يدخل القتال في سوريا عامه السابع دون أن تلوح له أي نهاية في الأفق.
وما قد بدأ في صورة دعوة للتغيير في الشوارع، سرعان ما تحول إلى معركة متعددة الجنسيات أودت بحياة 300 ألف شخص وأدت إلى نزوح الملايين.
وفيما يلي 6 مراحل شكلت مجرى النزاع حتى وقتنا هذا، بحسب تقرير نشره موقع هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي، الأربعاء 15 مارس/آذار 2017:
1- من المظاهرات والاحتجاجات إلى الحرب
هناك نحو 18 شهراً تفصل بين اندلاع المظاهرات السلمية في فبراير/شباط 2011 ومرحلة قيام الصليب الأحمر بإعلان دخول سوريا حالة حرب أهلية في يوليو/تموز 2012.
وخلال تلك الفترة، تحولت المحادثات الدولية من محادثات شكلت مجريات الأحداث في سياق بحث الربيع العربي عن المساءلة والإصلاح إلى سياق النزاع العسكري الممتد والمطول.
عكست المعارضة السورية التي ظهرت خلال تلك الفترة -ولا تزال تعكس- وجود حركة واسعة النطاق وليست قوة متماسكة.
ولجأت حكومة الأسد إلى حملات القمع وفرض النظام، ما شجع على تنظيم عدد كبير من جماعات المعارضة المسلحة. وبدأ الجيش السوري الحر في تنظيم صفوفه صيف 2011، بينما تم تشكيل الجماعات الإسلامية والجهادية الرئيسية؛ مثل أحرار الشام، وجبهة النصرة، أواخر 2011 وأوائل 2012 على التوالي.
وبينما تردد الغرب فيما يتعلق بالجماعات التي ينبغي أن يدعمها، قامت القوى الإقليمية والجهات المانحة بمنطقة الخليج والسوريون بالمهجر بضخ أموال طائلة لتحقيق ذلك الهدف.
2- الخط الأحمر لإدارة أوباما
أعلن الرئيس الأميركي، باراك أوباما، عام 2012، أن الولايات المتحدة سوف تفرض عقوبات ضد الحكومة السورية؛ جراء استخدام الأسلحة الكيماوية.
ومع ذلك، حينما قامت الحكومة بشن هجمات بالأسلحة الكيماوية على الحزام الزراعي بمنطقة الغوطة خارج دمشق في أغسطس/آب 2013، لم تتدخل الولايات المتحدة؛ بل قبلت عرضاً من روسيا فحواه إقناع سوريا بالتخلص من أسلحتها الكيماوية.
وواصلت إدارة أوباما إصرارها على أن الاتفاق مع موسكو يعد بمثابة نتيجة أفضل. ومع ذلك، فقد أدى الاتفاق إلى تشجيع الرئيس بشار الأسد وحليفيه الروسي والإيراني، حيث بدا أن الاتفاق يمنح مشروعية لاستخدام الأسلحة غير الكيماوية.
وقوضت هذه الأحداث أي آمال لدى المعارضة السورية ومؤيديها الإقليميين بشأن التدخل العسكري الأميركي. وقوضت أيضاً التدخل الأميركي المحتمل في مفاوضات السلام، حيث كانت الحكومة السورية ومؤيدوها الإقليميون يتصرفون بحرية كاملة دون خوف من العقوبات التي قد تفرضها الولايات المتحدة.
3- تزايد أعداد المتطرفين
في أعقاب قرار الرئيس أوباما بعدم فرض خط أحمر على استخدام الأسلحة الكيماوية، تراجع الدعم الغربي للجماعات المسلحة "المعتدلة" مقابل الدعم الذي تقدمه القوى الإقليمية إلى الجماعات الإسلامية.
وحتى قبل ذلك الحين، بدأت بعض جماعات الجيش السوري الحر تبني رؤية دينية لاجتذاب أموال بلدان الخليج، بينما تحول تأييد بعض المقاتلين إلى الجماعات الإسلامية المنافسة الأكثر عدةً وعتاداً.
وسعت الجماعات الجهادية لاستغلال ضعف الجماعات الأخرى؛ من أجل زيادة قوتها ونفوذها داخل نطاق المعارضة، حيث كانت تستهدف في بعض الأحيان وحدات الجيش السوري الحر. وعلى النقيض من ذلك، أدى هذا الأمر إلى تزايد اعتماد الجماعات المعتدلة بحلول عام 2015 على الجماعات الجهادية في أرض المعركة.
وقد تزايدت الجماعات المتطرفة بصورة أكبر؛ جراء التحالفات العسكرية التي أقامتها الحكومة مع حزب الله وغيرها من المليشيات الشيعية الأخرى، التي عززت الطائفية لدى الجهاديين السُّنة.
4- ظهور تنظيم "داعش"
دخل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) النزاع السوري من خلال تأسيس جبهة النصرة قبل الإعلان عن الاندماج مع الجماعة التي انبثقت عن تنظيم القاعدة عام 2013 قبل أن يقع الخلاف بين "النصرة" و"داعش".
وقد منح تركيز الحكومة السورية على الجهود العسكرية الموجهة ضد جماعات المعارضة المعتدلة، مساحة أمام تنظيم داعش للمناورة.
وفي يوليو 2014، أعلن تنظيم داعش إقامة "خلافته" المزعومة لتشمل مناطق بسوريا والعراق. وسرعان ما أصبح الانتصار على تنظيم داعش يحظى بالأولوية لدى القوى الغربية في العراق وسوريا، بما أدى إلى التراجع عن دعم الغرب لعملية السلام وفقاً لضرورات السياسة.
وفي سبتمبر/أيلول 2014، أوضح بدء الضربات الجوية التي تستهدف مواقع تنظيم داعش في سوريا أن الغرب كان يرغب في التدخل بصورة مباشرة لمجابهة الجماعة المتطرفة، وليس لحماية المدنيين في المناطق التي تخضع لسيطرة المعارضة من الضربات الجوية التي تشنها الحكومة.
وقد خلق ذلك إحساساً عميقاً بالخيانة داخل صفوف المعارضة السورية ومنح الحل العسكري الأولوية على البحث عن تسوية سلمية قد تعوق ذلك المسار.
5- التدخل الروسي
في أعقاب سلسلة من انتصارات المعارضة أوائل عام 2015 –وخاصة في إدلب– اضطر الرئيس الأسد إلى الاعتراف بأن الافتقار إلى المجندين بصفوف الجيش يجعل الانسحاب أمراً ضرورياً. وأدركت روسيا أن الحكومة السورية تحتاج إلى دعم مادي مباشر لضمان بقائها على رأس السلطة.
وفي سبتمبر 2015، أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنشر القوات الروسية في سوريا. وقد فوجئ المجتمع الدولي بالتدخل الروسي الذي سرعان ما قلب التوازن العسكري لصالح الحكومة.
وأعلنت موسكو أن تدخلها يستهدف الجماعات الإرهابية المدرجة مثل تنظيم داعش وجبهة النصرة، ولكنها كانت تستهدف في الواقع المزيد من الجماعات المعتدلة، بما في ذلك الجماعات التي تتلقى الدعم الأميركي.
وأصبحت روسيا المحكّم والوسيط الرئيسي في محادثات السلام الدولية، حيث همشت دور الأمم المتحدة ، كما جعلت الولايات المتحدة شريكاً هامشياً في تلك العملية.
وأدى التدخل الروسي إلى زيادة مخاطر أي شكل من أشكال التدخل الغربي في المستقبل، حيث سيؤدي ذلك إلى تهديد حقيقي بالاشتباك المباشر مع القوات الروسية.
6- استعادة حلب
كانت استعادة الحكومة والقوات الموالية لها شرق حلب التي تسيطر عليها المعارضة في ديسمبر/كانون الأول 2016 بمثابة أهم انتصارات الرئيس الأسد منذ أن بدأ النزاع.
ويبدو أن فقدان حلب يوضح أن آمال المعارضة في الإطاحة بنظام الأسد عسكرياً قد انتهت . ومع ذلك، تفتقر الحكومة أيضاً إلى القدرة على السيطرة على البلاد بأكملها، ما يعني أن الانتصار سيكون نسبياً في سوريا.
وعلى الصعيد الدولي، تعزز الأحداث في حلب من دور روسيا باعتبارها الفاعل الرئيسي الخارجي في النزاع السوري. وقد أدت تلك الأحداث أيضاً إلى أن تحل تركيا محل الولايات المتحدة باعتبارها الشريك الرئيسي في المحادثات إلى جانب موسكو خلال الأيام الأخيرة من رئاسة أوباما.
ومع تخلي الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين عن المبادرة، يبدو حالياً أن التهميش الغربي في سوريا قد يفتح المجال أمام روسيا وإيران للتفاوض مع تركيا على التسوية النهائية للحرب بسوريا.
– هذا الموضوع مترجم عن موقع هيئة الإذاعة البريطانية BBC. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.