يبدو أن نار المعارضة بدأت تقترب شيئاً فشيئاً من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فلم تنجح إقالته وزيرةَ العدل بالوكالة سالي ييتس، لمعارضتها قراره بحظر دخول المسلمين أميركا، في ردع مسؤولين آخرين يرون أن الطريق الذي يسير فيه الملياردير السبعيني خاطئ.
حيث وقَّع 900 من مسؤولي وزارة الخارجية الأميركية، أمس الثلاثاء 31 يناير/ كانون الثاني 2017، على مذكرة داخلية تعارض قرار ترامب بحظر دخول لاجئين ومهاجرين من سبع دول ذات أغلبية مسلمة، بعد أن كان عددهم قبل 24 ساعة 100 مسؤول فقط، ما قد يشير لأزمة تقترب نيرانها من عقر دار الرئيس.
المذكرة التي قدمها دبلوماسيون إلى وزارة الخارجية الأميركية قبل أيام، يتم التوقيع عليها منذ ذلك الحين، من خلال نظام خاص بالوزارة يطلع عليه الدبلوماسيون فقط.
ولا يظهر عدد الموقعين على المذكرة، غير أن وسائل إعلام محلية قالت، وفق مصادرها، إن العدد بلغ يوم الثلاثاء 900 دبلوماسي، بعد أن كان نحو 100 يوم الإثنين.
"سياسة تُغلق أبوابنا"
وجاء في مسودة المذكرة التي نشرتها وسائل إعلام أميركية أن قرار ترامب "سياسة تغلق أبوابنا أمام أكثر من 200 مليون مسافر شرعي، على أمل منع عدد صغير من المسافرين ممن يودون إيذاءنا، وهي لن تجعل بلادنا أكثر أمناً"، وفقاً لوكالة الأناضول التركية.
وأضاف الدبلوماسيون في رسالتهم: "مثل هذه السياسات تسير بالضد من جوهر المبادئ الأميركية، التي ترفض التمييز العنصري، وتدعو للإنصاف، والتعبير عن حرارة الترحيب بالزوار الأجانب والمهاجرين".
وأكدوا على أن "هذا الحظر لا يحقق أهدافه وسيكون في الأعم الأغلب غير مثمر".
ولم يتسن الحصول على تعقيب فوري من الخارجية الأميركية حول العدد.
موقف الحكومة
وكان المتحدث باسم البيت الأبيض شون سبايسر قد أعلن أمس الأول الإثنين، أن الدبلوماسيين الذين يعارضون الرئيس الأميركي "إما أن يقبلوا بالبرنامج (الحظر) أو يغادروا".
فيما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية اليومية عن أحد الدبلوماسيين العاملين في إفريقيا، والمساهمين في المذكرة، الذي لم تسمّه قوله "معارضة السياسات هي جزء من ثقافتنا".
والجمعة الماضي، وقَّع ترامب أمراً تنفيذياً تم بموجبه تعليق السماح للاجئين بدخول الولايات المتحدة لمدة أربعة أشهر، كما حظر دخول البلاد لمدة 90 يوماً على القادمين من سوريا، والعراق، وإيران، والسودان، وليبيا، والصومال، واليمن.
وشنَّ ترامب أمس الثلاثاء حملةً شرسة على معارضيه الديمقراطيين في الكونغرس، واتَّهمهم بالعمل على شلِّ عمل الحكومة، عبر تأخير تثبيت المسؤولين الذين اختارهم.
وقال في تغريدة: "عليهم أن يشعروا بالعار! من غير المفاجئ ألا تتمكن واشنطن من العمل"، في إشارة إلى إدارته التي لم يكتمل عقدها بعد بانتظار موافقة الكونغرس على بعض المسؤولين فيها.
جاء ذلك بعد موقف نادر جداً خلال فترة تشكيل فريق حاكم جديد في البيت الأبيض، حيث أمرت سالي ييتس، وزيرة العدل بالوكالة، النواب العامين بعدم الدفاع عن مرسوم ترامب الأخير، مشككة بشرعية هذا المرسوم.
ومنذ توقيعه القرار، يواجه ترامب انتقاداتٍ محلية وغربية وعربية كبيرة، وسط اتهامات له بتبني سياسات عنصرية، لاسيما تجاه العرب والمسلمين.
تصريحات مقلقة
وخارج الولايات المتحدة لم تتراجع حدة موجة الرفض لقرارات الرئيس الأميركي، حسبما نشرت وكالة الأنباء الفرنسية.
واعتبر رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، الثلاثاء، أن قرار الرئيس الأميركي يشكل عقاباً لمن "يقاتلون الإرهاب".
وقال العبادي في أول رد فعل له على القرار متوجهاً بالكلام إلى ترامب "أنت تأتي على الضحية لتحاسبه، تأتي على الناس الذين يضحون والذين يقاتلون الإرهاب لتعاقبهم".
وندد رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك بالتصريحات "المقلقة" لإدارة ترامب، "التي تجعل مستقبلنا غامضاً بشكل كبير".
وأضاف في رسالة موجهة إلى قادة دول الاتحاد الأوروبي الـ27 (من دون بريطانيا) إن الإدارة الأميركية الجديدة "تبدو وكأنها تعيد النظر بالسنوات السبعين الأخيرة للسياسة الخارجية الأميركية".
ودعا نائب رئيس الحكومة التركية نعمان كورتولموش، الثلاثاء، الرئيس ترامب إلى إعادة النظر في مرسومه، الذي دفع باتجاه إصداره "المشاعر المناهضة للهجرة والإسلاموفوبيا المتنامية في الغرب".
وكانت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل اعتبرت أن مكافحة الإرهاب لا تبرر "تعميم الشكوك ضد الأشخاص بناء على معتقداتهم، والمقصود هنا هم المسلمون".
ومن المقرر أن يناقش النواب البريطانيون في العشرين من شباط/ فبراير العريضة التي جمعت 1.7 مليون توقيع، مطالبة بخفض مستوى زيارة ترامب المرتقبة لبريطانيا من زيارة دولة إلى زيارة رسمية.