شنَّ السيناتور المستقل بيرني ساندرز هجوماً حاداً على دونالد ترامب، متهماً إياه بأنه مريضٌ بالكذب ويقود أميركا نحو الاستبداد.
ففي مقابلةٍ مع صحيفة الغارديان البريطانية، قدَّمَ بيرني ساندرز، السيناتور المستقل من ولاية فيرمونت الذي شنَّ حملة نشيطة للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة في عام 2016، تقييماً قاتماً للساكن الجديد بالبيت الأبيض ونواياه.
وحذَّرَ ساندرز من أن الثورات العنيفة الأكثر إثارةً للجدل التي يقودها ترامب ضد وسائل الإعلام والقضاء وغيرها من أعمدة الحياة العامة الأميركية، وصلت إلى درجة الاعتداء الواعي على الديمقراطية.
وقال ساندرز: "ترامب يكذب طوال الوقت، وأعتقد أن ذلك ليس من قبيل الصدفة، هناك سبب لذلك، إنه يكذب من أجل تقويض أسس الديمقراطية الأميركية".
قلق من برنامج ترامب
يأتي تحذير ساندرز في وقتٍ لم يمر فيه أكثر من 50 يوماً على رئاسة ترامب، ولا تزال البلاد تعاني من صدمةِ صعودِ رجلِ أعمالٍ في مجال العقارات ونجم تلفزيوني إلى المنصب الأقوى في العالم.
في تلك الفترة الوجيزة، شنَّ ترامب، الساكن الجديد بالبيت الأبيض، هجماتٍ على سياسة الرعاية الصحية التي تحمل توقيع الرئيس السابق باراك أوباما، إلى جانب الحظر الذي فرضه على زوَّار الولايات المتحدة من البلدان ذات الأغلبية المسلمة واللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين، بالإضافة إلى هجومه العنيف على الاتفاقات التجارية وبرامج حماية البيئة.
وقال ساندرز، في حديثه لصحيفة الغارديان في مكتبه بمجلس الشيوخ في واشنطن العاصمة، إنه يشعر بالقلق حول ما أسماه "البرنامج الاقتصادي الرجعي لترامب الذي يقوم على الإعفاءات الضريبية لأصحاب المليارات والتخفيضات المُدمِّرة في البرامج التي تؤثر على الطبقة الوسطى". لكن ساندرز اختار أشد العبارات قسوةً لنقدِ ما يعتقد أنها ميول استبدادية للرئيس.
واتهم ساندرز الرئيس ترامب بابتكار استراتيجيةٍ واعية من الأكاذيب لتشويه سمعة المؤسسات العامة الرئيسية، بدءاً من وسائل الإعلام الرئيسية إلى القضاة وحتى العملية الانتخابية نفسها، ليتمكن من تقديم نفسه كمنقذٍ وحيدٍ للأمة الأميركية. والهدفُ من ذلك هو تقديم رسالة مفادها أن "دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة هو الشخص الوحيد في أميركا الذي يمثل الشعب الأميركي، والشخص الوحيد الذي يقول الحقيقة، والشخص الوحيد الذي يفعل الشيء الصحيح".
افتراءات ترامب
تجدُر الإشارة إلى أن كذب ترامب يعد واحدةً من السماتِ المُميِّزة للإدارةِ حديثة العهد في البيت الأبيض. فقد أدهش ترامب مراقبين عندما وصف القاضي الذي أصدر حكماً شرعياً لمنع حظر السفر الذي أصدره ترامب بلفظ "القاضي المدعو"، واتهم أوباما دون تقديم أي دليلٍ بالتنصت على المكالمات الهاتفية لبرج ترامب، وادعى كذباً أن هناك ما يصل إلى خمسة ملايين صوت غير قانونية في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2016.
ومع ذلك، أشار ساندرز إلى أن جميع أكاذيب ترامب تخدم غرضاً ما. ولتأكيد وجهة نظره، قارن ساندرز بين الرئيس الـ 45 ترامب والرئيس 43 جورج دبليو بوش قائلاً "كان جورج بوش رئيس محافظاً جداً، وكنت أعارضه كل يوم، لكنه لم يعمل خارج القيم السياسية الأميركية السائدة".
وفي حين لا تزال وسائل الإعلام تُسلِّط الأضواء بقوةٍ على ترامب وعلى تغريداته الهجومية اليومية، بشكل هادئ وغير مسبوق إلى حد كبير، تَقدَّم ساندرز، العضو الاشتراكي الديمقراطي المستقل بمجلس الشيوخ، ليقود حملةَ مقاومةٍ وطنيةٍ واسعةِ النطاق ضد الإدارة الجديدة في البيت الأبيض. الجديرُ بالذكر أن ساندرز، السياسي المولود في بروكلين، يعمل جنباً إلى جنب مع مستشارين بارزين سابقين في حملته الانتخابية، في صفقةٍ تفيد الطرفين، لمحاولةِ إثارة الجيش الهائل من الشباب للمرة الثانية الذين توافدوا لنصرة قضيته في عام 2016.
وقال ساندرز إنه على الرغم من التهديد الخطير الذي يُشكِّله ترامب، فإنه يستريح عندما يرى أدلةً تشير إلى أن المقاومة ضد ترامب بالفعل على قدمٍ وساق. وقال ساندرز: "نحن نشهد حركةً تقدميةً نشطةً للغاية، وتضم "ثورتنا" -وهي المجموعة التي خرجت من حملتي- مجموعات أخرى مثل حركة مارس الاحتجاجية العفوية للمرأة، كل هذا مؤشرٌ على رغبة الشعب الأميركي في الكفاح من أجل استعادة الديمقراطية".
"المقاومة الشعبية"
وأكَّدَ ساندرز على أن الهدف النهائي لترامب هو "أن ينتهي به المطاف كزعيمٍ لأمةٍ تحرَّكت بدرجةٍ كبيرة نحو السلطوية، والطريقة الوحيدة لهزيمة هذا الاتجاه هو المقاومة الشعبية واسعة النطاق، ونحن نشهد ذلك الآن بشكل واضح".
وكأمثلةٍ على ما كان يعنيه، أشارَ ساندرز إلى وجود 150 مسيرة في 130 مقاطعة انتخابية جرت في عطلة نهاية الأسبوع الأخيرة وحدها. وحشدت هذه الأحداث "عشرات الآلاف من الناس الذين يطالبون بلقاء أعضاء الكونغرس الذين يمثلونهم للاحتجاج على إلغاء قانون الرعاية الصحية بأسعارٍ معقولة".
ووجَّه ساندرز نداءً خاصاً لزملائه الجمهوريين في الكونغرس بالانضمام إليه في هذه المقاومة. ووجَّه بنفسه خطاباً مباشراً إلى الجمهوريين "المؤمنين بالديمقراطية، والذين لا يؤمنون بالسلطوية: يتعيَّن عليهم، في هذه اللحظة من التاريخ، الوقوف والقول أن ما يقوم به ترامب لا يمثل الولايات المتحدة ولا يمثل دستورنا. ويتعيَّن عليهم الانضمام إلينا في هذه المقاومة".
وأضاف: "آمل في الأشهر المقبلة أن نعمل مع بعض الجمهوريين المحافظين، الذين أختلف معهم في كل قضية اقتصادية وبيئية يمكنك أن تتخيلها، لنقول لهذا الرئيس: لن تستطيع تقويض الديمقراطية الأميركية".
وأشار السيناتور فيرمونت أيضاً إلى التحقيق الجاري بشأن الاتصالات المزعومة بين حملة ترامب الانتخابية في 2016 والحكومة الروسية تحت قيادة فلاديمير بوتين. وتتهم وكالات الاستخبارات الكرملين بمحاولة تشويه الانتخابات الرئاسية لصالح ترامب عن طريق اختراق حسابات البريد الإلكتروني للحزب الديمقراطي.
وقال ساندرز: "لقد لعبت روسيا دوراً ثقيلاً جداً في المحاولة الناجحة للتأثير على انتخاباتنا. وهذا غير مقبول".
وأضاف: "نحن بحاجة لمعرفة أي نوعٍ من النفوذِ مارسته الأوليغارشية الروسية على ترامب. كثير من الناس أصابهم الذهول مما حدث. وإلى جانب ذلك، يبدو ترامب في خلافٍ قوي مع أستراليا والمكسيك، ومع حلفائنا على المدى الطويل؛ لكنه لم يقل سوى أشياء إيجابية عن بوتين الزعيم الاستبدادي".
هذا الموضوع مترجم عن The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.