ذكرت منظمة "أنقذوا الأطفال" أن مئات من اللاجئين والمهاجرين الجدد، وبينهم العديد من الأطفال، يصلون إلى صربيا يومياً رغم احتمالية النوم في العراء في درجات حرارة مئوية تقل عن الصفر، ورغم انتشار التقارير حول استخدام العنف. ودعت المنظمة الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ المزيد من التدابير المناسبة لتقديم المساعدة.
أدى الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، الذي من المفترض أن يمنع تدفق اللاجئين عن طريق البحر إلى أوروبا، إلى إجبار العديد من اللاجئين على اللجوء إلى الطريق البري الأكثر وعورة من أجل عبور البلقان، حيث يتعرض الأطفال في سن الثامنة للظروف المناخية القاسية وعضات الكلاب والمعاملة غير الآدمية من قبل الشرطة والمهربين، وفق تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، الثلاثاء 24 يناير/ كانون الثاني 2017.
ورغم أن صربيا ليست جزءاً من الاتحاد الأوروبي، إلا أن حدودها تشترك مع المجر وبلغاريا ورومانيا، وقد أصبحت نقطة عبور أمام هؤلاء الراغبين في الوصول إلى أوروبا الغربية. وهناك نحو 6000 عالق في صربيا لا يستطيعون عبور الحدود إلى المجر، وهو المسار الذي يود أغلبية اللاجئين سلوكه.
وتضم صربيا مراكز للاجئين؛ ومع ذلك، حينما تتوافر أماكن بها، يتخوف العديد من المهاجرين واللاجئين من الانتقال إليها، خشية أن يتم اعتقالهم لأجل غير مسمى أو ترحيلهم بصورة غير قانونية. ويلجأ العديد منهم إلى المهربين لمساعدتهم، بحسب ما ذكرته منظمات خيرية.
وخلال الشهرين الماضيين، ذكرت منظمة "أنقذوا الأطفال" أن نحو 1600 حالة من المهاجرين واللاجئين إلى المجر وكرواتيا بصورة غير مشروعة قد أُجبروا على العودة إلى صربيا، رغم عبور حدودها بالفعل.
وقد أكدت وكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بيانها الأسبوعي، أنها تواصل استقبال مئات التقارير حول طرد الرعايا الأجانب من دول البلقان الأعضاء بالاتحاد الأوروبي وإعادتهم إلى صربيا.
وذكرت منظمة "أنقذوا الأطفال" أن وجود نحو 30 حالة يومياً في المتوسط من العائدين إلى صربيا قسراً يسلط الضوء على تجاهل حق الإنسان في الحصول على الحماية الدولية.
أحوال مروعة
وحذَّرت منظمة أطباء بلا حدود أن بلغراد "تتعرض لخطر التحول إلى منطقة إغراق على غرار مخيم كاليه الفرنسي، حيث يصبح اللاجئون مشردين وعالقين.
وتوصف الأحوال بالمدينة، حيث ينام ألفا شخص في العراء بأحد المخازن المهجورة خارج محطة قطار بلجراد، بكونها "مروعة ولا يمكن تصورها".
وذكرت جيما باركن، المتحدثة باسم منظمة "أنقذوا الأطفال" والعائدة من صربيا: "الأحوال أسوأ من أي شيء شاهدته خلال العمل في مجال أزمات اللاجئين على مدار السنوات القليلة الماضية. فهي أسوأ من نظيراتها بمخيم كاليه، وأعتقد أنها أسوأ أزمة إنسانية يمكن تصورها خارج أوروبا أو على الأقل على حدودها، ولكن الأمر مفزع بالفعل.
وأضافت: "بلغت درجات الحرارة -15 ليلاً و-12 نهاراً. وكان البرد قارساً نتيجة هبوب عاصفة ثلجية هائلة ضربت منطقة البلقان بأكملها. فإنك تغرق حتى كاحلك في الثلج، وترى أناساً يرتدون أحذية رياضية بها فتحات تظهر أصابع أقدامهم من خلالها".
وتابعت بقولها: "تجدون أطفالاً في سن الثامنة تقريباً ينامون في العراء بمفردهم داخل هذا المخزن المهجور بدون فراش أو نوافذ أو تدفئة. ويقوم هؤلاء بحرق القمامة لتدفئة المكان، وتملأ الأدخنة السامة المكان بأكمله".
وذكرت باركن قصة صبي من أفغانستان يبلغ من العمر 12 عاماً، حيث يحاول الوصول إلى أقاربه في ألمانيا، ولكنه أصبح عالقاً في مخزن بلغراد على مدار 3 شهور. فقد أخبرها الصبي: "واجهت العديد من المشكلات خلال الرحلة، وخاصة في الغابات. وقامت الشرطة البلغارية بضربنا وسرقة أموالنا وسؤالنا عن سبب مجيئنا إلى أوروبا. وواجهنا مشكلات مع المافيا أيضاً".
وقالت باركن "يواجه مثل هؤلاء الأطفال ظروفاً قاسية لا يمكن تصورها ويرغبون في المخاطرة بحياتهم بالتعامل مع المهربين، بدلاً من الخضوع لنظام الاتحاد الأوروبي الذي تم وضعه من أجل حل أزمة اللاجئين".
فرُّوا من العراق
وشاهدت باركن أسرةً عراقية وصلت من ميكسالست في الصباح الباكر، بعد عبور الجبال الكائنة على الحدود البلغارية وسط الثلوج خلال الليلة الماضية. وكانت ابنتهم البالغة من العمر 8 سنوات تشعر بالإرهاق الشديد، وكان يتعين على والديها حملها معظم الطريق، كما كانت الأم بحاجة إلى عناية طبية بمجرد وصولها.
وقد أخبروا باركن أنهم فرُّوا من العراق بعد تفجير منزلهم، ولم يستطع الأطفال الانتظام في الدراسة بسبب اعتداءات تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
وقالت باركن "يفرُّ معظم الأشخاص الذين تتحدث منظمة أنقذوا الأطفال معهم من النزاع أو المحاكمة، ومن ثم، يحق لهم المطالبة بحق اللجوء. ولكنهم لا يشعرون أن لديهم فرصة الاستماع إلى قضيتهم".
وترى المنظمة أن هناك نحو 100 لاجئ ومهاجر يصلون إلى صربيا يومياً، وتدعم الحكومة من أجل توفير أماكن آمنة وخدمات دعم تمنح الأطفال الأولوية. ويعد نحو 46% من اللاجئين والمهاجرين الوافدين من الأطفال و20% من بينهم غير مصحوبين بذويهم.
وذكرت وكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن 5 لاجئين على الأقل قد لقوا حتفهم جراء البرد منذ بداية هذا العام. وذكرت سيسيلي بويلي، المتحدثة باسم الوكالة، خلال مؤتمر صحفي في جنيف يوم الجمعة: "لا بد أن يكون إنقاذ الحياة أهم أولوياتنا، ونطالب السلطات في أنحاء أوروبا بأن تبذل المزيد من الجهد لمساعدة المهاجرين واللاجئين وحمايتهم".
وقد وفرت السلطات الصربية هذا الأسبوع مكاناً إضافياً مؤقتاً لحماية هؤلاء من الشوارع المغطاة بالثلوج. ومع ذلك، فقد حذَّرت منظمات المساعدات من أن تلك الأماكن لا تزال غير كافية للوفاء بحاجة من ينامون في العراء.
هذا الموضوع مترجم بتصرف عن صحيفة The Guardian البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.