المصريون ليسوا بناة الأهرامات

ويظن البعض بمصرية الأهرامات إلى أن تثبت المحكمة الدستورية عكس ذلك، ولكي نعرف السر قبل إصدار الحكم سنبحر في قلب التاريخ المصري وأيام بناء هذه الأهرامات، ونسأل أنفسنا عدة أسئلة:

عربي بوست
تم النشر: 2017/03/04 الساعة 01:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/03/04 الساعة 01:49 بتوقيت غرينتش

بدأت أفكر مليّاً في مصرية مصر وأعظم علامتها الحضارية الأهرامات، في ظل الأزمة التي تمر بها الأمة وهي مصرية تيران وصنافير وحلايب وشلاتين، وكأن لدينا مشكلة في كل ما ينتهي بحرف الياء والنون.

ويظن البعض بمصرية الأهرامات إلى أن تثبت المحكمة الدستورية عكس ذلك، ولكي نعرف السر قبل إصدار الحكم سنبحر في قلب التاريخ المصري وأيام بناء هذه الأهرامات، ونسأل أنفسنا عدة أسئلة:

هل المصريون مَن بنى هذا الصرح العملاق أم بناه التكبر والجبروت والتحكم والظلم؟ ولماذا تفرعن الفراعنة على الناس؟ ولمَ قبل الناس هذا؟ وماذا إذا لم يكن يتفرعن الفراعنة؟ هل يا تُرى ستكون هناك حضارة مصرية خالدة؟

وأجيب عما توصلت إليه، وهو بالطبع يحتمل الصواب والخطأ، أنه ليس المصريين من بنى الأهرامات، وإنما بناها التكبر والتجبر والتحكم عليهم، ولو ترك المصريون لما بنوا شيئاً، والدليل على ذلك أنهم لم يبنوا اليوم حضارة مثلها مع الفارق، وإلا لماذا مات أكثر من 100 ألف في بناء الأهرامات؟
إذاً الحكومة هي من وجهتهم لذلك وأجبرتهم عليه، ولو كانت اختيارياً لما قتلوا وما اختاروا لأنفسهم الهلاك!

واسمحوا لي بهذه الجملة الاعتراضية "أن الديمقراطية شيء وهمي وأميركا تختار رؤساءها دكتاتورياً ويكون بناء على اتفاقات وعقود، وهذا سبب تقدمهم، وعلينا الرجوع إلى الخلافة الراشدة، ولا مانع من أن يكون ابن الرئيس رئيساً إذا هيَّأه والده لذلك، فقد كان يزيد ابن معاوية ابن أبي سفيان من أفضل مَن حكموا في أمة الإسلام على خلاف الديمقراطية التي من الممكن أن تأتي لنا برئيس لا يفقه شيئاً ومحب للسلطة وفقط".

ونعود إلى موضوعنا وهو تفرعن الفرعون، وما الذي جعله يدَّعي الألوهية (وضع تحتها ألف خط) هو استخفافه لعقول قومة، وهم أطاعوه ويا لَيتهم لم يفعلوا! رغم أنهم رأوا أنه أخطأ خطأً كبيراً، وعفواً فإذا خف عقلُ الرجل لم يدرِ ماذا يفعل وما فُعل به، ولا يضره ارتفاع أسعار، وضيق الحال، ومكابدة الحياة، ولا يبحث عن الحرية، وأي حرية وهو كالهباء المنثور يقع حيث تلقي به الريح، ولا عقل له حينما ينصب إنسان مثله "إلهاً" يعبده، واستنتج الآتي وهو عقل الشعب الواعي وتوجه الحكومة يبني حضارة قوية وهو ما يفعل في اليابان.

بقي لي أن أحدد هدفي من كلماتي، وأنسق لكم عبارتي لعل وعسى تصل إلى قلوبكم، وينير الله بها عقولكم.

يبدو أن هناك تشابهاً بين المصريين اليوم والمصريين أيام الفراعنة، نعم هم نفس الشعب، ولكن ما جعل الدولة الفرعونية الحضارية تبني حضارتها في الماضي، ونحن الآن في قاع التخلف مع أننا ذات الشعب، ويتضح من الآتي "وربنا يجعل كلامنا خفيف عليهم":

1- كانت الدولة الفرعونية تقدر العلم والعلماء والمتعلم، أما اليوم فلا تقدير لهم، وهي نقطة فاصلة تكفي لقيام حضارة قوية قائمة على العلم، فقد وصل الفراعنة لكل العلوم من طب وفلك وهندسة.. إلخ.
2- كان القادة والوزراء لا يهملون الشباب ولا يحقرون رأيهم، وربما يكون الفرعون شاباً ويبني الحضارة على سواعده أمثال مينا موحد القطرين، وأما اليوم فلا والشباب يسجن لرأيه ويُصغر سنه رغم كبره وعقله رغم معرفته، والدليل أيضاً من الحضارة الإسلامية؛ حيث كان النبي يولي قادة الجيش للشباب أمثال علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت وغيرهما.

3- القيادة الفرعونية كانت على رؤية وفكر وعلم، أما اليوم فلا، ونعتمد على إظهار أي إنجاز، وإلا لم يكن إنجاز، فأين خير قناة السويس الجديدة؟! وأين القرية الإدارية العملاقة؟ ويبدو أننا لا نعتمد على دراسات لمشاريعنا القومية، وأما المشاريع الخاصة فهي ممتازة بجدارة فأين العيب إذاً؟!

4- الفراعنة كانوا أصحاب أخلاق واقرأ وصية وزير فرعون أمنحتب، وستعجب من خلقه وهو يوصيه بالعلم والعمل وإصلاح النفس، أما اليوم فلا، ومن يستطيع أن يتكلم مع ابن الوزير من الأصل، فهو مثل أبيه معصوم من الخطأ، وإذا اكتشف أنه مخطئ لا يعتذر للشعب وهو يشابه فرعوناً لم يعترف إلا بعد أن غرق وأغرق جنوده معه.

5- كان لهم لغة يفرضونها على العالم أما اليوم فالإنكليزية سيدة العالم؛ لأن أهلها أرادوها هكذا، أما نحن فلا، ولن تقوم لنا قائمة بلغة غيرنا مهما كان، ولا عيب من أن نتعلمها، ولكن نهتم بلغتنا ولا نهملها.

6- كانوا أصحاب دين، وإن كان خطأ، ولكنهم يعلمون ألا حضارة تقام بلا دين، وأما نحن فلا، وديننا نحن ضيعناه، وأول من طعن فيه وألصقناه بالتشدد مع أننا نحن المتشددون وليس هو.

تتفق معي أو تختلف، فهذا لا يقلل مني ومنك، ولكن لنتفق على حب مصر ونريدها أفضل البلاد، وكلنا نتفق على أن مصر باقية أبد الدهر، وستظل مليئة بالخيرات، ولن تنتهي، رغم كل حملات (الاستخراب) عليها وسرقتها حتى من أهلها، وأقولها بكل ثقة: شعب مصر يبحث عن الفرحة، ويتجه إليها أينما كانت، وينتظر التوجيه الصحيح، وليس التوجيه إلى مباراة كرة وتعصب كروي لا جدوى منه؛ لنوجه إلى الحضارة، ولنجعل الإعلام الذي يصيبنا بحالة من الغثيان يصيبنا بحالة من النشاط، ويدعو إلى العمل لا إلى الكسل، ننتظر التوجيه إلى بناء حضارة شعب كما فعل الفراعنة، واتركوا له الحرية مع الحزم في العدل والإصلاح، سيتقدم هذا الشعب على كل شعوب العالم بفضل الله وبفضل الدين الصحيح، ولنقف جميعاً ضد من لا يريد ذلك، ولنصطف جميعاً في الخير ولا للتفرقة، وتجنيب طرف أو التنازع على السلطة، فهي تكليف لا تشريف، وخير وليس شراً، ولنكمل بعضاً ولا ننقص من أنفسنا أمام أطفالنا، ودعونا نتفق على رجل منا يحكمنا، ولنرضَ به مهما كان، وندعمه ولا نخذله أو نهينه؛ لتعود مصر كما كانت بلاد الحضارة، ونقول: ادخلوها آمنين بقلوبنا وعقولنا وأيدينا.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد