هل هناك علاقة بين إثارة السودان قضية حلايب وسد النهضة؟.. إليك أسباب الأزمة كما يراها المصريون

عربي بوست
تم النشر: 2017/03/21 الساعة 14:27 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/03/21 الساعة 14:27 بتوقيت غرينتش

عاد الخلاف المصري – السوداني بشأن ملكية مثلث حلايب وشلاتين الحدودي للواجهة مجدداً، وسط تراشق إعلامي بين الجانبين حول قضايا عدة أخرى؛ من بينها هوية فرعون النبي موسى الشهير.

وجاء ذلك بعد إعلان السودان تكوين لجنة لحسم قضية منطقة مثلث حلايب وأبو رماد وشلاتين الحدودية، وترحيل المصريين منها دبلوماسياً.

و"حلايب وشلاتين" قضية مزمنة بين مصر والسودان، تكاد لا تهدأ حتى تعود للاشتعال مع كل عارض للخلاف بين الدولتين رغم العلاقة التاريخية الوثيقة بينهما.

ويتهم خبراء مصريون القيادات السودانية بأنها تثير هذه القضية لأسباب سياسية ولحشد التأييد الشعبي حولها وإثارة نعرات وطنية لدى الشعب السوداني، وكذلك استخدامها كورقة ضغط ضد القاهرة، بينما يلوح السودان باللجوء إلى التحكيم الدولي إذا فشلت العملية السياسية مع الجانب المصري، كما يواصل تقديم شكوى سنوية إلى مجلس الأمن بشأن عائدية مثلث حلايب المتنازع عليه مع مصر.

غير أن وزير الخارجية، سامح شكري، اتفق مع نظيره السوداني إبراهيم غندور، في اتصال هاتفي، على عقد جولة تشاور سياسي بالخرطوم خلال النصف اﻷول من شهر أبريل/نيسان المقبل، بحسب بيان صادر عن الخارجية المصرية مساء الثلاثاء 21 مارس/آذار 2017.

فما السبب هذه المرة لإثارة هذه القضية من وجهة نظر الخبراء والمحللين المصريين؟

سد النهضة


أماني الطويل، الخبيرة بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، والمتخصصة في الشؤون السودانية، قالت إن الخرطوم أثارت قضية مثلث "حلايب وأبو رماد وشلاتين الحدودية " حاليًا؛ استباقًا للتقرير الذي سيقدمه "المكتب الاستشاري الفرنسي" في شهر أبريل 2017 حول تأثير سد النهضة بإثيوبيا على مصر والسودان، حسب قولها.

وذكرت الطويل لـ"عربي بوست"، أن المكتب الاستشاري الفرنسي سيقدم تقريراً بالتأييد المبدئي لاستكمال بناء سد النهضة الأثيوبي، بناء على الدراسة المقدمة للمكتب من اللجنة السودانية بعدم وجود أضرار على أراضيها ومصبها من إنشاء السد.

وكان المكتب الاستشارى الفرنسي "بى آر إل" طلب من "مصر وإثيوبيا والسودان"، في سبتمبر/أيلول 2016، تقديم تقرير حول الآثار السلبية للسد، في إطار تنفيذ توصيات اللجنة الدولية للخبراء، يتم بعدها عرض التوصيات الفنية للتعامل مع الآثار السلبية للمشروع.

وأوضحت الطويل أن السودان أثار أزمة "حلايب وشلاتين" حاليًا؛ لتصعيد الموقف ضد مصر وتبرير موقفه الإيجابي من التقرير الخاص بسد النهضة الإثيوبي.

الخبيرة بالشأن السوداني، أشارت إلى أن إثارة الخرطوم قضية "حلايب وشلاتين" حاليًا، كان أيضًا نتيجة لدعم مصر وتحسين علاقاتها مع جنوب السودان، وهو ما يثير قلق السودان ومخاوفه.

وتقع منطقة حلايب وشلاتين على الحدود الرسمية بين مصر والسودان، وتبلغ مساحتها 20 ألف كيلومتر مربع على ساحل البحر الأحمر، وتعتبرها مصر عمقاً استراتيجياً هاماً لها؛ لكونها تجعل حدودها الجنوبية على ساحل البحر الأحمر مكشوفة ومعرضة للخطر وهو الأمر الذي يهدد أمنها القومي، كما تنظر السودان إلى المنطقة باعتبارها عاملاً هاماً في الحفاظ على وحدة السودان واستقراره السياسي.

وأعلنت السودان الأحد 19 مارس 2017، تكوين لجنة لحسم قضية منطقة مثلث حلايب وأبو رماد وشلاتين الحدودية، وترحيل المصريين منها.

وقال عبد الله الصادق، رئيس اللجنة الفنية لترسيم الحدود بالسودان، لصحيفة "سودان تريبيون": إن "اللجنة عقدت اجتماعاً تمهيدياً؛ لوضع موجهات العمل ووضع خارطة طريق بشأن المنطقة وكيفية إخراج المصريين منها عبر الدبلوماسية".

وأشار إلى أن السودان لديها وثائق تثبت "سودانية حلايب التي تبلغ مساحتها 22 ألف كيلومتر، أي ما يعادل مساحة (ولاية الجزيرة) أواسط البلاد".

الخبيرة المصرية أماني الطويل، ترى أن السودان ربما يعتقد أن إثارة قضايا ضد مصر تقربه من دول الخليج العربي، وذلك بعد العديد من الأزمات الماضية بين القاهرة والرياض، غير أنها رأت أن الخرطوم لا تدرك أن تطورات الأحداث السياسية الحالية تفرض نفسها في اتجاه معالجة أي خلاف بين مصر والسعودية.

أزمة مزمنة


وأثيرت أزمة "حلايب وشلاتين" عدة مرات بين البلدين، وذلك منذ عام 1958، وكذلك في عهد مبارك والرئيس المعزول محمد مرسي، والقاهرة تعدها من ضمن أراضيها، بموجب اتفاقية الحكم الثنائي الإنكليزي المصري عام 1899، التي عبرها تقاسمت بريطانيا ومصر استعمار وإدارة السودان.

ومع إعلان مصر اتفاقية ترسيم حدود مع المملكة العربية السعودية تنازلت بموجبها عن جزيرتي "تيران وصنافير" للسعودية، وهو الأمر الذي لم يقره القضاء المصري، خرج السودان وقتها أيضًا ليعلن أن حلايب وشلاتين تابعتان له ويريد استرجاعهما من مصر.

ويعتبر السودان الوثائق التاريخية والقانونية وخصائص السكان وكذلك الجغرافيا، كل هذه عوامل تؤكد تبعية حلايب وشلاتين له، حسبما قال السفير السوداني في القاهرة، عبد المحمود عبد الحليم، في تصريحات سابقة لـ"عربي بوست".

الإعلام المصري والسخرية من السودان


وكان السفير السوداني لدى مصر قد اتهم الإعلام المصري بشن حملة ممنهجة ضد بلاده والسخرية من تاريخها، على خلفية هجوم الإعلام المصري على زيارة قامت بها والدة أمير قطر، الشيخة موزا بنت ناصر، للسودان، وجالت خلالها على الأهرام والأماكن الأثرية في البلاد.

ونشرت الشيخة موزا، عبر حساباتها الإلكترونية الرسمية، العديد من الصور لها وهي تتجول في مدارس ومراكز ومصانع بالسودان، علاوة على زيارتها الأهرام السودانية في منطقة مروي التاريخية؛ للاطلاع على أهرام البجراوية التي يقوم بترميمها المشروع القطري-السوداني للآثار.

وأعقب ذلك هجوم من الإعلام المصري ضد قطر والسودان.

وكانت دولة قطر قد شرعت في ترميم آثار السودان، عبر 3 محاور تتمثل في (الحفريات، الترميم، إدارة المواقع)، بالإضافة إلى الترويج للمواقع السياحية. وهو ما استند إليه العديد من الإعلاميين المصريين بأن قطر تدعم السودان لإثارة القضايا العالقة بين الجانبين ضد مصر.

تحفيز النعرات الوطنية


وشرحت هويدا مصطفى، عميد معهد الشروق للإعلام، المتخصصة في الرأي العام، علاقة القضايا الخارجية ودورها في تحريك الرأي العام الداخلي، موضحة أنه بشكل عام فإن الحكومات تحاول أن تجعل شعوبها تلتف حولها في معظم القرارات والسياسات الخارجية التي تتخذها، وخاصة إذا كان عليها خلاف لسببين؛ أولهما استعطاف شعبها، والثاني الاستقواء بمواطنيها لتبرير بعض مواقفها الخارجية، حسب قولها.

المنتجات الغذائية ضحية الأزمة


وفِي خضم هذه الأزمات، قرر السودان، الجمعة الماضي، منع استيراد مزيد من المنتجات الزراعية المصنّعة في مصر بدعوى وجود مخاوف تتعلق بالسلامة والصحة العامة، حسب قول السلطات السودانية المختصة.

وقالت وزارة التجارة السودانية إنه تقرر وقف استيراد الأسماك المعلّبة والمربى والصلصة والكاتشب من مصر.

تحميل المزيد