منقسمون يجمعهم ترامب.. القول “لا” لحل الدولة الواحدة في فلسطين يجمع قادة العرب ضد نهج الرئيس الأميركي

عربي بوست
تم النشر: 2017/03/29 الساعة 07:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/03/29 الساعة 07:10 بتوقيت غرينتش

يأمل قادة العالم العربي المُنقسِم، الذين يواجهون أزماتٍ مُتعدِّدة إلى جانب التوجُّس من نهج الرئيس ترامب إزاء الشرق الأوسط، في صياغة مواقف مشتركة بشأن الشواغل الأكثر إلحاحاً في المنطقة في لقاء الأربعاء، 29 مارس/آذار، في قمَّتهم السنوية.

وبصورةٍ خاصة، من المُتوقَّع على نطاقٍ واسع أن يعيد القادة العرب في نهاية قمتهم التأكيد على دعمهم لحل الدولتين في الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، باعثين بإشارةٍ قوية إلى البيت الأبيض، إذ أشار ترامب إلى استعداده لإحداث قطيعةٍ مع الدعم الأميركي طويل الأمد لقيام دولةٍ فلسطينية ذات سيادة إلى جانب إسرائيل، وهو التحوُّل الذي يمكن أن يَضُرَّ بالجهود الرامية إلى استئناف عملية السلام.

ومن المُتوقَّع أن يُشدِّد القادة العرب في كلماتهم على معارضتهم للتعهُّد الذي قطعه ترامب أثناء حملته الانتخابية، والخاص بنقل السفارة الأميركية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس. ويُطالِب كلٌّ من الإسرائيليين والفلسطينيين باعتبار القدس عاصمةً لهم، ويخشى الكثيرون من أن يؤدي نقل السفارة هناك إلى اندلاع أعمال عنفٍ في إسرائيل وفي أنحاء العالم الإسلامي.

مسودة البيان الختامي


وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، تنص مسودة البيان، التي تُفيد تقارير بأنَّ الوفد الفلسطيني أعدَّها ووافق عليها وزراء الخارجية العرب، على أنَّ أعضاء الجامعة العربية "يؤكِّدون مجدداً التزامهم بحل الدولتين".

وتدعو المذكرة "كل الدول إلى احترام قرارات مجلس الأمن التي ترفض ضم إسرائيل للقدس الشرقية المحتلة"، و"ألّا تنقل سفاراتها إلى القدس".

ويأتي اجتماع الجامعة العربية في وقتٍ يسود فيه الإحباط أنحاءَ العالم العربي بسبب عجز قادته، الذين فرَّقت بينهم السياسة، والجغرافيا، والانتماء الطائفي، عن تسوية الصراعات الدامية في الشرق الأوسط، وتحقيق الاستقرار في اقتصاداتهم المُتقلِّبة، وتخفيض المعدلات المرتفعة للبطالة في صفوف الشباب. وتنقسم الحكومات العربية بشأن الطريق الذي يجب سلوكه للمُضي قُدُماً في سوريا، وليبيا، واليمن.

وقال وزير الخارجية الأردني، أيمن الصدفي، للصحفيين الذين تجمَّعوا في منطقة البحر الميت الهادئة: "إنَّه واقعٌ صعب ذلك الذي نعيش فيه. وهناك تحدِّياتٌ ضخمة تواجهنا جميعاً، من تحديات الإرهاب، وتحديات الاحتلال المتواصل، والأزمات في سوريا، وليبيا، واليمن. وأدَّى ذلك إلى تآكل ثقة الناس في النظام الإقليمي العربي".

ومع ذلك، من المستبعد أن يكون هناك أي ضغطٍ حقيقي لإنهاء الصراع الأكثر دمويةً في المنطقة – الحرب الأهلية السورية. ولا يزال القادة العرب منقسمين حول الدور المستقبلي لرئيس النظام السوري بشار الأسد، وحول أي الفصائل التي تدعمها، وسمحت تلك الانقسامات لروسيا، وتركيا، وإيران بالاضطلاعِ بدورٍ أكبر في الصراع.

فرصة للتقارب


ويحضر العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، القمة، ما يُقدِّم فرصةً للتقارب بين بلديهما. وكانت التوتُّرات كبيرة بينهما خلال الشهور الأخيرة، وخصوصاً بشأن سوريا. إذ تدعم الرياض المعارضة السورية، في حين تدفع مصر باتجاه تسويةٍ سياسية يمكن أن تُبقي الأسد في السلطة. وتستاء السعودية من أنَّ مصر لم تشارك في قواتٍ التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن. وفي أكتوبر/تشرين الأول، قطع السعوديون المساعدات النفطية عن مصر، على الرغم من أنَّ الشُّحنات قد استُؤنِفَت هذا الشهر، مارس/آذار.

وفي خِضّم هذه الاضطرابات، تُعد إحدى الرسائل التي يرغب القادة العرب المجتمعون في القمة في توجيهها هي وحدتهم. وتُتيح لهم القضية الفلسطينية تحقيق ذلك.

القادة إلى واشنطن


ومن المُقرَّر أن يسافر العديد من القادة الحاضرين في القمة، بمن فيهم السيسي، والعاهل الأردني عبد الله الثاني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، الشهر المُقبِل، أبريل/نيسان، إلى واشنطن للقاء ترامب. وقال مسؤولون حكوميون إنَّ العاهل الأردني يعتزم أن يناقش مع ترامب مخاطر التطرُّف، والإرهاب، والحرب في سوريا، وليبيا، واليمن، وبالأخص الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني.

وقد أُهمِل هذا الصراع، الذي مثَّل القضية الرئيسية للعالم العربي على مدى عقود، خلال السنوات القليلة الماضية في خضم انتفاضات الربيع العربي في 2011، والحروب التي أعقبتها في سوريا، والعراق، وليبيا، واليمن. وتستقبل مُضيفة القمة، الأردن، نحو مليوني لاجئ فلسطيني، وتسعى إلى إعادة محنة الفلسطينيين من جديد لتكون قضيةً مركزية لكل العرب.

من المتوقع أن يؤيد القادة العرب خطة إحلال السلام التي تقدمت بها السعودية، والمعروفة بمبادرة السلام العربية التي اقتُرِحَت منذ 15 عاماً. وتدعو هذه الخطة إسرائيل للانسحاب من الأراضي التي استولت عليها عام 1967 في مقابل علاقات دبلوماسية واقتصادية كاملة مع الدول العربية والإسلامية المعتدلة. سوف يسمح هذا الأمر بخلق دولة فلسطينية مستقلة تشمل الضفة الغربية، وقطاع غزة، والقدس الشرقية.

وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة بير زيت القريبة من رام الله، غسان خطيب، إنَّ القمة مهمة لمواجهة الاقتراحات الأخيرة التي أدلى بها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، التي قال فيها إنَّ التوصل لسلام مع الفلسطينيين ينبغي أن يبدأ بمبادرة إقليمية أوسع.

وقال خطيب: "يعتقد نتنياهو أن بعد الوصول إلى علاقات طبيعية مع الدول العربية المعتدلة، سوف يكون من السهل التوصل لسلامٍ مع الفلسطينيين".

وأضاف أنه لو أعاد العرب تأكيد التزامهم بمبادرة السلام العربية، فسوف يأتي هذا ضد الانطباع الذي أعطاه ترامب في مؤتمر صحفي، الشهر الماضي، مع نتنياهو عندما قال إنه قِبَل مقترح رئيس الوزراء الإسرائيلي بالبدء في عملية سلام إقليمية.

وقال الخطيب: "لو جاء قرار القمة العربية مؤيداً للمبادرة السعودية، فسوف يتناقض هذا مع ما قاله نتنياهو، ونأمل في يلعب ذلك دوراً في تشكيل الموقف النهائي للولايات المتحدة من هذه القضية".

المبادرة السعودية


وقال محلِّلون إن القادة العرب قد طُلِبَ منهم دعم المبادرة السعودية في صيغتها الحالية. وقال أعضاء من الوفد الفلسطيني، إنهم يخشون من أي مفاوضات من شأنها أن تضعف موقفهم.

وقال إفرايم إنبار، المدير المؤسس لمركز بيغين- السادات للدراسات الاستراتيجية بجامعة بار إيلان بتل أبيب، إنَّ الأمر بسيط: لو كانت الجامعة العربية راغبة في التفاوض حول خطتها، فإنَّ هناك ما يمكن الحديث عنه.

وقال إنبار: "حتى الآن، فإنَّ الخطة السعودية قد عُرضت بطريقة: إما أن تقبلها كلها أو ترفضها كلها، وإسرائيل ليست مستعدة حالياً لذلك".

وأضاف إنبار: "نتنياهو مستعد للتفاوض لو كان السعوديون مستعدين للذهاب إلى طاولة المفاوضات".

إيران والإرهاب


الموضوعان الآخران اللذان يمكن للقادة العرب أن يُظهِروا اتحادهم من خلالهما هما إيران والإرهاب. يخشى أغلب القادة العرب السُّنة، خصوصاً في السعودية، من النظام الديني الشيعي في طهران. وفي اليمن، يُعتَقَد بشكلٍ كبير أنَّ الإيرانيين يدعمون المتمردين الحوثيين الشيعة، أعداء التحاف الذي تقوده السعودية والذي يقود حملةً نيابةً عن الحكومة اليمنية المحاصرة.

وكتب المُعلِّق السياسي أسامة شريف، في جريدة "عرب نيوز" الإقليمية اليومية: "سوف يحتل التدخل الإيراني في الشؤون العربية جزءاً كبيراً من النقاشات، ومن المؤكد أنَّ القمة سوف تُدينه، لكنَّ الأردن أيضاً سوف تسعى إلى توصيل رسالة إلى طهران، لكي تعتمد الدبلوماسية وتطبع علاقاتها مع العالم العربي".

وقال وزير الخارجية الأردني، إنَّ ثمة رغبة سياسية بين القادة العرب في تنفيذ ما صرَّحوا به، وفي معالجة تحديات المنطقة.

وأضاف الوزير أنهم سوف يعملون بشكل أكثر فاعلية في محاربة الإرهاب "الذي نعتبره تهديداً لنا نحن العرب والمسلمين أولاً؛ لأنه قَتَل منَّا أكثر مما قتل من أي عرق آخر أو أمة أخرى".

وقال الوزير: "سوف نمضي قدماً في خلق واقع جديد من الأمل، والفرصة، والسلام والاستقرار في المنطقة".

ـ هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Washington Post الأميركية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

تحميل المزيد