مَن قتل أنوثة المرأة؟

وفي المقابل، يرجع المتشددون دينياً أو اجتماعياً في تحجيم مشاركة المرأة في الشأن العام إلى كون الانغماس في الانفتاح على المرأة له تبعات غير مرغوب بها، ويشيرون إلى تجارب المجتمعات الغربية كدليل على ما آلت إليه الأمور هنالك.

عربي بوست
تم النشر: 2017/03/13 الساعة 01:56 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/03/13 الساعة 01:56 بتوقيت غرينتش

شد ناظري عنوان لمقال نُشر في جريدة National Post الكندية بتاريخ 7 مارس/آذار 2017م عندما كنت أتصفحها، وكان العنوان Who killed the Library of Alexandria؟، وهذا المقال فعلياً مقتبس من كتاب Fallen Glory لمؤلفه James Crawford.

واليوم الذي يلي نشر هذا المقال يُصادف يوم 8 مارس/آذار وهو يوم المرأة العالمي، ونفس عنوان المقالة اقتبسته ولكن بنحو أهم من موضوع مكتبة الإسكندرية، وهو موضوع "الإنسان"، والإنسان هنا طُرح بجنبته الأنثوية، المرأة، فاقتبست جزءاً من العنوان كعنوان لمقالي هذا وأدمجته لينتج العنوان التالي "مَن قتل أنوثة المرأة؟".

لعل اللغط والكلام والأخذ والرد طويل ويطول بنا المقام هنا في تشخيص وإعطاء أجوبة شافية تمام الشفاء لذلك التساؤل النوروز في العنوان، إلا أنه ما لا يدرك كله لا يترك جله، سنحاول أن نورد بعض رؤوس الأقلام فقط وهذا مشاركة منا في التعاطف مع المرأة في العالم الثالث التي بخس حقها من قِبل قطاع كبير من الرجال تحت عناوين مختلفة.

قال البعض إن أسباب تنحي دور المرأة هو أسباب ذاتية، وأسند اللوم على المرأة لاهتزاز وتدني مستوى الثقة بالنفس لديها، وبدورها المرأة تلوم المجتمع كونه ذكوري الاتجاه والسلطة وعليه يتم إقصاؤها.

ويستطرد البعض من النساء بأن سبب تعثر مشاركة النساء في المجتمعات الشرق أوسطية، مثلاً، هو المفاهيم الدينية السائدة بناء على قراءات تاريخية بالية، كما يذكرن.

ويؤيد تصريحاً كهذا رجال ممن يطلقون على أنفسهم معتدلين أو مستنيرين أو مثقفين أو منصفين أو حقوقيين.

وفي المقابل، يرجع المتشددون دينياً أو اجتماعياً في تحجيم مشاركة المرأة في الشأن العام إلى كون الانغماس في الانفتاح على المرأة له تبعات غير مرغوب بها، ويشيرون إلى تجارب المجتمعات الغربية كدليل على ما آلت إليه الأمور هنالك.

ولكون هؤلاء المتشددين الاجتماعيين والدينيين نصبوا أنفسهم طواعية كشرطة على القيم الأخلاقية للمجتمع، فإنهم عكسوا تصوراتهم في خطاباتهم وكتاباتهم من دون طرح نماذج وحلول تتواءم وحاجات المجتمع والدولة والاقتصاد والحقوق.

وقديماً قيل: "وبين حانا ومانا ضاعت لحانا"، حتى إنك ترصد اتهامات في الطعن بشرف بعض العاملات في القطاع الصحي الإنساني لمجرد تصورات ذهنية سلبية في عقول البعض من نفس أبناء المجتمع، ولك من الأطروحتين مؤيد وجمهور.
وهنا فقط أسردنا خلفية كل موقف من هذا الشأن الحساس على عجالة، وليس هنا مكان التفصيل؛ لأنه بحث طويل جداً.

حالات الازدراء للمرأة التي اُنتهجت من قِبل الذكور من البشر في الغابر من الزمان والحالي من هذه الأيام في بقاع متعددة من العالم أمر مشهود ومدون، ولك في صلاة بعض أبناء البشر بقولهم: "الحمد لله أنك لم تخلقني أنثى" لشاهد ودليل، وأدت هذه الرؤية في المحصلة إلى صور وأنماط متعددة في التعامل مع الأنثى اجتماعياً أو فردياً، وهي متمرجحة بين الامتهان أو الحجر أو الاستنقاص أو النظرة الدونية من جهة أو الاستهلاك الإعلامي أو الترويج الجسدي الرخيص أو المشاغبات الساذجة أو الابتزاز من جهة أخرى، هذا ما قد يرصده المراقب في بعض بقع العالم بصورة عامة، وبنظرة عامة على الإنتاج السينمائي الأكثر رواجاً في العالم تسجَّل كلتا الظاهرتين.

منذ ظهور حركة المطالبة بحقوق النساء في العهد الحديث، ظهرت أنماط أخرى في التعاطي وهي نتيجة لوجود قنوات اتصال بين الجنسين على صعيد الكتابة والعمل والشؤون الثقافية والعلمية ومفهوم المواطنة، وعزز ذلك القرارات الحكومية في الدول العلمانية بصفة خاصة؛ حيث المساواة بين الجنسين، وعدم التمايز قانونياً، أو هكذا كتب في الدساتير في هذه الدول.

حديثاً سُجل حضور إيجابي ملموس لجمهور عريض من المرأة في أماكن عدة من العالم، واستطعن أن يحصلن على حقوقهن بجدارة ويكنَّ إضافة نوعية مميزة وقصص كفاح ناجحة وأيقونات إنجازات ومثالاً لانتصار الإرادة الذاتية لبنات جنسهن.

كما أيضا وللحقيقة فإن هناك نَفَراً من النساء أصبن بداء العظمة الذاتية أو النرجسية النفسية والغرور المنفلت بعد أن تبوأن مقاعدهن الإدارية هنا أو هناك، فأخذن يكِلن لبنات جنسهن من الإناث، فضلاً عن أبناء وطنهن من الرجال، ما طالب لهن من التنكيل والامتهان والسادية الإدارية لمن هم تحت سلطتهن الإدارية.

هذا النوع من النساء المريضات نفسياً، هن بحق بصمة سوداء في حركة النمو والمطالبة لمكاسب النساء في المجتمعات ذات الصبغات الذكورية، وبالذات في العالم الثالث، كما أننا نحمل ونلوم نوعاً كهذا من النساء المغرورات والمروجات لسلوكهن الإداري المشين من خلال تعاطيهن بالغدر الإداري والفن في الطعن غيلة والمشاهرة بالتهديد والتنكيل بمن هم تحت سلطتهن ينتج عنه تبنّي قناعات أو أسهم في ترسيخ آراء بعض الرجال وبعض النساء في وجوب إقصاء المرأة من محافل الإدارات أو المشاركات الفاعلة في صنع القرارات بالذات في دول العالم الثالث.

بالمحصلة ندعو الله أن يوفق المخلصين من النساء في المساهمات الإيجابية والنمو المثمر، وأن يوفقهن الله في أن يردعن كل من يسعون لاستغلالهن أو تشويه سمعتهن من بني جنسهن أو من الرجال، وبهذه الأفعال الجيدة من الدفع للأمام بما هو جيد ومحاربة ما هو سيئ تكون المرأة أسهمت مساهمة جبارة في إيقاف قتل المرأة، وتكون نِعم العون لأخيها أو ابنها أو زوجها الرجل.

وبدورنا نتمنى أن نرى الأم والأخت والبنت والشريكة لنا في الحياة في تمام النجاح والنمو والمشاركة والازدهار وحسن التوفيق.

غمزة: كنت أتمشى في أحد الأيام في شارع Mc Gill rue ب، مدينة مونتريال، وشاهدت تجمع عدد من النساء لا يتجاوز ٦٠ امرأة ومراسل صحيفة وكاميرا تلفزيون إحدى القنوات، تساءلت عن السبب لهذا التجمع، فقيل لي إنه تجمع يعقد أمام مكتب رئيس وزراء المحافظة للمطالبة بحقوق النساء!
فقلت تعجباً حسب فهمي: إن الحقوق والمساواة بين الجنسين هو نص دستوري في بلدكم، ماذا يريد هؤلاء النساء أكثر؟ أعتقد سيأتي يوم تنقلب فيه الصورة.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد