زواج القاصرات مفخرة للأمهات

غالباً ما تصنف قيم المجتمع المغربي النبيلة في خانتَي الجود والكرم، محافظاً بذلك على التراث والأصالة المغربية العريقة، فالأسر المغربية كما ترحب بضيوفها تكريماً لهم، تصل رحمها معززة مكرمة.

عربي بوست
تم النشر: 2017/03/06 الساعة 01:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/03/06 الساعة 01:08 بتوقيت غرينتش

غالباً ما تصنف قيم المجتمع المغربي النبيلة في خانتَي الجود والكرم، محافظاً بذلك على التراث والأصالة المغربية العريقة، فالأسر المغربية كما ترحب بضيوفها تكريماً لهم، تصل رحمها معززة مكرمة.

في ضيافة "الخالة رحيمو" مثلاً: كان المنزل ينقلب رأساً على عقب حتى يكاد يسمى "منزل المواهب الشابة"، والغناء والرقص حاضران بقوة في المسابقة، ناهيك عن تقليد الشخصيات المشهورة، في ضيافة "الخالة رحيمو" مرحباً بالكل والكل حر فيما يفعله.

النساء يتبادلن الأحاديث عن آخر صيحات موضة "القفطان والتكشيطة المغربية"، الشباب يتنافسون على لقب المسابقة بتقديم الأفضل، أما الأطفال تجدهم منهمكين من كثرة القفز والجري، يمرحون، ويلعبون ثم يتشاجرون، فتضطر النساء لإيقاف النقاشات اللامتناهية متدخلة لحل النزاعات القائمة.

ظل إرضاء جل متطلبات الأطفال من سابع المستحيلات، رغم سعي كل أم لإقناع صغيرتها على حدة، "نهى" لن تتنازل عن حقها في دور العروس، وبالطبع "زينة" لن تترك طرحة العروس بسهولة، فهي متشبثة بها رافضة رفضاً مطلقاً لدور العريس الممل، مأزق ما بعده مأزق، كيف ستتعامل الأمهات يا ترى؟ هل ستنصف المظلوم أم ستنصر الظالم؟

اتبعت مجريات القضية منتظرة حكم القضاة، وما لفت انتباهي آنذاك وأدهشني هو دهاء الأمهات وعدلهن في الحكم على فلذات أكبادهن، فصدر القرار كالتالي: "حكمت المحكمة حضورياً بإقصاء دور العريس والاكتفاء بلعب دور العروس، حلت المعركة أخيراً فعادت الأمهات للنقاشات المعتادة، مع ابتسامتهن المعبرة عما تقوم به بناتهن – نهى وزينة – من تقليد طقوس وعادات العرس المغربي، أكملت بدوري مراقبة طريقة لعبهما معاً، كانتا متفننتين في إتقان اللعبة وكأنهما عروستان بالفعل: طريقة المشي، زغاريد الأمهات… إلخ، تغيرت الأجواء من مسابقة المواهب لحفل زفاف، الكل يصفق ويزغرد.

انصدمت لبهجة الفتيات وهن يرددن: "أول ما سنفعله عندما سننضج هو تعويض فراغ ومكان العريس الذي تم إقصاؤه بقرار من المحكمة، سنعوضه بشخص يستحق هذا اللقب لقب العريس".

طبعاً عزيزاتي سنختاره معاً، وأنا من سيتكلف شخصياً بمراسم الزواج، خاصة في مسألة اختيار "النكافة" و"التكاشط" التي ستلائمكما.
ونهى حبيبتي ستتزوج في سن مبكرة عن التي تزوجت فيها ابنة عمتها المسكينة، التي شاخت قبل أن تعثر على فارس أحلامها، مقتبس من مقولة "للارحيمو" المتواضعة المتفاخرة.

توقعت أن تخالفها الرأي "للازينب" في تزويج ابنتها مبكراً، فخابت آمالي بقولها: "تولد البنت مرتين، تزف في الأولى للحياة، وتزف في الثانية لبيت زوجها، يستحسن في الثانية أن تزف في سن مبكرة".

وكأنهما تقولان: "لا حياة لفتاة بلا زواج، وكأن الزواج المثوى المقدس لبعض الأمهات، إذ يصبح من الإشكال إشكالات رسختها تمثلات اجتماعية خطيرة، فهناك من " للارحيمو" للاتي يحاربن شبح العنوسة ببراءة الطفولة، وهن متفاخرات في تسابقهن على تزويج بناتهن واهيات أن قياس السن مهم في مسألة الزواج معتبرات أن تزويج الفتاة في سن مبكرة مغاير تماماً في تزويجها في سن متقدمة، فالمبكرة مباركة ومحظوظة كل الحظ، جميلة جمالاً يفوق الحدود، محافظة خلوقة، لها فرص كثيرة في اختيار الزوج الصالح المناسب، ولا بد لها أن تغتنم فرصة من تلك الفرص لكي لا تجلب الذل والعيب لأفراد أسرتها وشرف عائلتها، لاسيما إن كانت أول العنقود.

بهذا تغلغلت الآفات من اعتبار زواج القاصرات جريمة يعاقب عليها القانون إلى تمثل اجتماعي يجازي عليه المجتمع، يجلب الفخر والشهامة لأصحابه!

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد