفي 2003 تم تأجيل قضية غولن لخمس سنوات، وفي 2008 برأته المحكمة العليا بالإجماع.
لم تكن التسجيلات السرية معروفة فقط للأتراك، ولكن أيضاً للسفير الأميركي في ذلك الوقت، جيمس جيفري. وفي رسالة بعثها إلى واشنطن عام 2009 أشار السفير إلى خطاب غولن بشأن اختراق مؤسسات الدولة.
تطلب الولايات المتحدة الآن أدلة دامغة على وقوف المنظمة خلف محاولة الانقلاب، مع أن الدولة الأميركية كانت على وعي تام، لعشر سنوات على الأقل، بأن فتح الله غولن ليس مجرد "شيخ صوفي"، ولكنه رجل بمنظمة وتنظيم موازٍ للدولة التركية.
سيكون كافياً في هذا الإطار الإشارة إلى عدد من تلغرافات السفارة الأميركية التي تم إرسالها إلى واشنطن.
السفير الأمريكي في أنقرة إريك إيدلمان (2005):
"ركزت جماعة غولن واستطاعت بنجاح كبير بناء شبكة عالمية من المدارس وشبكات ضخمة من الشركات والأعمال والصحفيين والكُتاب في كل أنحاء تركيا. كذلك اخترقت المئات من أفراد الشرطة الوطنية والقضاء، والرقابة الإدارية، وحتى داخل حكومة حزب العدالة والتنمية. لكن إشارات ظهرت مؤخراً تدلل على عدم رضا الجماعة عن أداء أردوغان مؤخراً ويبدو أنها تبعد نفسها عنه".
القنصل العام في اسطنبول شارون أ. وينر (2009):
"مجموعة أخرى تشعل غضب الكماليين، هم أتباع فتح الله غولن. تتفق مصادرنا على أنهم في كل مكان داخل الدولة التركية والمجتمع، بما في ذلك أعظم قلاع الكمالية: الجيش".
السفير الأمريكي في أنقرة جيمس جيفري (2009):
"لدينا معلومات عن أن المتقدمين لاختبارات الشرطة من أتباع غولن يحصلون على أجوبة الامتحان مسبقاً"
كانت الولايات المتحدة على علم تام بما يحاول الغولنيون بناءه داخل الجيش والدولة التركية.
جيفري، الذي عمل سفيراً بين 2008 و2010 في أنقرة، قال في مقابلة عقب الانقلاب:
"اخترقت جماعة غولن الجيش بشكل ما حسب علمي. هناك بالطبع اختراق أوسع في الشرطة والقضاء. لقد رأيت ذلك عندما كنت في تركيا في السابق، خاصة في قضايا أرغنكون، وقضية هاكان فيدان رئيس المخابرات التركية، وقضايا الفساد في 2013. إنه من الواضح للغاية أن الجماعة قد اخترقت قطاعاً واسعاً من البيروقراطية التركية، وأن ولاءات العديد من الموظفين صارت للجماعة وليس للدولة. وهذا الأمر غير مقبول بالطبع، وخطير جداً. ومن المرجح أن يكون ذلك هو ما أدى إلى محاولة الانقلاب".
كانت السفارة الأميركية واعية تماماً لمنظمة غولن السرية داخل الجيش، والأساليب التي تستخدمها لاختراق النظام، والعديد من الرسائل الأخرى تؤكد ذلك.
هذا المقال جزء من تحقيق: "بالأدلة والوثائق والصور .. من يقف وراء محاولة الانقلاب في تركيا؟"