قبل يوم من الشروع رسمياً في آلية بريكست، يصوت مجلس النواب الاسكتلندي، الثلاثاء 28 مارس/آذار 2017، لإعطاء الضوء الأخضر من أجل تنظيم استفتاء جديد حول الاستقلال يهدد بأن يؤدي إلى تفكيك المملكة المتحدة.
وتتم عملية التصويت عشية تفعيل إجراءات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ما يزيد من أبعاد هذين الحدثين التاريخيين.
ويبدو تزامن الاستحقاقيْن منطقياً في ضوء ارتباط رغبة اسكتلندا في الانفصال عن باقي المملكة المتحدة بعملية الخروج من الكتلة الأوروبية التي ستباشرها بريطانيا رسمياً الأربعاء 29 مارس 2017.
ولولا بريكست الذي وافق عليه 52% من البريطانيين ورفضه 62% من الاسكتلنديين، لما كانت رئيسة الوزراء الاسكتلندية، نيكولا ستورجن، طلبت تنظيم استفتاء جديد لتقرير المصير بعد 3 سنوات فقط من التصويت الذي خسر فيه الاستقلاليون بنسبة 45% مقابل 55% لأنصار البقاء ضمن المملكة المتحدة.
وشددت زعيمة الحزب الوطني الاسكتلندي، المطالب ببقاء اسكتلندا على الأقل في السوق الأوروبية الموحدة، على أن "الظروف تغيرت مع بريكست".
وهي تأمل تنظيم استفتاء جديد نهاية 2018 أو مطلع 2019، قبل الموعد المحدد لإنجاز مفاوضات بريكست.
غير مقبول
وتكمن المرحلة الأولى بالنسبة لستورجن في الحصول، بعد ظهر الثلاثاء، على إذن من البرلمان الاسكتلندي يجيز لها أن تطلب من لندن إجراء استفتاء حول الاستقلال.
ويفترض أن يقر النواب بلا صعوبة خلال تصويت الأربعاء المشروع؛ إذ يحظى الحزب الوطني الاسكتلندي، صاحب الأغلبية، بدعم المدافعين عن البيئة، ما سيمكنه من تخطي معارضة المحافظين والعماليين الاسكتلنديين الذين يرفضون الاستقلال.
وبعد الحصول على إذن البرلمان، ينبغي أن تحصل ستورجن على الضوء الأخضر من البرلمان البريطاني وحكومة رئيسة الوزراء تيريزا ماي.
وبإمكان ماي مبدئياً عرقلة المبادرة، لاسيما أنها تعتبر "الوقت غير مناسب" لتنظيم استفتاء في اسكتلندا.
لكنه سيكون من الصعب سياسياً التصدي لتصويت البرلمان الاسكتلندي. وتردد ستورجن أن ذلك سيكون "غير مقبول على الإطلاق"، مشددة على أنها تحظى بـ"تفويض ديمقراطي لا يمكن إنكاره".
ماذا يشكّل الاستفتاء الجديد ؟
إلا أن هذا التصويت حول الاستفتاء بشأن استقلال اسكتلندا، يشكل استمراراً لتاريخ شهد الكثير من التقلبات بين اسكتلندا وإنكلترا قبل اتحادهما عام 1707.
منذ بداية القرن الثاني (نحو 120)، شيَّد الرومان جدار هادريان لحماية أنفسهم من القبائل الكاليدونية ورسم الحدود الشمالية لإنكلترا الحالية.
بعد نحو 700 سنة ومع تقدم الفايكينغ، أصبح كينيث ماك ألبين أو كينيث الأول مؤسس أول ملكية اسكتلندية بعدما نجح في جمع شعوب البيكتس والسكوتس.
حروب الاستقلال
طوال القرون الوسطى بأكملها، توالت الحروب بين المملكتين الاسكتلندية والإنكليزية. وعندما دُعي ملك إنكلترا إدوارد الأول إلى التحكيم في الخلافة العائلية الملكية الاسكتلندية، أعلن نفسه ملكاً على اسكتلندا وقام بغزوها في 1296. بعد سنتين، هزم جيش إنكلترا "حارس مملكة اسكتلندا" وليام والاس، لكنه هزم بدوره أمام روبرت ذي بروس في 1314 ببانوكبرن.
في 1328، وُقّع اتفاق إدنبره نورثهامبتن للسلام، واستعادت مملكة اسكتلندا استقلالها، لكن المعارك لم تتوقف.
في 1502، وقّع معاهدة السلام الدائم ملكا اسكتلندا جيمس الرابع وإنكلترا هنري السابع، وحاولا بذلك وقف المعارك المتقطعة بين الدولتين. ومن تكريس هذا الاتفاق، قدم هنري الثامن ابنته مارغريت لتكون زوجة لجيمس الرابع.
اجتمعت المملكتان في 1603 مع اعتلاء جيمس الرابع عرش إنكلترا بصفته أقرب ورثة ملكة إنكلترا إليزابيث الأولى.
لكن إنكلترا واسكتلندا بقيتا كيانين سياسيين منفصلين حتى يناير/كانون الثاني 1707 عندما وقعت بعد مفاوضات طويلة معاهدة الاتحاد التي وُلدت معها مملكة بريطانيا العظمى، وعلى رأسها ملك وبرلمان.
تشكل هذه المعاهدة الأساس الفعلي للمملكة المتحدة التي تضم أيضاً إيرلندا الشمالية وويلز.
لا لـ"بريكست"
في 1934، أسس القوميون الاسكتلنديون المحبطون من تأثيرهم الضئيل في برلمان المملكة المتحدة، الحزب الاستقلالي "الحزب القومي الاسكتلندي".
في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني 1967، دفع اختراق حققه الحزب القومي الاسكتلندي بانتخابات جزئية في هاملتون، بقضية الاستقلال إلى واجهة الساحة الوطنية.
وبعد استفتاء حول نقل سلطات، حصلت اسكتلندا في 1998 على وضع منطقة شبه مستقلة وأصبح لها في العام التالي برلمان. ويتمتع برلمان اسكتلندا بصلاحيات واسعة، خصوصاً في مجالات التعليم والصحة والبيئة والعدل. أما القضايا المتعلقة بالدفاع والدبلوماسية، فتعود إلى لندن.
في 16 مايو/أيار 2007، وللمرة الأولى منذ نقل سلطات إليها، شغل الاستقلالي أليكس سالموند، زعيم الحزب القومي الاسكتلندي، رئاسة الحكومة وأطلق مجدداً فكرة إجراء استفتاء على الاستقلال.
في أكتوبر 2012، أقرت بنود الاستفتاء بين السلطتين التنفيذيتين البريطانية والاسكتلندية.
في 18 سبتمبر/أيلول 2014، دُعي أكثر من 4 ملايين اسكتلندي إلى الاستفتاء، صوّت 55 في المائة منهم ضد الاستقلال.
وبينما صوتت بريطانيا بنسبة 52 في المائة على الخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء 23 يونيو/حزيران 2016، أكد 62 في المائة من الاسكتلنديين أنهم يريدون البقاء في أوروبا، ما أطلق الجدل مجدداً حول الاستقلال.