كيفية تطوير أسلوب التربية للنهوض بالحياة الأُسرية

تُعد تربية الأبناء من أصعب المهام التي تواجه الآباء من أجل تنشئة جيل واعٍ قادر على مجابهة التحديات الحديثة ومواجهة المستجدات بعقل واعٍ مستبصر وشخصية متوازنة.

عربي بوست
تم النشر: 2017/01/26 الساعة 01:46 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/01/26 الساعة 01:46 بتوقيت غرينتش

تُعد تربية الأبناء من أصعب المهام التي تواجه الآباء من أجل تنشئة جيل واعٍ قادر على مجابهة التحديات الحديثة ومواجهة المستجدات بعقل واعٍ مستبصر وشخصية متوازنة.

في هذا المقال سنحاول تصحيح بعض من المفاهيم التي يساء فهمها، وسنلقي المزيد من الضوء على بعض الأشياء التي لو تم اتباعها سنصل بالحياة الأسرية لبر الأمان.

الظاهرة والمشكلة
يوجد خلط كبير بين المفهومين، ولكن باختصار الظاهرة هي مصطلح إيجابي يسعد المجتمع لتعزيزه، أما المشكلة فتطلق على كل ما هو سلبي، ويعمل المجتمع على تلافيه، فالزواج ظاهرة، والطلاق مشكلة.

الحقوق والواجبات
الحقوق تتوزع بين مادية (ملبس – مشرب – مأكل – سكن – تعليم – صحة وغيرها)، وحقوق معنوية كالحب والاهتمام والاحترام، أما الواجبات قد تكون دينية كالمحافظة على الصلوات، واجتماعية كصلة الرحم، وشخصية كالعناية بالنفس والنظافة الشخصية والمحافظة على الممتلكات.

متى تنشأ المشكلة؟
عند عدم غرس هدف في الطفل منذ الصغر أو عدم وجود قدوة داخل المنزل.

أنواع الشخصيات
للوصول للأهداف لا بد من وضع وسيلة مناسبة؛ لذلك تتنوع الشخصيات من حيث تطبيق الوسيلة والوصول للأهداف كالآتي:
– شخصية معتدلة ومقبولة ومتوازنة.
– شخصية نرجسية عنيفة لا يستطيع أحد أن يتقبلها إلا من هو مثلها، وهي شخصية ذكية وقادرة على تحقيق أهدافها، بغض النظر عن طريقة الوصول للهدف؛ لذلك من أفضل طرق علاجها أن تُقابل رغباته بالرفض من البداية لتصحيح مساره، ويمكن أن نطلق عليه العلاج بالحرمان.
– شخصية طقوسية، وهي روتينية يتم تقبلها في البداية، ثم تُبغض بعد ذلك، ويكون صاحبها مشغولاً بواجب، ولكنه لا يوجد له حافز يسعى لتحقيقه في المستقبل.

التوافق الاجتماعي
لكي نتوافق مع من نعيش يجب المرور بثلاث مراحل للوصول لحالة من التوافق الكامل هي:
1- التجانس
يحاول كل شخص أن يتوافق في التفكير ولو بنسبة 50%، ففي حال الأطفال يجب النزول بمستوى التفكير إلى الحد الذي يسمح بوجود حوار بين الأطراف المختلفة، ولا تحاول أن تجعل من أولادك أو شريك حياتك نسخة مكررة من شخصيتك.
2- الاعتماد المتبادل
يقصد به مشاركة كل المشاعر من حزن وفرح مع الطرف الآخر فهو عملية نفسية مستمرة طوال الوقت، بجانب أن تجعل للطفل قيمة ومسؤولية في الحياة، ولا تستهين بتفكيره.
3- البوح الذاتي
يقصد به إفشاء الأسرار للطرفين وإزالة الحواجز بينهما، ففي حال معرفتك لمن تبوح بسرك ومن له القدرة على كتم أسرارك وعدم إفشائها لأحد فقد توصلت لمن تحققت فيه الشروط ليصبح متوافقاً معك اجتماعياً.

الاغتراب
عدم التوافق وخصوصاً مع الطفل يؤدي لمرحلة الاغتراب، عندما تكون الأسرة ليست هي وسيلة الطفل لمساعدته لتحقيق أهدافه، وتتجسد في عدة صورة منها:
الابتداع: اللجوء لوسيلة أخرى غير الأسرة للوصول للأهداف.
الانسحاب: شخص لا يقبل الوسيلة ولا الهدف وليس له وجود بالمجمع.
التمرد: شخص لا يرضى بكل من الوسيلة أو الهدف المنوط بتحقيقه ويغيرهما ويسعى للانتقام.
الطقوسي: شخص يقبل الوسيلة ولا يحقق الهدف، كما أشرنا من قبل لهذا النوع الروتيني من الشخصيات.

المركز الاجتماعي والمكانة الاجتماعية
للفصل بين المصطلحين، فالمركز الاجتماعي يكون داخل نسق محدد كالأسرة، أما المكانة الاجتماعية فتخرج إلى المجتمع، وعليه نستنتج أن تغير المركز الاجتماعي داخل الأسرة أدى لتبدل الأدوار داخلها، وهو ما أثر بالسلب على المجتمع؛ لذلك يجب على كل شخص معرفة دوره ومركزه داخل الأسرة، إلى جانب علمه بدور الآخرين ومراكزهم أيضاً داخل الأسرة الواحدة.

المواطنة والوطنية
لتوضيح هذه المسألة يمكن القول بأن المواطنة هي الأصل، والوطنية هي الفرع، وأن الوطنية تخرج من رحم المواطنة، تتمثل المواطنة في الحقوق الممنوحة للمواطنين من قِبل الدولة كحفظ الدين والنفس والعرض والمال والعقل.
لذلك في حال توافر هذه الحقوق ينشأ مواطن تبرز فيه صفة الوطنية، وهي صفة نفسية، مما يجعل من السهل قبول أي مبادرة من الدولة للنهوض بالمجتمع، والدخول في خضم المنافسات الاقتصادية مع الدول الكبرى القادرة على تصنيع الآلات والمعدات الحديثة، وتأهيل الكفاءات للحصول على أقصى إنتاجية.

في الختام، يبقى دور المجتمع المدني والدولة هاماً وفعالاً لتوعية أفراد الأمة للاهتمام بالجيل الجديد، بما يلزمهم من واجبات، وما عليهم من حقوق؛ للمحافظة على الكيان الأسري؛ لتصبح الوطنية في مستقر قلب كل مواطن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: مجموعة من المؤلفات والمحاضرات للدكتور محمد بن إبراهيم السيف، أستاذ علم الاجتماع والدراسات الاجتماعية ومناهج البحث في قسم الاجتماع في جامعة القصيم بالمملكة العربية السعودية.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد