لم تعتبر مجموعة من الألمان من أصول سورية أن وقوع الهجوم الإرهابي الذي قام به التونسي أنيس العامري على سوق لعيد الميلاد في العاصمة برلين في اليوم الذي اختارته لفتح مطعم متجول (كشك) لبيع الفلافل بمدينة دوسلدورف، عاصمة ولاية شمال الراين فستفاليا فأل شؤم.
بل قرروا أن يبعثوا برسالة سلام للمارة، عبر لوحتين جداريتين.
وكان الهجوم الذي وقع في التاسع عشر من شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي قد أحدث هزة في البلاد، إذ يعتبر أول هجوم يشنه مناصرون لتنظيم "داعش" الإرهابي على البلاد، ويوقع عدداً كبيراً من الضحايا، هم 12 قتيلاً وقرابة 50 جريحاً.
وألصق السوري سمير الزين (29 عاماً) وشركاؤه وهم أخوته لوحتين قياس كل منها 3 أمتار على جدار خلف كشكهم، رُسم عليها رموز الديانات السماوية الصليب والهلال والنجمة وصورة بانورامية لمعالم برلين كُتب تحتها "لا ينبغي أن يتم القتل باسم الدين".
ويعرض المطعم أرخص سندويشة فلافل في مدينة دوسلورف حالياً بقيمة 2.50 يورو، بحسب الصحيفة. ويقول سمير إن المواد التي يستعملونها في صنع الفلافل كلها طازجة ويتم تحضيرها بشكل يومي، وأن منتجهم "نباتي" بأكمله.
وبين في حديث مع صحيفة "دير فيستن" المحلية إنهم أرادوا بتلك الرسالة أن يبعثوا بإشارة مفادها أنهم جميعهم متحدون، وأنه ليس هناك من فرق بين الأديان، ولا ينبغي أن يموت أحد بسبب ذلك.
وقال شقيقه حازم لتلفزيون "إر تي إل" إن ديانة المرء لا تهمهم، لأنهم مندمجون معاً، فهم متماسكون في المجتمع، يعيشون في بلد واحد ويأكلون سوية، وأن لا مشكلة لديه كمسلم إن أتاه زبون مسيحي.
وقال سمير إن ردات الفعل كانت متفاوتة، فجاء البعض من تلقاء نفسه في اليوم التالي ووضع شموعاً قرب اللوحتين، وتحدثوا بشكل إيجابي عن الأمر، كما كانت هناك ردات فعل سلبية من قبل آخرين، متسائلين عن ضرورة وضع مثل هذه اللوحة.
مساهمة في الاندماج
ويقول سمير، وهو من أصول مهاجرة، إذ قرر والداه الهجرة إلى ألمانيا عندما كان عمره 3 أشهر فقط، إنه يشعر كشأن أخوته بأنه ألماني موضحاً: "لقد كبرت هنا – الكثير من أصدقائي ألمان. لا يلعب الدين بالنسبة لي دوراً لدى اختيار أصدقائي".
ويشير إلى أنه يعلم من خلال تجربة والديه كم من الصعب الاندماج في بلاد ذات ثقافة غريبة، لذا شعر بأنه مدعو للمساهمة في اندماج الآلاف من السوريين الفارين من الحرب في سوريا إلى ألمانيا.
ويبين أن عائلته كانت على تواصل مع الكثير من الناس في سوريا، كان فادي ضمير (38 عاماً من حلب) واحداً منهم، وعندما نجح الأخير في الوصول إلى ألمانيا، زار عائلته مطلع العام الماضي وعرض عليهم فكرته بأن يفتحوا مطعماً ليعمل في نفس المجال الذي كان يعمل فيه في بلاده، ثم مع مرور الوقت نضجت الفكرة ليفتتحوا كشكاً.
وأخذ سمير وأخوانه الذين يعملون في مدينة سولنغن في تجارة السيارات، على عاتقهم المسائل التنظيمية والدعم المالي للمشروع.
وساهم هذا المشروع الفتي في توفير 6 فرص عمل للاجئين السوريين، هم فادي ضمير و5 شبان آخرين.
وأسمى اللاجئون وشركاؤهم المطعم بـ"فلافل على كيفك"، تيمناً بالمطعم الذائع الصيت في مدينة حلب السورية، الذي كان "ضمير" يعمل فيه عندما كان موجوداً في سوريا، قبل أن يتدمر جراء الحرب الدائرة هناك.
ووصف تلفزيون "إر تي إل" الألماني، السوري "فادي ضمير"، الذي ما تزال عائلته تعيش في سوريا، بطالب اللجوء الذي لا يريد الجلوس ببساطة في المأوى فقط بل عمل شيء ما، ونقلت عنه قوله: "أريد فقط أن أقول ببساطة شكراً.. يساعدنا الجميع في ألمانيا. يساعدونني.. يساعدون أصدقائي.. تتم مساعدة الأجانب".