نتذكر جميعاً مشهد عادل إمام في مسرحية مدرسة المشاغبين حين سُئل "ما هو المنطق؟"، وكم من مرة استخدمنا هذا التساؤل في مجالات عدة، الكثير منها بداعي السخرية ومنها مثلاً أن تُؤسس تجمعاً صريحاً يُناقش قضية مفصلية في المُجتمع وعلاقة أساسية في صدر المُجتمع، فالمنطق هو أول ركيزة لهذا التجمع.
وبخصوص هذا الشأن لا أُنكر الظلم الذي تعيشه شريحة من نساء الوطن العربي في ظل عادات بالية من مجتمعات خطواته بطيئة جداً نحو التحضر، ولكن أن يكون لكِ حق كامرأة لا يعني أن كل ما تتمنينه سيتحقق، وإن لمحتِ صعوبات في تحقيقه فهذا – بنظركِ – يستدعي جمعية وأصواتاً تُنادي بحقك الذي في الغالب ليس حقك!
بعض جمعيات حقوق المرأة يجب تعديلها بمسمى يُشبه "جمعيات تمرد المرأة"، هو تمرد ولا شيء سوى التمرد. أن يكون هناك تجمعات تبيح وتُحلل للمرأة ضرب زوجها في ظل ظروف مُعينة هو تمرد!
مرة أُخرى: ما هو المنطق؟
لا أغض الطرف عن تلك المحرومات من أقل حق لهن في الحياة، كبعض المجتمعات التي بعُرفها تؤجل علاج المرأة مهما كانت حالتها الصحية سيئة أو خطرة وتنتظر إذناً من محرمها للعلاج، وبعض مظاهر الاستعباد الأُخرى كحق التعليم والعمل، وما إلى ذلك من حقوق منطقية تدخل العقل بسلاسة.
ولكن ما نراه الآن هو تجميل التمرد، وكأن الهدف من خليقة الذكر والأنثى هو التحدي والحرب المُشتعلة بين طرفي مُعادلة لا تستمر الخليقة إلا بتوافقهما، هل تتساوى المرأة مع الرجل؟ وهل هذا ما تسعى إليه بعض جمعيات التمرد؟
أن تتساوى المرأة مع الرجل هي المهمة المُستحيلة، هي الفكرة اللامنطقية بكل أوجه اللامنطق، قد نقترب يوماً من المساواة ولكن يبقى لكل طرف مكانه الذي خُلق ليتممه، وأساس الخلق يتمركز بأن المرأة بها من الضعف الرقيق والأنوثة التي لا تسمح لها بالمساواة مع الرجل بذات المقدار ولا بالوقوف بنفس مكان قدميه، ليس لأنها أدنى منه فكراً أو عقلاً، ولكن لأنها خُلقت لتكون بمكانٍ آخر. ذكر وأنثى لا مجال للتساوي فإن تساوينا فهذا يعني أن جميعنا ذكور أو جميعنا إناث، حتى شرعاً تُسمى من تتحدى زوجها على مدار الساعة "مسترجلة"، أي أنثى تقبل بأن تكون مسترجلة؟
فإن قبلت بأن تكون مسترجلة ورضيت بهذا الدور فأعتقد أن هذا شأن بحاجة لجرعة علاج مُستعجلة!
لتفصيل أقرب للعقل، أعتقد أن المرأة وصلت لدرجة من الحرية وسلب الحقوق من حلق الرجل أكثر من الرجل نفسه، نادت بحقوقها حتى انعدم الصوت وما زالت تخترع حقوقاً غبية غير منطقية بالمرة، أنشأت جواً تنافسياً بامتياز وصراعاً لا ينتهي ومهمة تلك الجمعيات التمردية هو التركيز على العيوب ونسيان كل المزايا مهما بلغ عددها كتطبيق لقاعدة الجزء الفارغ من الكأس!
أن تتضامن مع المرأة أو الرجل هو أمر بديهي منطقي واضح جداً؛ نظراً لكل الأسباب ولا تحتاج العلاقة الزوجية تحديداً لجمعيات وما إلى ذلك من صور متمردة تدعو لتصغير سلطة الزوج وتقليص دوره القيادي المُتفق عليه بالدين والعرف والقانون، حتى إن بعض أشكال التمرد على الزوج قد يدخل في خانة الحرام.
أن يكون هناك جمعيات ومؤسسات تُنادي بحقوق المرأة في انخراطها بالمجتمع كحقها في التصويت مثلاً أو العمل أو التعلم، وحمايتها من كل أشكال التعدي والعدوان على الجسد أو النفس، هو أمر مطلوب بكل رحابة عقل ولين فكر، ولكن أن تكون هناك جمعيات تُناقش علاقة خاصة بين الزوجة وزوجها هو كل الرجعية والتخلف، ولا أرى بها شبراً من الحرية أو الحق.
إفشاء السر بحد ذاته حرام شرعاً، ويشتد الإثم بإفشائه لا سيما ما يكون بين الزوج وزوجته في حياتهما الزوجية، لا أرى أي وجه للحق – وأنا امرأة – لكل تلك الجمعيات التي تُنادي بكل تلك الترهات.
عزيزتي المرأة الرقيقة صاحبة الحقوق الزوجية التمردية.. فكّري قليلاً بالإجابة عن هذا السؤال "ما هو المنطق؟".
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.