في مطلع القرن الثالث الميلادي، اندلعت حربٌ أهلية في بريطانيا، إذ كان الإمبراطور الروماني سيبتيموس سيفيروس يسعى لتهدئة الاضطرابات في الشمال.
لكن ما لم تكن تعرفه الأفواج المقاتلة والقبائل الكاليدونية أن انفجاراً ضخماً وعنيفاً حدث فوق رؤوسهم إثر اصطدام نجمين ببعضهما.
والآن، بعد 1800 عام، سيصل ضوء ذلك الاصطدام للأرض، ليخلق نجماً جديداً في سماءِ الليل، يُطلق عليه اسم نجم Boom، في حدثٍ نادرٍ للغاية لا يُرى عادةً إلا من خلال التلسكوبات، بحسب صحيفة التلغراف البريطانية السبت 7 يناير/كانون الثاني 2017.
كان النجمان قاتمين للغاية، قبل التقائهما في النقطةِ المُحدَّدَة للاصطدام، بحيث لا يمكن رؤيتهما بالعينِ المُجرَّدَة. لكن في 2022، فإن نجم النوفا الأحمر المستعر الكبير، والمتشكِّل حديثاً نتيجة الاصطدام، سيحترق في كوكبة الدجاجة، وسيصير بإمكان الجميع رؤيته.
يقول عميد البحوث والمنح الدراسية، الدكتور مات والهاوت، بجامعة كالفن، بولاية ميتشيغان الأميركية، حيث ظهر هذا التنبوء العلمي: "للمرةِ الأولى في التاريخ سيتمكن الآباء من الإشارةِ إلى بقعةٍ مظلمةٍ في السماء ويقولون لأطفالهم "انظروا، يوجد نجمٌ مختبئٌ هناك، وسيضيء عما قريب".
لحوالي ستة أشهر، سيكون نجم Boom واحداً من ألمع النجوم في السماء، قبل أن يعتم تدريجياً ليعود لسطوعه الطبيعي بعد حوالي عامين أو ثلاثة.
وتُعد هذه هي المرة الأولى التي يتنبأ فيها العلماءُ بميلادِ نجمٍ جديد، ويقول فلكيون في بريطانيا إن الحدث سيكون مدهشاً ومهماً وسيحفِّز سباقاً بينهم حول من يرصد الظاهرة قبل الآخرين.
أما الدكتور روبرت ماسي، من الجمعية الفلكية الملكية، فيقول: "ما نتحدث عنه يمكنك أن تسميه حرفياً ميلادَ نجمٍ جديدٍ سيكون مرئياً وواضحاً للجميع". ويضيف: "الخبر الجيد بالنسبة للناسِ في المملكة المتحدة هو أن كوكبة الدجاج تُحلِّق دائماً في الأفق فوقهم، وهي عالية للغاية في السماء أثناء فصل الصيف، لذا سيكون بمقدورِ الجميع رؤيتها. لم يتمكن أحدٌ قبلُ من التنبوء بميلادِ نجمٍ جديد، لذا فهذا حقاً أمرٌ غير مسبوق، وأعتقد أنه سيكون هناك سباقٌ بين هواة الفلك والجمهور لرؤية هذه البقعة أولاً".
كان قد أُعلِنَ عن هذا التوقع رسمياً في مؤتمرٍ صحفيٍ، الجمعة 6 يناير/كانون الثاني 2017، وما يزيد من تأثير هذا التوقع أنه تزامن مع ما يعتبره المسيحيون "عيد الغطاس"، والذي يعتقدون أنه إحياء لـ"ذكرى زيارة الحكماء الثلاثة الذين اتبعوا النجم إلى بيت لحم ليشهدوا ولادة المسيح (عليه السلام)".
ويبعد هذا النجم الثنائي، المسمى KIC9832227، عنَّا بحوالي 1800 سنة ضوئية، ويتكوَّن من شمسين تدوران حول بعضهما دورةً كاملةً كل 11 ساعة.
وفي العام 2013، لاحظ البروفيسور لاري مولنار وفريقه بجامعة كالفن أن السرعة المدارية للنجم الثنائي آخذة في الانخفاض أكثر فأكثر.
وتتوافق هذه البيانات مع نجمٍ ثنائيٍ آخر انفجر في العام 2008 دون سابق إنذار، كان قد رصده علماء الفلك. وحينما عاد الخبراءُ إلى بيانات السنواتِ السابقة، اكتشفوا أن هذا الانفجار كان من الممكن توقعه بسبب زيادة السرعة المدارية.
قال البروفيسور الفلكي مولنار: "أظهرت مراقبة النجم الثنائي KIC9832227 أن فترته المدارية آخذة في التسارع منذ 1999 بنفس الطريقة المميزة. وقد توصلنا إلى هذا التاريخ المتوقع بافتراض أن نفس العملية تجري في هذه الحالة أيضاً".
وأضاف: "يبعد النجم عنا بحوالي 1800 سنة ضوئية. وبالتالي، إذا كنَّا على حقٍ في مسألة انفجاره المستقبلي، فقد حدث هذا بالفعل قبل 1795 عام، ومنذ ذلك الحين يسير الضوء الناتج عن الانفجار نحونا. انفجارات بهذا الحجم لا تحدث في مجرَّتنا إلا مرةً واحدةً كل عقدٍ من الزمان. وهذه الحالة غير عاديةٍ في مدى قربِ النجمِ، وبالتالي هي غير عاديةٍ أيضاً في لمعانِ النجمِ. هذه الحالة فريدة بالفعل، إذ أنها المرة الأولى التي نتوقع فيها الانفجار مُسبَّقاً".
قال البروفيسور أيضاً: "إنها فرصة واحدة في المليون يمكن فيها التنبوء بانفجارِ نجم. لم يحدث هذا من قبل قط".
لن يكون هذا الحدث مذهلاً فقط لمراقبي النجوم، بل إنه سيمنح العلماء أيضاً فرصةً لمراقبة العملية أثناء وقوعها. ولم يتوصل علماء الفلك بعد إلى فهمٍ تفصيليٍ لسبب اندماج النجوم أو حتى كيف تنفجر.
قال الدكتور والهاوت: "إذا كان توقع مولنار صحيحاً، فسيثبت مشروعه للمرةِ الأولى أن بإمكان علماء الفلك رصد بعض النجوم الثنائية أثناء موتها، وتتبع دوامات الموت النجمية في السنواتِ القليلة الماضية، وصولاً إلى نقطة الانفجار النهائية".
قُدِّمَ هذا العمل في الاجتماع السنوي لجمعية الفلك الأميركية في مدينة غرابفين بولاية تكساس.
– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Telegraph البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.