من المعروف أنَّ كل لهجة من اللهجات العربية لها خصوصياتها وما يميزها، ولكن هذا لا يمنع من وجود سمات مشتركة بين بعض اللهجات العربية، ومن المبهر دائماً أن تستخدم التعبيرات التي اصطلح عليها جماعة من الناس، فهذا يقرب المسافات بينك وإياهم، ولنوضح المقصود بالتعبير الاصطلاحي:
يعرف لوريتود التعبير الاصطلاحي بأنه "مجموعة من الكلمات التي لا يمكن أن يتبين معناها من خلال المعاني المألوفة للكلمات التي تؤلف قطعة من اللغة، فالعبارة fly off the handle التي تعني (ينفد صبره) لا يمكن أن تفهم من خلال معاني الكلمات fly وoff وhandle، وتتضمن العبارات الاصطلاحية الاستخدام غير الحرفي للغة، وهي تختلف وفقاً للقواعد الشكلية في التعامل، وتوجد في الكلام المنطوق أكثر من المكتوب؛ وذلك لأن هذه العبارات من الأقوال المأثورة، وتتصف بالغموض، ويفضل تجنبها في السياقات الرسمية، ومع أنها موجودة في كل اللغات إلا أنه نادراً ما يمكن ترجمتها من لغة إلى لغة أخرى.
والتعبير الاصطلاحي له مجموعة سمات تحدده، نوجزها في أنه:
– هو أسلوب لغوي خاص بجماعة من الناس في لغة ما.
– لا يمكن نقله أو ترجمته حرفياً إلى لغة أخرى.
– له قوانين لغوية خاصة به يخضع لها، ربما تتفق أو تختلف وقواعد اللغة العامة.
– لا يستمد معناه من مجموع ألفاظه؛ لأن ظاهر ألفاظه يؤدي معنى مخالفاً لمعناها داخل التعبير، ومن ثم ينبغي أن يُدرس كوحدة دلالية متكاملة.
تهدف هذه التدوينة إلى تسليط الضوء على 10 تعبيرات اصطلاحية في الدارجة المغربية مع شرح السياق أو المواقف المستخدمة فيها، ومحاولة إيجاد المقابل لتلك التعبيرات في العامية المصرية في حال وجوده.
1 – "حيِّد علينا البلا والباس": ويستخدم هذا التعبير حين ينكسر أو يتلف شيء من متعلقاتك الشخصية، أو ما يخصك في البيت، وهو يقابل "خدت الشر وراحت" في اللهجة المصرية.
2- "دْخُل سوق راسَك": أو "ماشي سَوقك"، ويمكنك أن تستخدم هذا التعبير حين يتطفل عليك أحدهم بالسؤال أو التدخل فيما لا يعنيه، قد يكون من الغريب أن يبدأ فعل الأمر بساكن، بينما تسكين الحرف الأول من الكلمة هو إحدى السمات الدخيلة على الدارجة بِفِعل اللغة الأمازيغية، يقابل هذا التعبير بالعامية المصرية "خليك في حالك" أو "مش شغلك".
3- كاينة ولا ما كايناش: وتعني هل يصح ما أقوله أم لا؟ أو هل تتفق معي في الرأي؟ وغالباً ما تختم به رأي لديك وتسأل مَن يتكلم معك إن كان يتفق معك في هذا الرأي أم لا مستخدماً هذا التعبير، يماثل هذا التعبير بالعامية المصرية "صح ولا غلط"، وهناك طريقة أخرى لنطق هذه العبارة وهي " كَ ولا ما كا؟".
4 – "فوق فكِيك" foq fgig: تنطق الكاف في هذا التعبير كنطق الجيم المصرية، وفجيج مدينة مغربية تقع على مشارف الحدود المغربية الجزائرية، وتضم العديد من جبال الأطلس الشرقي، فإذا أردت أن تُعبر عن قمة السعادة أو قمة المتعة، يمكنك أن تقول "فوق فجيج".
5 – "عطيني تيقار": وهي عبارة تستخدم حينما تريد أن تأخذ مسافة بينك وبين شخص ما فيمكنك أن تقول له هذه العبارة، وهي تقابل "خليني في حالي" بالعامية المصرية.
6 – "خانز وبنين": المعنى الحرفي لكلمة "خانز" هو كريه الرائحة من الطعام بعد أن يتعفن، بينما كلمة بنين تعني شهياً أو لذيذاً، وهذا التعبير يشار به إلى أكلات الشارع التي يمكنك تناولها في أي مكان من شوارع المدينة.
7 – "الساعات لله": وهو تعبير يدل على أن كل وقت وله المزاج الخاص به، وإن رأيت شخصاً قد تغير مزاجه يمكنه أن يقول "الساعات لله"، قد يقابل ذلك في العامية المصرية "الواحد كل ساعة بحال".
8 – "سرَّك" أو "مزيانة فيك": وهي كلمة تستخدم للشماتة حين ترى شخصاً حدث له أمر غير مرغوب فيه، وتريد أن تشمت فيه بقولك: "أنت تستحق هذا أو تستأهل ذلك"، بالعامية المصرية يُقال: تستاهل.
9 – "سبَّق الميم ترتاح": من المعروف أنَّ أسلوب النفي في الدارجة المغربية يبدأ بأداة النفي ما، كقولِكَ "ماعرفتش – مابغيتش – ماشفتش"، وكل هذه الأفعال يستخدمها من لا يُبادر بفعل شيء ما بحثاً عن راحة جسده وبالِهِ، قد يقابل هذا التعبير في العامية المصرية "كبَّر دماغك".
10 – "قشابته واسعة": القشابة هي الجلباب أو الفوقية، وهذا التعبير يدل على رحابة الصدر، وأن الشخص الذي لديه "قشابة واسعة" لا يضيق ذرعاً بمن يُمازحه، أقرب ما وجدنا مقابل هذا التعبير في العامية المصرية هو "صدره واسع"، بينما قد يستخدم هذا التعبير في سياقات أخرى بمعانٍ مختلفة.
فإن اندهش أحدهم حين يسمع منك هذه العبارات الخاصة، فقل له ممازحاً عبارة أخرى شهيرة في المغرب وهي "ما دمت في المغرب فلا تستغرب!".
يا ترى كم تعبيراً من هذه التعبيرات يُستَخدَم في حياتكم اليومية؟ وهل تريدون معرفة المزيد من التعبيرات في لهجات أخرى؟ شاركونَا بآرائكم ومقترحاتكم.
المصادر:
- كتاب "الدارجة المغربية مجال توارد بين الأمازيغية والعربية"، تأليف محمد شفيق.
- معجم التعبير الاصطلاحي في العربية المعاصرة، د. محمد محمد داود، دار غريب.
- لوريتوتود: مدخل إلى علم اللغة 98 – 100.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.