أعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا، الأربعاء 22 فبراير/شباط 2017، أنه "لا يتوقع اختراقاً" في محادثات السلام السورية الأسبوع الحالي في جنيف، في وقت طالبت المعارضة بإجراء مفاوضات مباشرة مع النظام السوري.
وقال دي ميستورا عشية بدء جلسات المحادثات "هل أتوقع اختراقاً؟ كلا، لا أتوقع اختراقاً… بل بداية سلسلة جولات" تفاوض، معرباً عن الأمل في تحقيق "زخم" باتجاه التوصل إلى اتفاق.
ووصل وفدا الحكومة والمعارضة السوريتين، الأربعاء، إلى جنيف، لكن الوسيط الأممي أشار إلى انتظار وفود أخرى من دون تفاصيل.
التفاوض المباشر
وبشأن مشاركته قبل المؤتمر الصحفي في اجتماع الفريق المعني بوقف إطلاق النار في مقر الأمم المتحدة في جنيف، قال دي ميستورا "اليوم، أعلنت روسيا للجميع أنها طلبت رسمياً من الحكومة السورية عدم شن ضربات جوية أثناء المحادثات".
رداً على سؤال بشأن صيغة هذه الجولة الرابعة من المفاوضات بعد 3 عقدت العام الفائت، رفض دي ميستورا الإفصاح إن كان الوفدان وافقا على التفاوض مباشرة.
إلا أن المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات السورية سالم المسلط، أكد الأربعاء في جنيف، أن المعارضة تطالب "بمفاوضات مباشرة" مع النظام السوري، على أن تبدأ بمناقشة "هيئة حكم انتقالي".
وقال المسلط لفرانس برس "نطالب بمفاوضات مباشرة… نحن هنا لنفاوض، لنبدأ بمفاوضات مباشرة تبدأ بمناقشة هيئة حكم انتقالي".
وأضاف "نأمل أن نرى شيئاً يتحقق هنا في جنيف 4، لأنه لا سبيل في أن يتجه السوريون إلى جنيف 5 بهذا الثمن الذي يدفعونه في سوريا. نأمل إنهاء ذلك الآن هنا".
كسابقاتها تواجه الجولة الجديدة من المفاوضات معوقات عدة، وتأتي وسط تطورات ميدانية ودبلوماسية، أهمها الخسائر الميدانية التي مُنيت بها المعارضة خلال الأشهر الأخيرة، وأبرزها في مدينة حلب، والتقارب الجديد بين تركيا الداعمة للمعارضة، وروسيا أبرز داعمي النظام، فضلاً عن وصول الجمهوري دونالد ترامب إلى سدة الحكم في واشنطن.
الوفود والمشاركون
وقد وصل وفد الحكومة برئاسة مبعوث سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري الأربعاء إلى جنيف، كما وصل القسم الأكبر من أعضاء الوفد المعارض، وكذلك فريق المستشارين والتقنيين، وممثلو الفصائل المقاتلة.
ويضم وفد المعارضة 22 عضواً برئاسة نصر الحريري، والمحامي محمد صبرا كبير المفاوضين.
وسيشارك في جولة المفاوضات الرابعة برعاية الأمم المتحدة في جنيف أيضاً وفدان من مجموعتين معارضتين أخريين، هما "منصة موسكو" و"منصة القاهرة".
وتضم "منصة موسكو" معارضين مقربين من روسيا، أبرزهم نائب رئيس الوزراء سابقاً قدري جميل. أما "منصة القاهرة" فتجمع عدداً من الشخصيات المعارضة والمستقلة، بينهم المتحدث السابق باسم وزارة الخارجية جهاد مقدسي.
محاور جنيف
وقال رئيس الدائرة الإعلامية في "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" أحمد رمضان "نعتبر أن استئناف المفاوضات خطوة مهمة للغاية"، مشيراً إلى أن "وفد المعارضة الموحد سيركز على عملية الانتقال السياسي".
وأوضح أن محاور الانتقال السياسي تشمل الحكم والدستور والانتخابات، مشدداً على أهمية "أن تضغط الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ليكون هناك شريك حقيقي في المفاوضات لا يسعى إلى تمييع العملية التفاوضية، والهروب من استحقاقات العملية السياسية".
وأشار رمضان إلى "فشل روسيا و(محادثات) أستانا في تطبيق الإجراءات التمهيدية التي تشمل وقف الأعمال العدائية والعسكرية، وإطلاق سراح المعتقلين، ودخول المساعدات" إلى المناطق المحاصرة.
ولفت إلى أن "الدول الضامنة لم تنجح في تحقيق تقدم في أي من هذه الملفات، ما سينعكس سلباً على مسار المفاوضات".
واستضافت أستانا الأسبوع الماضي جولة ثانية من محادثات السلام السورية برعاية روسيا وإيران وتركيا. وكان على جدول أعمالها بند رئيسي يتعلق بتثبيت وقف إطلاق النار الهش.
وأكد يحيى العريضي، أحد أعضاء فريق الاستشاريين المرافق للوفد المعارض لفرانس برس "أولوية وقف إطلاق النار" خلال المفاوضات، مضيفاً "لا يمكن إنجاز أي شيء من الأمور المطروحة على المسار السياسي من دون إنجاز قضية وقف إطلاق النار".
كما تحدث رمضان عن "عدم وجود توافق أميركي روسي حول استئناف العملية السياسية، فضلاً عن عدم وضوح مواقف إدارة الرئيس ترامب بشأن سوريا والشرق الأوسط".
ولم يصدر عن ترامب -الذي طلب من البنتاغون خططاً جديدة قبل نهاية شباط/فبراير لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية- أي مؤشر حتى الساعة عن مشاركة بلاده في جهود حل النزاع، الذي أدى إلى مقتل أكثر من 310 آلاف شخص ونزوح الملايين.
"آمال محدودة"
ولطالما شكلت عملية الانتقال السياسي نقطة خلافية بين الحكومة والمعارضة خلال جولات التفاوض الماضية، إذ تُطالب المعارضة بتشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات تضم ممثلين للحكومة والمعارضة، مشترطة رحيل رئيس النظام بشار الأسد، في حين ترى الحكومة السورية أن مستقبل الأسد ليس موضع نقاش وتُقرره فقط صناديق الاقتراع.
وقال العريضي "الآمال محدودة، هذا صحيح، لكن لا نعتبر أستانا أو جنيف إلا إحدى المعارك التي يخوضها السوري من أجل أن يعيد بلده إلى الحياة".
على الأرض، تستمر عمليات القصف المتقطعة في مناطق عدة.
على جبهة مدينة الباب في ريف حلب المحاصرة من قوات النظام من جهة والفصائل المعارضة المدعومة من تركيا من جهة أخرى، قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، إن القوات التركية وحلفاءها تمكنوا "من السيطرة على نحو 25 في المئة من مساحة المدينة التي لا يزال 700 مقاتل من تنظيم الدولة الإسلامية يتحصنون داخلها".
وأحصى المرصد "مقتل 124 مدنياً على الأقل في المدينة، جراء قصف مدفعي وغارات" قال إن القوات التركية نفذتها خلال عملياتها العسكرية.
وينفي الجيش التركي مقتل مدنيين، مشيراً إلى أنه يفعل ما بوسعه لتجنب الخسائر بين المدنيين.
وقدر وزير الدفاع التركي فكري إيشيك، الأربعاء، عدد المسلحين الجهاديين الذين لا يزالون في مدينة الباب "بأقل من مئة"، مشيراً إلى أن القوات التركية سيطرت على "أكثر من نصف" المدينة.