قال مسؤول تركي كبير، الثلاثاء 7 مارس/آذار 2017، إن الولايات المتحدة قررت على ما يبدو الاستعانة بوحدات حماية الشعب الكردية في حملة لطرد تنظيم داعش من مدينة الرقة، معقله في سوريا، في خطوة من شأنها إحباط مساعي تركيا.
يأتي ذلك في الوقت الذي قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، إن على تركيا والولايات المتحدة وروسيا التنسيق فيما بينها لتطهير سوريا من الجماعات الإرهابية. ويعمل رؤساء أركان جيوش الدول الثلاث على منع وقوع اشتباكات بين الأطراف المختلفة.
وبينما كان يلدريم يدلي بهذه التصريحات اجتمع رئيس الأركان التركي مع نظيريه الأميركي والروسي في إقليم أنطاليا جنوبي تركيا، لبحث تنسيق العمل في سوريا. وقال المسؤول إن نتائج الاجتماع "قد تُغيِّر الصورة بالكامل".
وقال متحدثٌ باسم الجنرال دانفورد في تصريحٍ له، إن الغرض الرئيسي من الاجتماع كان مناقشة "القتال ضد كافة التنظيمات الإرهابية في سوريا"، و"أهمية اتخاذ تدابير إضافية في عمليات فض النزاعات".
وأضاف "يبدو أن الولايات المتحدة ربما تنفذ هذه العملية مع وحدات حماية الشعب وليس تركيا. وفي الوقت نفسه تمد الولايات المتحدة وحدات حماية الشعب الكردية بالأسلحة".
ومضى قائلاً "إذا جرت هذه العملية بهذه الطريقة فستكون هناك تداعيات على العلاقات التركية الأميركية، لأن وحدات حماية الشعب تنظيم إرهابي، ونحن نقول ذلك في كل منبر".
الصراع على منبج
وأصبح الوضع في شمالي سوريا أكثر توتراً في الأيام الأخيرة، وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز، فقد تمكَّنَت القوات التركية والميليشيات السورية المدعومة من تركيا، تحت غطاءٍ من الضربات الجوية الأميركية والروسية، من انتزاعِ السيطرةِ على مدينة الباب من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
لكن أكثر ما يُثير قلق تركيا ليس داعش وفقاً للصحيفة، بل ضمان ألا يؤسِّس الأكراد السوريون دويلةً لهم في شمالي سوريا. وكان من شأن ذلك أن يولِّد بعض المخاوف من احتمالية تحرُّك القوات التركية، وحلفائها في المعارضة السورية، للاستيلاء على بلدة منبج الواقعة شمالي سوريا، التي كانت الميليشيات الكردية والعربية السورية، المدعومة من قِبَل الولايات المتحدة، قد انتزعتها من داعش.
ومع تصعيد الموقف، حاول المجلس العسكري في منبج استباق أي هجومٍ تركي بإبرامِ اتفاقٍ مع روسيا لتسليم القرى المجاوِرة تحت سيطرتها إلى قوات الحكومة السورية الموالية لبشَّار الأسد. وكجزءٍ من الاتفاق، بدأت قافلة مساعداتٍ إنسانية للحكومة السورية في شقِّ طريقها إلى منبج، برفقة مدرَّعاتٍ روسية توقَّفَت قبيل حدود البلدة.
وفي نفسِ الوقت، بدأت مدرَّعاتٌ أميركية من نوعِ سترايكر، وعرباتٌ مُصفَّحةٌ من نوعِ هامفي، ترفرِفُ عليها أعلامٌ أميركية كبيرة، في الظهور في البلدةِ وحولها، لإثناء الميليشيات المدعومة من تركيا عن الهجوم على المنطقة. واشتمَلَت القوات الأميركية على وحدة "رينجرز" تابعة للقوات الخاصة، يبدو أنها أُرسِلَت إلى شمالي سوريا من القاعدة العسكرية الأميركية في محافظة أربيل شمالي العراق. ويُعد هذا الدور علنياً وغير مألوفٍ على وحدات رينجرز التي غالباً ما تُفضِّل العمل في الخفاء.
ووصف مسؤولٌ أميركي الوضع في منبج بأنه برميلُ بارودٍ قد ينفجر.
ووقعت بالفعل حالتان من حوادث النيران الصديقة، إحداها كانت الأسبوع الماضي حين ضربت غارةٌ جويةٌ روسية مقاتلين عرب سوريين تدرَّبوا على يدِ الأميركيين.
ويكمن القلق في إمكانية التصاعد السريع لمثل هذه الحوادث ضيقة النطاق، ومن ثم تقويض الحملة المدعومة أميركياً للاستيلاء على مدينة الرقة، عاصمة ما تُسمى دولة الخلافة لداعش.
لكن التحدي الذي يواجه الولايات المتحدة وتركيا، وفقاً لنيويورك تايمز، يتجاوز مسألة رسم خطوطٍ واضحة لجبهات المعارك.
وترى القوات الخاصة الأميركية في الميليشيا الكردية، المعروفة رسمياً باسم "وحداتِ حمايةِ الشعب"، حليفاً مؤثراً في ساحة القتال تُعتَبَر مشاركته حيويةً لدحر داعش في سوريا.
وبينما لم يُقرِّر الرئيس ترامب الأمر بعد، يرى القادة العسكريون الأميركيون ضرورةً في تسليحِ وحداتِ حمايةِ الشعب بالمركبات المُدرَّعة، والبنادق الآلية، والصواريخ المضادة للدبابات، كي يصير بمقدورهم الانضمام إلى العملياتِ الهادفةِ للاستيلاء على الرقة.
أما تركيا، التي تُصنِّف الميليشيات الكردية باعتبارها منظماتٍ إرهابية، فقد عارَضَت هذه الخطوة بشدة. وحاول الجيش الأميركي طمأنة الجانب التركي بعدةِ وسائل، من بينها زيادة أعداد العرب السوريين المُوجَّهين للاستيلاء على الرقة.