شدَّت حفائر رمسيس الثاني بالمطرية بشرقي القاهرة اهتمامَ المصريين، كما أثارت سخطهم في الوقت ذاته، خاصة الصور التي يظهر فيها أطفال المنطقة وهم يمتطون رأس التمثال المكتشَف.
ولكن يبدو أن الأطفال لم يكتفوا باللعب مع رأس فرعون مصر العظيم، بل أصبحوا أصدقاء الدكتور ديترش رو "Dietrich Rowe"، رئيس البعثة الألمانية، المشاركة في أعمال الحفائر بمنطقة سوق الخميس الجديد بالمطرية.
ويطلق الأطفال على العالم الألماني "الخواجة"، حسب تقرير لموقع مصر العربية، الذي رصد التفاف الأطفال حوله وهو يحادثهم بلغة عربية مكسرة، ويتبادل معهم الضحكات، ثم وجَّه الخواجة حديثه لأحد العمال قائلاً "فين الكشري؟ (أكلة مصرية شعبية)".
وبسؤاله: "إنت بتحب الكشري" ردَّ الخواجة: "أيوة بتوع المطرية أحسن ناس بتعمله في مصر، وكمان بعشق الفول والطعمية قوي".
ومازحه أحد أبناء الحي: "اسمها فلافل يا خواجة"، فجاءت الإجابة بـ"العربي المكسر": "نهارك زي الفل، وإلى لقاء آخر إن شاء الله".
أما أكثر ما لفت انتباه مُعدِّي التقرير فهو توقف الخواجة الألماني عن الحديث بشكل مفاجئ، والاعتذار عن استكماله لحين انتهاء أذان صلاة الظهر، ما أثار تعجب جميع الحاضرين، بحسب ما ذكر موقع مصر العربية.
جدل حول طريقة استخراجه
وتسبب رأس الملك رمسيس الثاني في اشتعال وسائل الإعلام المرئية والمقروءة، فضلاً عن مواقع التواصل الاجتماعي؛ عقب انتشاله بواسطة "الونش"، حتى وصل الأمر للمطالبة بمحاكمة الدكتور خالد العناني، وزير الآثار، بتهمة الإهمال.
ووسط أجواء من الترقب، تستعد البعثة الألمانية المصرية المشتركة؛ لاستخراج الجزء الأكبر من تمثال رمسيس الثاني، صباح الإثنين 13 مارس/آذار 2017.
وفي أعقاب ما أثير، أرسل عالم الآثار المصري، وزير الآثار الأسبق الدكتور زاهي حواس بياناً لوزارة الآثار، شرح فيه وجهة نظره في هذا الكشف وملابسات الجدال حوله، ليكون شهادة حق للتاريخ، حسب تعبيره.
هكذا تحطَّم
وأكد الدكتور زاهي حواس في بيانه أن جميع الآثار والتماثيل التي عُثر عليها في منطقة المطرية لا يوجد بها تمثال واحد كامل؛ حيث إن هذه التماثيل قد تمَّ تدميرها وتكسيرها خلال العصور المسيحية، حيث اعتبرها المسيحيون مباني ومعابد وثنية، وأغلقوها ودمروا جميع التماثيل والمعابد، واستخدموا أحجارها في بناء الكنائس والمنازل، والمباني الخاصة بهم، لذلك لن يُعثر في المطرية على تمثال واحد كامل.
وتابع: "وقد اتصلت بعالم الآثار الألماني ديتريشرو، رئيس البعثة الألمانية في حفائر المطرية لمعرفة أبعاد الاكتشاف، وقد أرسل لي بياناً مصوراً كاملاً بأعمال الحفائر، كما أرسل صوراً توضِّح الخطوات التي قام بها في عمليات النقل".
ورأى أنه نظراً لضخامة التمثال فإنه يعود للملك رمسيس الثاني، وليس لأي ملك آخر، حيث تم العثور على معبد يخص هذا الملك في هذا المكان، وقد عثرت البعثة على قطعتين من التمثال، تتمثل القطعة الأولى في جزء من التاج، والقطعة الثانية هي عبارة عن جزء كبير الحجم من جسم التمثال، الذي يزن 7 أطنان.
وقال: "لقد قامت البعثة باستخدام الونش لاستخراجه من باطن الأرض، وهذا تصرُّف سليم مائة بالمائة، حيث يستخدم الونش في جميع المناطق الأثرية".
ونقل عن رئيس البعثة ديترش رو قوله إن عملية رفع ذلك الجزء من الرأس قد تمت بحرفية شديدة، وإنه لم يحدث له خدش واحد، وإن التهشم الموجود في الوجه قد حدث في العصور المسيحية، ولذلك تم نقل هذه القطعة الصغيرة بسهولة تامة، أما باقي التمثال والذي يمثل الجزء الكبير منه فموجود بالموقع الآن، وسوف يتم نقله يوم الإثنين عن طريق الونش، لأنه لا يوجد بديل آخر له، لأنه موجود تحت المياه الجوفية.
وشدَّد على أنه إذا لم يتم نقله بهذه الطريقة فلم ولن ينقل أبداً، وهذه هي الطريقة المتبعة في جميع دول العالم لنقل أي قطعة أثرية بهذا الحجم موجودة على عمق مترين تحت المياه الجوفية.
واختتم بيانه بالقول: "لذلك فأنا أؤكد أن ما قامت به البعثة هو عمل علمي متكامل في إنقاذ التمثال الذي عُثر عليه، كما أنه لا توجد أية طريقة أخرى أمام البعثة سوى استخدام هذه الآلات، التي حافظت على التمثال"، وفقاً لما ذكرت صحيفة اليوم السابع.
وقالت وزارة الآثار، في بيانٍ لها، الجمعة، إنه في أعقاب ما أثير حول الاكتشاف الأثري الذي أعلنت عنه الوزارة في منطقة سوق الخميس بالمطرية أرسل عالم الآثار، وزير الآثار الأسبق، الدكتور زاهي حواس بياناً للوزارة، يشرح فيه وجهة نظره في هذا الكشف، وملابسات الجدال حوله، وطلب من الوزارة إرساله إلى جميع المؤسسات الصحفية المصرية والعالمية، لتكون شهادة حق للتاريخ.
وجاءت شهادته كالتالي، بحسب ما جاء في صحيفة المصري اليوم: "سوق الخميس هو موقع أثري هام جداً، وقد بدأت فيه شخصياً بأعمال الحفائر وعثرنا بداخله على بقايا معابد للملك إخناتون والملك تحتمس الثالث والملك رمسيس الثاني، ولكن تعاني منطقة المطرية من مشكلة كبيرة جداً وهي أن جميع المنازل والمباني الحديثة مبنية فوق بقايا معابد ومقابر أثرية، كما أن أغلب الآثار الموجودة بها سواء من التماثيل أو المعابد موجودة أسفل المياه الجوفية بأعماق تتراوح ما بين اثنين وأربعة أمتار تحت المياه، ما يوجد صعوبة في نقل هذه الآثار من أسفل المياه الجوفية إلى أعلى سطح الأرض، وقد قمت بالحفر والكشف عن مقبرتين إحداهما كانت موجودة تحت المياه الجوفية".