قد يجد أي قارئ في أي "وطن فاشل" أوجه شبه كثيرة بين ما قاله (شاب) "طلق وطنه الفاشل طلقة واحدة، على أمل العودة من وطن ناجح إلى وطن ناجح"، وبين ما يعيشه هذا القارئ اليائس في وطنه البائس.
يقول الشاب الفاشل في وطنه الفاشل، الناجح في وطنه الناجح.. "عن وطنه الحلال":
وطني.. قارة، يطل على قارة، يتربع قارةً.
وطني.. دخل التاريخ بأعظم ثورة في قرن من القرون.
وطني.. استشهد لتحريره الملايين من أجل أن تعيش بقية الملايين.
وطني.. أخذ حريته من الداخل وأعطاها للخارج.
وطني.. حباه الله بثروات طبيعية تكفي لعشرات السنين ولملايين المواطنين.
وطني.. حباه الله بسحر طبيعي بحري جبلي رملي لا يوجد إلا فيه.
وطني.. حباه الله ببحر شفاف طويل غني، بهضاب مزركشة واسعة غنية، بصحراء ذهبية شاسعة غنية.
وطني.. حباه الله بأنسب موقع، بأجمل غروب، بأفضل تمور، بأحسن أرض.
وطني.. حباه الله بعلماء ثورة وأدمغة ثروة.
لكن الشاب الفاشل سابقاً، الناجح حاليا.. يقول "عن وطنه الحرام":
في وطني..
العاشق أصبح يسمع ولا يفهم، ينظر ولا يبصر، يشم ولا يلمس، يزحف ولا يحبو.
في وطني..
تنهب الأموال وتسرق الحرية وتقتل الأرواح وتقطع الأرزاق وتكمم الأفواه.
في وطني..
يتبرع "عاشق" وطن "بدم"، فيبيعه "لاعق" وطن لعدو الوطن.
العاشق يتقاعد "بقروش"، وتتقاعد "القروش" ببنوك.
العاشق يعالج ويعالج "بالدعاء" ويعالج ويعالج "المتزوج" بالدواء.
العاشق يتعلم "بعرق" الوالدين، ويتعلم المتزوج "بعرق" "الأولياء".
العاشق يشرب ويأكل من "عرق الجبين"، أما المتزوج فيشرب العرق والعرق ويأكل الجبين والجبن.
العاشق يبحث عن الحرية والكرامة "بقارب"، والمتزوج "حر كريم بطائرة."
العاشق يغرق إما في الأحلام أو في الماء من أجل المال، والمتزوج يغرق إما في المال.. أو في المال من أجل.. المال.
العاشق "يطمح"، والمتزوج "يطمع".
العاشق "ينتخب "، والمتزوج "ينتخب".
العاشق "لا يخجل بعشقه"، والمتزوج "لا يخجل بزواجه".
العاشق يحمل الوطن "في قلبه" أينما حل، والمتزوج يحمل الوطن "في جيبه" أينما انحل.
العاشق يموت من أجل الوطن، والمتزوج يعيش من أجل ما في الوطن.
العاشق "ينتحر" إذا ضاقت به السبل، والمتزوج "ينحر" كلما "سنحت له السبل".
العاشق "يدفن" في مقبرة "الفقراء الأغنياء"، والمتزوج "يدفن" في مقبرة "الأغنياء الفقراء".
في وطني..
تجد الراية الوطنية في "كوخ" عاشق، وتجد الراية الوطنية في "تجمع" لاعق.
العاشق يحمل "راية" الوطن، والمتزوج يحمل "الراية للوطن".
في وطني..
المتزوج عقد "قرانه الحرام" على الوطن من دون مهر، و"بولي صالح وطالح"، وبشهود زور.
في وطني..
(لم تعد هناك حياة للمنادي الذي "كان" ينادي على من لا حياة له).
هكذا اختار "الشاب" هذه "التمتمات الخافتة" وهو يتذكر الوطن الذي "عشقه بالحلال"، خوفاً من أن يسمعه من "تزوجوه بالحرام"، وبكل عشق ومن دون خوف ختم بـ"تمتمات عالية": "يحيا الوطن".
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.