مرت 18 ساعة على خروج محمد علي وأسرته مذ فروا من بيتهم في منطقة خاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في الموصل وهم يتنقلون على الطرق حاملين كل ما يمتلكون في الدنيا من أمتعة في بضع حقائب.
كان كل أملهم أن يجدوا ملاذاً لهم في أحد المخيمات. وحتى الآن لم يصادفهم الحظ.
قال علي (50 عاماً) وقد تحلق 20 من أقاربه بمن فيهم أبناؤه حوله "حاولنا في مخيم حمام العليل. كان ممتلئاً".
نقلتهم حافلة من هناك وأنزلتهم على مسافة بضع مئات من الأمتار من نقطة تفتيش لقوات البشمركة الكردية شرقي الموصل على الطريق المؤدي إلى مخيمي الخازر وحسن شام الكبيرين لكنهما كانا مكدسين بالنازحين أيضاً.
وقال علي "نرجو أن نتمكن من الذهاب للخازر. نحتاج فقط للمرور من نقطة التفتيش."
وأصبحت قصة علي قصة مألوفة.
يتدفق سيل النازحين العراقيين من غرب الموصل بوتيرة متسارعة مع اشتداد حدة القتال في المدينة. ويصلون إلى المخيمات ليكتشفوا أنه لا مكان لهم فيضطرون للعودة إلى الحافلات أو ركوب سيارات أجرة للوصول إلى مناطق أخرى.
ويتجه البعض إلى مخيمات جديدة يجري بناؤها لاستيعاب موجة النزوح لكن في ضوء سوء الأوضاع المعيشية يتجه كثيرون من سكان غرب الموصل إلى الشطر الشرقي من المدينة الذي استعادته القوات العراقية من تنظيم الدولة الإسلامية في يناير/كانون الثاني للإقامة مع أقارب لهم أو إيجاد مأوى في المباني التي لم يكتمل بناؤها.
وقد أدى الهجوم العراقي المدعوم من الولايات المتحدة لإخراج التنظيم من الموصل آخر معاقله الكبرى في العراق إلى انحصار مقاتلي التنظيم في الشطر الغربي من المدينة.
وقال جاسم محمد وزير الهجرة العراقي يوم الاثنين إن عدد النازحين من شطري المدينة منذ بداية الحملة بلغ 355 ألفاً.
وفي الآونة الأخيرة فتحت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مخيماً جديداً امتلأ عن آخره في غضون أسبوع كما أنها تبني مخيماً آخر في حمام العليل يسع استقبال آلاف الأسر.
وقد أصبحت حمام العليل نقطة الترانزيت الرئيسية للنازحين من الموصل. وعند المدخل الرئيسي للمخيم الحالي ينتظر مئات العراقيين في الوحل والبرد يستدفئون على نيران صغيرة أشعلوها أو يستخدمون الكبائن المتنقلة ويسألون أي الحافلات ستنقلهم في المرحلة التالية.
ويصيح كثيرون من سائقي سيارات الأجرة "الموصل الموصل" لنقل الركاب إلى الشطر الشرقي من المدينة.
مأوى في الشرق
يعد شرق الموصل وجهة مفضلة لكثيرين ممن لهم أقارب يعيشون هناك.
اليوم الاثنين قال بشري محمد علي الذي رحل عن الشطر الغربي مع شقيقته وابنتيه "في الركام لا يوجد شيء. إذا توفرت المياه فربما نعود. نحن نتجه شرقاً حيث لنا عائلة. لا نستطيع البقاء في تلك المخيمات."
وقالت امرأة تدعى أم تحسين فرت من حي الجديدة إن أسرتها رحلت قبل 11 يوماً دون طعام.
وأضافت أن مسلحي التنظيم "يضربون الناس الذين لا يعجبونهم أو يقتلونهم. فلماذا نذهب للمخيمات ونواجه مشقات أخرى هناك. سنذهب إلى الشرق. ربما لا توجد مياه هناك أيضاً لكن على الأقل لنا عائلة.
وفي وسط الشطر الشرقي من الموصل قال كثيرون من الشبان الذين كانوا يتجولون في السوق يوم الأحد إنهم من غرب الموصل وإنهم يتكدسون في البيت مع أعداد كبيرة من سبعة إلى 15 من أقاربهم الذين فروا معهم.
وخارج ضريح النبي يونس كان وضاح (30 عاماً)، الذي فر من المدينة القديمة الخاضعة لسيطرة التنظيم مع زوجتيه وطفليه وأسرة شقيقه، يعمل على جمع الركام في كومة.
وقال "جئت لأقيم مع ابن عمي في حي سومر."
وأضاف وضاح أن هذا الوضع ليس مثالياً إذ أن 15 شخصاً مكدسون في بيت ابن عمه وبناء آخر وإن كان ذلك أفضل من البقاء في البرد والمخيمات المكتظة.
وأكثر ما جعل وضاح يشعر بالارتياح هروبه من تنظيم الدولة الإسلامية لكنه يشعر بالقلق على أقاربه المحاصرين حتى الآن في غرب المدينة. ولم يذكر سوى اسمه الأول خشية التعرف على أقاربه.
وقال "شقيقي هناك. يحاول الاتصال كلما أمكنه ذلك باستخدام هاتفه من الدور السفلي." ويهدد مقاتلو التنظيم من يضبطون وهم يستخدمون هواتفهم المحمولة بالموت.
وتابع وضاح أنه خائف على عائلته التي مازالت داخل غرب الموصل "وهم لا يتصلون كل يوم لأن ذلك ليس بوسعهم. في كل مرة لا يتصلون فيها أخشى أن يكون شيء قد حدث لهم."