الطلاب الجزائريون “يتمرَّدون” في رأس السنة الأمازيغية.. ما سبب مغازلة الحكومة لهم في عيدهم؟

على الرغم من عدم ترسيم الحكومة لرأس السنة الأمازيغية كعطلة مدفوعة الأجر، الذي يوافق الخميس 12 يناير/ كانون الثاني 2017،

عربي بوست
تم النشر: 2017/01/12 الساعة 01:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/01/12 الساعة 01:47 بتوقيت غرينتش

على الرغم من عدم ترسيم الحكومة لرأس السنة الأمازيغية كعطلة مدفوعة الأجر، الذي يوافق الخميس 12 يناير/ كانون الثاني 2017، إلا أن تلاميذ المدارس بمنطقة القبائل بالجزائر قلما يلتحقون بمقاعدهم في هذه المناسبة.

مدير مدرسة "متوسطة الشهيد لعارابي سعيد باوقاس" عبد الحكيم دريد بولاية بجاية (إحدى ولايات الجزائر)، يؤكد في تصريح لـ"عربي بوست"، أن الغياب في يوم 12 يناير/ كانون الثاني يصل أرقاماً قياسية، بل في كثير من الأحيان ترغم إدارة المدرسة على إغلاق الأبواب جراء الإقبال الضعيف.

ويضيف دريد "لم تصلنا أي تعليمات تشير إلى أن هذا اليوم عطلة، لكن التلاميذ هنا ببجاية يعتبرونها عطلة، ويقاطعون الدراسة".

سليم جينيدي، طالب بالمرحلة الثانوية بخراطة، الواقعة على بعد 280 كلم شرقي العاصمة الجزائر، يقر بأنه وزملاءه سيقاطعون الدراسة يوم الخميس 12 يناير/ كانون الثاني 2017.

ويقول لعربي بوست: "تعودنا على ذلك منذ كنا في المرحلة الابتدائية، ولن نذهب للدراسة غداً، فهذا عيدنا وعلى الحكومة التفكير في جعل رأس السنة الأمازيغية يوماً وعيداً وطنياً".

وتتركز الاحتفالات أساساً في منطقة القبائل الممتدة من ولاية بومرداس بالوسط حتى ولايتي جيجل وسطيف شرقاً، مروراً بولايات البويرة، تيزي وزو بجاية، إضافة إلى منطقة الشاوية أقصى الشرق والممتدة من باتنة، إلى حدود ولاية تبسة.

أما بالجنوب الجزائري، فتشتهر ولاية غرداية، وكذلك مناطق الطوارق بولايات أدرار، ايليزي وتمنراست، بالاحتفال بهذا العيد، في حين تبقى هذه المناسبة أقل حضوراً في الولايات الغربية للجزائر.

الوزير الأول راضٍ


على عكس الأعوام الماضية، التي تغيب فيها التصريحات الحكومية الرسمية بشأن عيد رأس السنة الأمازيغية، يبدو أن الأمر مختلف هذه السنة.

فقد أدلى الوزير الأول (رئيس الوزراء) عبد المالك سلال في 6 يناير/كانون الثاني 2017 بتصريح يحمل دلالات بأن الحكومة راضية كل الرضا عن الاحتفالات المقامة بهذه المناسبة التي يفتخر بها الأمازيغ كثيراً.

وربط عبد المالك سلال الدعوات الأخيرة للإضراب احتجاجاً على زيادة الأعباء المالية والضرائب في الميزانية الجديدة، بالاحتفال بعيد "يناير" (رأس السنة الأمازيغية)، قائلاً "الربيع العربي لا يعرفنا ولا نعرفه، وسنحتفل بـ"يناير" جميعاً، فالجزائر بخير، وسنقف حاجزاً أمام كل التهديدات".

تعليمات صارمة


ووجه الوزير الأول عبد المالك سلال في 8 يناير/ كانون الثاني 2017، تعليمات صارمة لوزارة الثقافة، من أجل تعميم الاحتفالات برأس السنة الأمازيغية، وبصورة مكثفة.

وفِي هذا الإطار، أكد مدير الثقافة بولاية سطيف 300 كلم شرقي العاصمة، لعريبي زيتوني، أن ولايات الجزائر ستحتفل بعيد يناير، بعدما استقبلت مديريات الثقافة بها مراسلات من الوزارة تفرض عليها ذلك.

وقال زيتوني لـ"عربي بوست": "حضرنا برنامجاً ثرياً بهذه المناسبة يمتد على مدار 5 أيام كاملة، يتضمن معارض وندوات تاريخية، ومسابقات في الأكلات والملابس التقليدية، إضافة لعرض أفلام وثائقية تحاكي الأمازيغ، في عاداتهم وتقاليدهم".

وأضاف: "ولايات عدة عبر الوطن لم تعتد الاحتفال بيناير، لكن بتعليمات الحكومة هذه السنة تم تعميم الاحتفالات، للعودة إلى أصل الجزائر الأمازيغي".

يريدون إسكاتنا


تصريحات الوزير الأول عبد المالك سلال، اعتبرها بعض الناشطين بمنطقة القبائل على وجه التحديد مغازلة سياسية لإسكات المحتجين الذين خرجوا إلى الشوارع في 2 يناير/ كانون الثاني 2017 احتجاجاً على الوضع الاقتصادي، خاصة بعد إقرار الميزانية الجديدة.

فنور الدين آيت حمودة، نجل الشهيد المناضل العقيد عميروش، ومدير المؤسسة التي تحمل اسمه، يرى أن الحكومة بعد توسع الاحتجاجات رفضاً لقانون المالية الجديد، أطلقت هذه المغازلة كما سمَّاها لإسكات أصوات المحتجين، حسب قوله.

آيت حمودة الذي يعد أحد أكبر الناشطين في منطقة القبائل، قال لـ"عربي بوست" إن الحكومة الجزائرية تعرف جيداً أن الأمازيغ يعشقون أصولهم، ولغتهم، ورموزهم، وبالتالي فأي كلام أو تصريح يتعلق بهذه الأشياء قد يغير من حركة الشارع 90 درجة مئوية، حسب تعبيره.

ويضيف العضو السابق في حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية المعارض: "نحن على يقين بأن سلال، وبتصريحه حول الاحتفالات بشهر يناير كان هدفه الأول هو إطفاء الاحتجاجات".

"عديمة الروح"


نافع بوعيش رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الأكثر انتشاراً بمنطقة الأمازيغ، جبهة القوى الاشتراكية "الأفافاس"، اعتبر تصريحات سلال عديمة الروح، لافتقارها إلى ما يريده الأمازيغ في الجزائر، حسب قوله.

ويقول نافع لـ"عربي بوست": "نحن والأمازيغ عامة، لا نريد الكلمات الجوفاء من الوزير الأول"، حسب تعبيره "بقدر ما نطالب بالملموس والوثائق، فكلنا ننتظر منذ زمن طويل ترسيم هذا العيد كيوم وطني وعيد لكل الجزائريين".

النائب البارز في "الأفافاس" وجه رسالة للوزير الأول على حد قوله، وقال له بالحرف الواحد: "يجب أن يصدق الفعل القول، من أجل الاحتفال بهذا التاريخ يجب أولا الاعتراف به كعيد رسمي".

وهو ما ذهب إليه رئيس مؤسسة "العقيد عميروش"، نور الدين آيت حمودة، الذي طالب الدولة بتعزيز وضع اللغة الأمازيغية، وجعل رأس السنة الأمازيغية عيداً وطنياً معترفاً به.

ويعتبر باحثون أن التقويم الأمازيغي من بين أقدم التقويمات التي استعملها البشر على مر العصور، حيث استعمله الأمازيغ منذ 2956 عاماً، ويختلف عن التقويمين الميلادي والهجري بعدم ارتباطه بأي حدث ديني أو تعبدي، بل يربط بعض المؤرخين بينه وبين الدورة الموسمية للزراعة.

تحميل المزيد