يلتقي الملوك والرؤساء العرب في قمتهم السنوية العادية يوم 29 مارس/آذار 2017، وسط توقعات أن يسفر اللقاء عن تنقية بعض من أجواء التوترات العربية- العربية.
وتبدأ في الأردن أعمال القمة العربية في دورتها الـ28 لمجلس الجامعة، يوم الإثنين 27 مارس 2017 باجتماع وزراء الخارجية، فيما سبقته السبت اجتماعات المندوبين تميهداً للقاء الزعماء الأربعاء المقبل.
وتنعقد القمة العربية الجديدة في ظل مشهد إقليمي متفجر في سوريا والعراق واليمن وليبيا وعملية سلام متعثرة وحرب على الإرهاب معقدة.
ويبدو أن اللقاء سيشهد مشاركة واسعة للزعماء العرب ومرضية للدولة المضيفة التي تتسلم رئاسة القمة من موريتانيا. حيث تشارك جميع الدول بأعلى تمثيل لها باستثناء سلطان عمان والرئيسين الإمارتي والجزائري الذين يغيبون لأسباب مرضية. فيما لم تحدد بعد مشاركة ملك المغرب من عدمها -والذي اعتذر عن استضافة بلاده لقمة العام الماضي- وإن بات حضوره مرجحاً بعد زيارة ملك الأردن إلى الرباط لدعوته.
"هذه قمة المصالحات بكل تأكيد ويكفي ذلك حصاداً في ظل الظروف التي تمر بها المنطقة "، كما قال دبلوماسي مصري رفيع قريب من الاستعدادات للقمة.
في المقابل قال المتحدث الرسمي باسم جامعة الدول العربية محمود عفيفي إن المنظمة ليست طرفاً في عمليات تلطيف الأجواء تلك. "نحن غير متداخلين في موضوع إجراء مصالحات. هذا شأن خاص بالدول ويتم فيما بينها. إنما في النهاية أي جهد عربي يرمي إلى تقريب وجهات النظر بالتأكيد تسانده الجامعة العربية".
ويتفق دبلوماسيون عرب على أن الأجواء أصبحت مهيأة الآن لتنحية بعض الخلافات جانباً ويدللون على العديد من المؤشرات التي تدعو للتفاؤل بأن تخرج الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية من لقائهم الثامن والعشرين بنقاط اختلاف أقل من تلك التي تسبقه.
السعودية والعراق وأسباب التهدئة
نزع فتيل التوتر بدأ من بغداد نهاية الشهر الماضي التي شهدت الزيارة الأولى لوزير خارجية سعودي منذ ما يقرب من 15 عاماً.
"زيارة عادل الجبير قد تتبعها إعادة تعيين سفير سعودي في العراق بعد أن حل محله قائم بالأعمال قبل حوالي عامين"، كما قال مصدر دبلوماسي يفضل عدم ذكر اسمه، ولكنه رغم أهمية الزيارة يحذر من توقع "شهر عسل" بين بغداد والرياض ويضع التهدئة العراقية-السعودية على خلفية الساكن الجديد للبيت الأبيض.
وفي الأسبوع الماضي أجرى رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي محادثات في واشنطن مع الرئيس دونالد ترامب في أعقاب مباحثات الأخير مع الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد السعودي ولا يبدو التقارب بين البلدين بعيدا عن تفاصيل الزيارتين.
وهكذا يشارك العبادي في القمة العربية للمرة الأولى منذ توليه منصبه في 2014.
"في الصورة الأكبر جعل دونالد ترامب من محاربة داعش عنواناً لإستراتيجيته الكبرى في الشرق الأوسط، وجزء من المعركة بالطبع هو سقوط الرقة في سوريا، لكن جزءاً آخر منها هو استعادة الموصل في العراق وهذا ما أدركته السعودية. فباستعادة المدينتين تنعزل أيضاً إيران عن بعدها العربي"، كما أضاف المصدر الدبلوماسي لـ "عربي بوست".
تقارب مصري مع العراق والسعودية
التهدئة السعودية-العراقية سبقها تقارب مصري-عراقي يستند إلى سياسة مفادها أن "العراق يُستعاد بأن تنفتح عليه الدول العربية ولا تعزله وتتركه مسرحاً للنفوذ الإيراني وهي الفرضية التي قبل بها حسني مبارك في لحظة تجل"، على حد تعبير الدبلوماسي المصري.
الرياض عمدت إلى جانب القاهرة إلى تهدئة حدة التوتر الذي ساد العلاقات بينهما في الأشهر الأخيرة على خلفية اختلاف الرؤى تجاه الملف السوري، وامتداده إلى أزمة ترسيم الحدود البحرية بين البلدين بعد حكم قضائي يمنع الدولة المصرية من تسليم جزيرتي تيران وصنافير إلى المملكة.
تجليات الخلاف ظهرت قبل 6 أشهر عندما أبلغت شركة النفط السعودية أرامكو مصر بوقف تزويدها بشحنات منتجات النفط – بحسب اتفاق قيمته 23 مليار دولار يسدد بدفعات ميسرة على مدار 5 سنوات.
وتجليات التقارب أعلن عنها وزير البترول المصري طارق الملا باستقبال الموانئ المصرية شحنتي سولار من الشركة السعودية قبل أسبوع من القمة، رغم تأكيد الوزير على استمرار استيراد النفط العراقي.
"من المتوقع أن نشهد لقاءً حاراً بين الملك سلمان والرئيس السيسي"، كما أضاف الدبلوماسي المصري.
السلطة الفلسطينية تحتاج إلى دعم مصري
دبلوماسية التهدئة العربية طالت السلطة الفلسطينية حيث زار الرئيس الفلسطيني محمود عباس القاهرة، والتقى الرئيس المصري للمرة الأولى منذ 10 أشهر بعد أن تفاقمت التوترات بين السلطة الفلسطينية والإدارة المصرية على خلفيات ما يعتقده عباس دعماً لخصمه اللدود القيادي المعزول من حركة فتح محمد دحلان.
"أبو مازن يبدو مهدداً أمام إدارة أميركية قد تنسف فكرة حل الدولتين، وهو لا يمتلك رفاهية أن يذهب إلى واشنطن متخلياً عن ظهير عربي أو دعم مصري"، كما يعتقد الدبلوماسي المصري.
وأشاد دبلوماسي عربي مسؤول في الجامعة العربية بالتقارب مع عباس، وكذلك بزيارة طه عثمان الحسين وزير الدولة السوداني ومدير مكتب الرئيس عمر البشير الجمعة الماضية للقاهرة في محاولة للسيطرة على التراشق الإعلامي بين مصر والسودان. "يبدو أن مصر تصحح مسار العلاقات"، في رأي الدبلوماسي العربي.
ملف العودة السورية للجامعة العربية
رغم ذلك فإنه من غير المتوقع أن يأتي البيان الختامي – الذي سيخرج ببنود ثمانية- بمقررات تحمل مفاجآت وإنما بالبنود التقليدية عن دعم القضية الفلسطينية وإدانة التدخلات الإيرانية أو تجديد الدعوة لإخلاء المنطقة من السلاح النووي أو تجديد الموقف من العربي من الأوضاع في الصومال والسودان. ورغم تصريح الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبوالغيط، أن "إعلاناً مهماً" سيصدر عن القمة العربية، يقول المسؤول الكبير بالجامعة العربية إن "الملفات الثلاثة الرئيسة تراوح مكانها من دون تطور واضح، وهي ملفات التفاوض مع إسرائيل، وسوريا، والتعاون الاقتصادي العربي"، كما يشرح المسئول بالجامعة:
أولاً: لا يوجد أي اتفاق أو شبه اتفاق للضغط على إسرائيل، لأن عدداً من الدول تحتاجها بحكم ما لديها من ثروة معلوماتية كبيرة في ظل الحرب على الإرهاب.
ثانياً: عودة أهم دولة إلى حضن الجامعة أي سوريا ليست مطروحة للنقاش.
ثالثاً: ملف التعاون الاقتصادي المشترك شبه معلق، ولا تزال المسافات فيه بين الأعضاء بعيدة جداً.
لكنه يضيف "لابد وأن نعطي الأمل وإلا فلا مجال للجامعة العربية".