عنه!

رَزقَني الله إيِاك مِن غَير حَول مِني ولا قوة، وعَاهدت ربي على أنْ أتَشبث بكَ لآخر زَفراتُ الروحِ، وأنكَ من يَسكن الروح أبداً، والله أحَببتك لا كالحُب نَفسه، بلْ أحَسب أنْ الحُب ذَاتهُ بَعض مما أحَببتك إياهُ.

عربي بوست
تم النشر: 2017/03/06 الساعة 01:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/03/06 الساعة 01:10 بتوقيت غرينتش

مساؤك يا صَديقي وصِدقي.. إنها الواحدة وبضع دقائِق.. رُبما صباحاً، كَما يزعمون، ولكنْ أُريد أُعلِمك بأنني دونَك لا يَأتيني صباح، أو يُهيأ لي أن اليَوم لا تُدركَه ملامح لأستَشعرها، أتَعلم يا مُسكِر الرَوحِ أنّك حلوٌ كما لم يكنْ أحد، وأنك ملاذ يَسعني ويسر جَسدي بَضماته وإنني طَلبتُكَ مِن الله حتى كُل مَتني وأننّي قلبٌ لا يَنضبُ مِنكَ، وإنِ رَحلتُ فهُداك إلي، وأنكَ لنْ تَرحل إلا فِيّ.

وكَأنهُ بِي منذُ أنْ خُلقت مكاناً شاغلاً ما ملأَهُ أحد سِواك، دوماً وأبداً أشعر أنَه خُلِقتُ مِنكَ، فأنا حَواؤك التي تَشكلت مِن ضلعك الرَحِب، يَأخُذَني عَقلي فِي قُربِك، أنهُ لا إِناث سواي بالعالمِ ولا ذكور غيركَ قد خُلقوا يوماً، أشَتاقَك وأشَتاقُ أنْ تميل رَأسكَ على صَدري وتَصبُ بي ألماً عزيزاً مما تَحوِى.

وأَنى أميلُ كما يَميل البَشر مِن ضَعفِ ووَهن ثُم أراكَ تَضحكُ، فكيف بالله لا أستَقيم؟!

أيا كُل المُنى مُجتَمِعة في حُسنك الدافئ.. هل لي بملاذِ أن أقيم مَسكني عندكَ.. أُصلي وأتعبد الله كما أشاءُ؟ في أنقى بِقاع الأرض بين مُقلتيكَ، أُخبِركَ بأنك حين تَصمتُ أصغي إلى حديث أَنينكَ الدَاخِلي، أتَمنى ولو أنْ رِبي يَمنَحني مِن العُمر ولو ليَلة لأستلقي بـجوارِك أُشارككَ صَمتك وألمكَ، واللهِ إنّي أتَعجّبُ مِنكَ كل يومٍ وليلة كيف خُلقت كَما لم يُخلق أحد!

مَلِكَتُه ومَليِكي ومَملكتَه.. فـمَن على الأرض أهنأُ مِني؟
أأكتب لكَ وأنَامِلي فِي قِمةِ الخَجل؟ وكَأن خَجلِهَا جَاء عزاء عن جُمود الحَرف بينْ يَدي عاجزاً عن وَصفِك فـلا تُوصف أنتَ.

أيَمكن لحُسن العالمِ مجتمعاً أنْ يُصبح قَلبك أنتْ؟ والله إنِ كُل خَلايايِ تُغبطَنِي عَليكَ فكيف للعالمِ القابِع بداخلك أنَ يحوي الكَون كلهُ؟! وأراكَ العَالم والعَالمينَ أجَمع، وأنْ زَفيري عَن تِلك المَسافات المَلعُونة خُلق ليكون تَنهيدة.

أرُدد دائماً وأبداً "هو مِن بَينهم هُو مِن بَينهم"، أنت يا مَن حدثته أنا وأَنجبتَهُ مِن روحي لاَ مِن رَحَمي.

كَأن القلبَ منذُ خِلقَتُه عَاهدَ رَبهُ عَلى أن يَكون لكَ أنِتَ، فجِئتَني لأُدَوّن بِك وَمَعك طُفولَتي ومُراهقَتي وصِباي وكُهُولتَي وفَناي حَتى، وأني في قدومك أتساءل: هل أدركت البلاد لتّوها أنك آتٍ؟ حتى أرى السماء بالأزرق الذي أحياناً لا أُسميه لوناً بل بَهجة ربانية، وأرَى بِقاع الأرض كُلها قد تَعانقت لتُصبح باتساع ذرَاعيكَ، وأنني أبُصر الجمال والحُسن لأول مرة قط، وكأن لا شَر قد كانَ في غِيابك.

رَزقَني الله إيِاك مِن غَير حَول مِني ولا قوة، وعَاهدت ربي على أنْ أتَشبث بكَ لآخر زَفراتُ الروحِ، وأنكَ من يَسكن الروح أبداً، والله أحَببتك لا كالحُب نَفسه، بلْ أحَسب أنْ الحُب ذَاتهُ بَعض مما أحَببتك إياهُ.

فِي حَضرة جَمال وبهاء القَدر لقُربكَ وكَونكِ الصَديق والرَفيق والحَبيب، على كل يا جار وَتيِني، سَأظُل أَعلم أنْ ما تَشاركِنا إياهُ أو ما سَوف نَتشَاركهْ بإذن مُودعكَ فِي "صَادق تَماماً وأنَك جِئتَني عَلى هَيئة اِعتذار أَبدي عَن كُل مَساوئ هَذا الكَون، وعَني حَتى.. فأدعوك مُطَيبي أن ترافق قلبي في طَريقه لكَ، فإني لا أُحسن المَسير إلا بكَ، فأنا من دونك دائماً أضل الطريق. فأعوذ بالله من قول أنا ومن قول من دونك، أُعلمَك أنُه حَبّذا الأحياء ما دُمتَ فِيهم، وأنِي عَلى العَهد ما دُمت حَية أرزق.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد