شنت منظمات يهودية حملة تصريحات ضد الرئيس الأميركي دونالد ترامب عقب بيانه في اليوم العالمي لذكرى الهولوكوست الجمعة 27 يناير/كانون الثاني 2017، حيث لم يحدد ترامب اليهود كضحايا لعملية الإبادة الشهيرة في أربعينيات القرن الماضي.
ودافع البيت الأبيض عن عدم ذكر اليهود ومعاداة السامية في بيان ترامب، قائلاً إن إدارة الرئيس الجديد "أخذت بعين الاعتبار جميع الفئات التي عاشت هذه المعاناة".
وأعرب رئيس رابطة مكافحة التشهير، جوناثان جرينبلات، عن غضبه من البيان "المُربِك والمُثير للقلق"، على حد وصفه، والذي يُعد سابقةً هي الأولى من نوعها.
واستنكر المدير التنفيذي لمركز فرانك آن (المُناهض للعنصرية والتمييز ومعاداة السامية)، ستيفن غولدشتاين، بيان الرئيس الأميركي قائلاً: "كيف نسيت، سيدي الرئيس، أن ستة ملايين يهوديٍ قُتلوا لمجرد أنهم يهود؟ واخترت تعبيراً مُبهماً يصفهم بـ"الأبرياء". لقد كانوا يهوداً، سيدي الرئيس".
ومنذ ستينيات القرن الماضي وحتى اليوم، يفند مفكرون وشخصيات غربية عديدة مزاعم الهولوكوست، من بينهم المفكر الفرنسي روجيه غارودي صاحب الكتاب الشهير "الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية"، ويعتمد هؤلاء على إحصاءات تقول إن تعداد اليهود في أوروبا كلها آنذاك كان 6 ملايين ونصف المليون نسمة، فكيف يعقل أن يتم إبادة 6 ملايين منهم مرة واحدة، بينما سجلت سجلات الهجرة في ذاك الوقت هجرة نحو 2 مليون يهودي خارج أوروبا، بالإضافة إلى أدلة أخرى.
ويخلص هؤلاء إلى أن الترويج للهولوكوست كان عملية مخططة بهدف التمهيد لإقامة دولة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1948، على حد قولهم.
"ليس اليهود وحدهم"
ورفض ممثلو البيت الأبيض الإجابة عن أي استفساراتٍ أو أسئلةٍ حول البيان حتى يوم أمسٍ السبت، عندما أرسلت المتحدثة الإعلامية هوب هيكس مقالاً من موقع هافينغتون بوست إلى شبكة CNN، جاء فيه أن قرابة المليون شخص قُتلوا على يد النازيين بسبب أعراقهم وميولهم الجنسية ومعتقداتهم الدينية والسياسية.
وصرَّحت هوب لشبكة CNN: "بعكس تصريحات وسائل الإعلام؛ نحن مجموعة عملٍ متكاملة، وقررنا أن نأخذ بعين الاعتبار جميع الفئات التي عاشت هذه المعاناة".
ورفضت هوب الإجابة عند سؤالها حول ما إذا كان ترامب لا يرغب في الإساءة لأحد، فيما اكتفت بالرد قائلةً: "يُشرفنا أن نصدر بياناً في ذكرى هذا اليوم المهم".
وقال البيت الأبيض في بيانه الرسمي: "بقلبٍ يملأه الأسى وعقلٍ يعتصره الحزن، نقف إجلالاً في ذكرى الضحايا والناجين والأبطال الذين عايشوا مأساة الهولوكوست. من المستحيل أن ندرك مدى الأهوال التي عانى منها الأبرياء بسبب الإرهاب النازي".
وتعهَّد ترامب خلال البيان: "سأفعل كل ما باستطاعتي طوال فترة رئاستي وطوال حياتي كي أضمن ألا تنتصر قوى الشر على الخير أبداً".
وأضاف: "معاً.. سنجعل الحب والتسامح يسود العالم أجمع".
ماذا فعل سابقوه؟
كان الرؤساء السابقون يخصُّون اليهود بالذكر، معتبرين أنهم تفرَّدوا بالتعرض للاضطهاد طوال فترة الحكم النازي لألمانيا.
وكان باراك أوباما قد أدان ما وصفه بـ"آفة معاداة السامية" في عام 2015. وفي عام 2007، أعلن جورج بوش الابن أن: "علينا أن نستمر في إدانة عودة معاداة السامية، تلك العصبيات الخبيثة التي تسببت في حدوث الهولوكوست". وفي عام 1993، علّق بيل كلينتون قائلاً: "مات الملايين بسبب هويتهم وعبادتهم ومعتقداتهم وأحبائهم. لكن شعباً واحداً فقط، الشعب اليهودي، تعرض للدمار بالكامل".
وفي عام 1985، اعتذر البيت الأبيض في عهد رونالد ريغان عن مجرد تصورٍ خاطيءٍ من البعض بأنه لم يذكر اليهود خلال تصريحاته العلنية بخصوص الهولوكوست، حيث قال البيت الأبيض حينها: "يشعر الرئيس بحساسية بالمأساة الهائلة التي عانى منها الشعب اليهودي خلال الحرب العالمية الثانية. كما أنه ذكر سابقاً، في أكثر من مناسبة، أن علينا ألا ننسى الهولوكوست أبداً".
ولا يُعد إغفال ذكر اليهودية في ذكرى الهولوكوست، المرة الأولى التي تشُن فيها رابط مكافحة التشهير هجوماً على ترامب، مُطالبةً الرئيس بتذكُّر ما تقول إنه "فظائع التاريخ"، إذ أدانت المنظمة في وقتٍ سابق استخدام ترامب لشعار "أميركا أولاً"، والذي يعود أصله لجماعةٍ انعزاليةٍ في الأربعينيات، قادها بعض المتعاطفين مع النازية مثل الطيار تشارلز لندبرغ الذي كان يؤمن بأن "الحضارة تستند إلى جدارٍ غربيٍ من العِرق والسلاح الذين يمكنهما من.. منع تسلل الأعراق الأدنى شأناً"، وفق قولهم.
وفي وقتٍ لاحقٍ من يوم الجمعة الماضي، وقَّع ترامب على قرارٍ تنفيذيٍ بوقف برنامج الولايات المتحدة لقبول اللاجئين لمدة 120 يوماً، ووقف برنامج اللاجئين السوريين لأجلٍ غير مسمى.
– هذا الموضوع مترجم بتصرف عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.