الإبداع وكيف تخلق فكرة؟!

عربي بوست
تم النشر: 2017/03/09 الساعة 02:18 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/03/09 الساعة 02:18 بتوقيت غرينتش

الإبداع هو شيء خارج عن المألوف، لم يسبقك إليه أحد، وفكرة جديدة كلياً لم يكن للآخرين أي يد فيها أو التمهيد لها، هذا من الناحية النظرية، أما عملياً فكيف تبحث عن فكرة غير مطروقة في عالم يزاحمك فيه المليارات من البشر؟ كما تقلد البشرية بعضها وتتناقل وتصوغ نفس الأفكار في علمها وعملها وحياتها.

على سبيل المثال أنا أكتب هذا المقال وأقطن في بلدٍ يحاصرني فيه ما يقارب 25 مليوناً من البشر، فكيف توجد الاختلاف أو تطرح نظرية جديدة؟!

حقيقة هذا السؤال المُلح والمهم للكثيرين من هواة الخروج عن المألوف، يستوجب منا تخصيص بحث في جوانب خلق الفكرة، أو التمهيد النفساني والروحاني والعلمي لخلقها، قبل الخوض في تفاصيل الفكرة ذاتها.

في رأيي أن تحصين الفكرة الجديدة وحضانتها يكمن في القراءة والبحث، ومن ثم نسف كل هذه القراءات والأبحاث، فكيف هذا التضاد؟!

إن البحث والقراءة في مواضيع متنوعة وأبحاث مختلفة يخلق نشاطاً ذهنياً عاصفاً، ويولد أفكاراً من رحم أفكار، وكل هذا يُفيد في بناء حركة فكرية دائمة، بيد أن الأفكار التي تولدها القراءة هي كما أسلفنا ولادة أفكار من رحم أفكار، وهذا ما ينافي الإبداع والثورية الجديدة المطلوبة؛ لهذا فعليك أن تكتفي بالكم الهائل من الثقافة التي شكلتها كمجرد حافز تنشيطي حاد، ومن ثم نسفه قدر الإمكان، والابتعاد عن كل ما هو موجود ومعروف لترك النشاط الذهني المتولد لديك يعمل بذاته وبروحه بعيداً عن تأثير السلف.

الأدلة والشواهد الابداعية أيضاً تٌشير إلى ذلك بوضوح بالغ فأمثلة عن مُبدعين في العلوم والأدب تُظهر عدم التكرار والصفاء المطلق في التجربة فأشخاص أمثال اسحاق نيوتن وأنشتاين وفي المقابل نزار قباني ونجيب محفوظ و فريدريك نيتشه تبين بشكل مطلق النقاوة في الابتكار فلا تجد في أحد منهم أخذ عن الأخر أو شابه أسلوب معين، حتى المطورين لنظريات معينة سالفة أو المبدعين المقلدين لايأخذون أي نصيب من الشهرة أو الضوء ويبقون في إطار غائب خلف الأصل في النظرية أو الاختراع أو الاسلوب.

القراءة والاطلاع والبحث يولد في مكنونات تفكيرك غريزة التجربة والابداع أو الاختراع لكن يجب أن لاتسوقك إلى تقليد أو حتى إضافة كبيرة لما سبق من دراسات أو كتابات فهذا لن يصنع منك شيء حقيقي أو ذات لاتُنسى !

خلاصة القول: إن الإبداع والأفكار الجديدة هي خليقة مخصبة لا تشبه أبداً أبويها، بحيث تكون نابعة في لحظة ما يعم فيها سكونك الروحي، بينما نشاطك الذهني المتقد في ذروته، فالإبداع يحتاج إلى اندماج في الروح والنفس والفكر، دون أن يقاسمها المجتمع المحيط أي قرار أو تأثير.

* ملاحظة: أتمنى مشاركتكم في تصوراتكم وإفادتكم لخلق فكرة جديدة.. طبعاً دون الأخذ بها!

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد