{إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 4]
الوحي هو القرآن الكريم.
والقرآن الكريم معجزة، ونزل ليعجز العرب فيما هم متميزون فيه من البلاغة والفصاحة.
هو رسالة السماء إلى الأرض لإخبارهم بالحقيقة.
{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} [البقرة: ١٧٦].
حقيقة التوحيد والألوهية وحقيقة أن لا إله إلا الله، وأن محمد رسول الله، حقيقة خلق الكون بمن فيه، وحقيقة الهدف من خلقهم.
القرآن الكريم؛ رسالة الهدف منها تزكية الإنسان، وإخباره وتوجيهه لطريق الهدى الذي أراده الله له، للطريق المستقيم لمن شاء أن يستقيم.
وفي اللغة، كلمة وحي معناها: "إعلامٌ" بخفاء!
وكلمة "إعلام" مصدر لفعل "أعلم"، أي أعلمه وأخبره بالأمر، إخبار بالحقيقة.
ويقال "أجهزة الإعلام" هي أجهزة الدعاية والإرشاد والتوجيه.
يقال: لا بد من "إعلام" الناس بالحقيقة؛ أي إخبارهم.
واحتوى القرآن الكريم على سورة باسم "الشعراء" والشعراء في عصر النبي -صلى الله عليه وسلم- يمثلون "جهاز الإعلام"؛ حيث إنهم كانوا يتناقلون الأخبار وهم من يوجهون الناس.
وسورة كاملة بهذا الاسم دليل على أهمية ومدى تأثير "الإعلام" في الناس.
– ذكر في أول قصص السورة (الشعراء) قصة سيدنا موسى وجاء ذكر سحرة فرعون "الإعلام في عصر فرعون"..
– سحرة فرعون هم الأداة التي أراد فرعون استخدامها في التغلب على سيدنا موسى وما جاء به من معجزات؛ لكي يطمس على ما أعلم الله به سيدنا موسى من الحق وجاء به لهداية الناس.
– ذكر أيضاً في آخرها آيات: "وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ" [الشعراء: 224 – 226].
– والشعراء -كما قلنا- يمثلون الإعلام في ذلك العصر.
– هؤلاء الشعراء قام شعرهم على الباطل، كانوا يتفنون في الكذب، يمزقون الأعراض، يطعنون في الأنساب، يمتدحون أهل الباطل وينتقصون من أهل الحق، يتبعهم الغاوون الضالون الزائغون أمثالهم. (1)
فكانوا سبباً من أسباب ظلمات الجهل والوحل.
– الغريب أن سحرة فرعون آمنوا بسيدنا موسى بعد أن كانوا يطالبون فرعون بالأجر إن غلبوا، فأصبحوا بإيمانهم أداة لنصر الحق والدفاع عنه.
أيضاً في آيات سورة الشعراء ذكر الله عزَّ وجلَّ:
{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانتَصَرُوا مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} [الشعراء: 227].
فاستثنى الله -عز وجل- الشعراء الذين اهتدوا وآمنوا بالله وذكروا الشعر في توحيد الله والدفاع عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم واستخدموه لنصرة الحق. (2)
– قصص القرآن وآياته ليست للتسلية وليست قراءة لمجرد تحصيل الحسنات، وإنما للتدبر ولموعظة المؤمنين.
– لو أسقطنا ما في سورة الشعراء على إعلامنا المعاصر لوجدناه متطابقاً، فالسورة بينت وكأنها تتحدث عن "الإعلام المعاصر"، أي أن الشعراء أسرى الانفعالات والعواطف المتقلبة، تتحكم فيهم مشاعرهم، يرون الأمر الواحد في لحظة أبيض، وفي لحظة أسود، يرضون فيقولون قولاً ويسخطون فيقولون قولاً، ثم هم أصحاب أمزجة لا تثبت على حال، ويتخيلون أفعالاً ونتائج، ثم يخالونها حقيقة ويتأثرون بها. (3)
– سبحانه وتعالى يعلمنا وينبهنا لأهمية هذا الدور، دور "الإعلام" وكيف أن أهل الباطل يستخدمونه جيداً لصالحهم، ويستخدمونه جيداً لتوجيه الناس وتجميعهم حولهم لإبعادهم عن الحق.
– يعلمنا أيضاً أننا يمكننا استخدام أداة "الإعلام" في نشر الحق ونصره والدفاع عنه، وتحويلها من أداة للباطل لأداة نستخدمها في نصرة الحق والدعوة إلى الله ودينه بالحكمة والموعظة الحسنة، وذلك بإعلام الناس ما أعلم الله به رسوله وما بلغ به الرسول الأمة من هدى ونور، فإن كان إعلامنا يتبع حقاً رسالة الله وما أعلم به أنبياءه واتبع القيم التي سنها الله لنا؛ لكُنا في مقدمة الأمم، لكننا للأسف اتبعنا إعلام الغاوين فهمنا كما يهيمون.
ــــــــــــــــــــــــ
– (1) و(2): التفسير الميسَّر للقرآن الكريم.
– (3): كتاب في رحاب القرآن للشيخ مهاب عثمان.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.