هذه التدوينة تحتوي على كلمات بالعامية المصرية
"أنا عمري ما شُفت جسمي.. أول مرة شُفت فيها جسم واحدة كان في فيلم فرنساوي"، ده كان رد "دُنيا" على اللجنة لما قالت لها: "حاولي تحسي بجسمك.. إنتِ إزاي بترقصي وواقفة متخشِبة كده؟!"، دُنيا حالها حال بنات كتير قاعدة "مقرفصة" طول الوقت علشان مفيش حاجة تبان من جسمها، علشان جسمها عيب، حرام، جسمها فيه أجزاء لازم تتقطع منها لو عايزة تكبر وتكون واحدة محترمة!
دُنيا كانت بتحب الشِّعر، ونوع مُعين من الشعر "شعر الرغبة"، يمكن كانت محتاجة تعرف الغلطة فين والذنب على مين.. الذنب على الحُب ولا الشعور ولا الخوف كله في الرغبة والشبح في الجسم، أو تحديداً في جسمها كأنثى.
لما دورت على موضوع لرسالة الماجستير اختارت الحُب، كانت عايزة تفهمه، هي ما كانتش عارفة هي حبت ولّا لا في حياتها؟! وعنوان الرسالة اللي اختارته "نشوة الجسد والروح"، وكأن اللي المجتمع عايز يبعدها عنه هي بتجري وراه.. واللي المفروض تهرب منه عايزة تقرب منه.. والنار الوهمية عايزة تحسها وتشوف بتحرق حقيقي ولّا لا.. اللي جسمها اتشوه علشانه عايزة تكتشفه.. عايزة تفهمه.. وليه كل اللي بيحصل تحب مُسمى الحماية من الحُب واللذة!
دُنيا بتقف قدام المراية وتلف نفسها بورق بلاستيك وبتتفرج على جسمها.. على الشيء اللي كيانها اتحول ليه.. مجرد حاجة للحفظ! نزيفها مستمر بس ملفوف بورق سلوفان!
الختان بالنسبة لها وبالنسبة لكل بنت بيكون سلسلة من الجروح الجسدية والنفسية، يمكن الجرح الجسدي بيشفى لو ما كانتش ماتت من النزيف اللي ممكن تتعرض ليه.. لكن الجروح النفسية بتفضل مفتوحة ونزيفها بيكمل طول السنين.. جزء من جسمها بيفضل مُشوه قدام عينيها، ويمكن تكون مش قادرة تشوفه أصلاً، ولو شافته بتكون متغربة عن جسمها، مش متصالحة معاه، مفصولة منه، بتكرهه وبتحاول تداري كل ملامح أنوثة فيها!
ده غير كم الأسئلة اللانهائي عن مفهوم العفة والشرف والاحترام، والخلط ما بين الحُب والجنس والشهوة، والجسم والحرام والعيب، ويا ترى العيب بيطلع من الجسم ولا من العقل؟! وليه مفهوم الشرف كله انحصر بين رِجلين فتاة!
أظن لو بصينا على المجتمع مش هنلاقي إن الختان منع حاجة تحصل فيه.. الختان ما منعش التحرش.. ما منعش الانحراف.. الختان ما غطاش المجتمع بتوب العفة اللي محتاجه.
دُنيا كان رقصها رقص وجع.. بتلف في دايرة الكون يمكن تفهمه أو هو يفهمها.. جسمها يستوعبه أو الكون يقبل جسمها ككيان فيه!
الحياة والشغف والحُب واللذة والحيرة كلها اتلخصت في جملة دُنيا: "إن طبيخها طول عمره هيفضل بارد حتى وهو على النار!".
دُنيا مش مجرد فيلم أو حالة فردية، ده حال نسبة كبيرة قوي من البنات اللي اتعرضوا لتجربة الختان المُهينة لمعنى الحياة والإنسانية والأنوثة، اللي وصلت لـ 97% وفقاً للمسح الديموغرافي لسنة 1995.
عفواً.. العفة والشرف لا يسكنان في الجسد.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.