عودة لموضوع الأسبوع المنصرم عن علاقتنا بالمهاجرين من إفريقيا جنوب الصحراء، ونظرا للتعليقات الكثيرة التي وصلتني حوله، والتي يحاول البعض عبرها "تبرير" الإقصاء وإيجاد تفسيرات له… ما رأيكم في رحلة نقوم بها معا… نحو المستقبل؟
لنتخيل أننا اليوم نعيش في سنة 2030… هناك خبر يتصدر الصحافة الوطنية والأجنبية: 15 ألف كونغولي يحصلون على الجنسية المغربية. سنة 2034، نقرأ خبر تعيين مامادو باصيرو، المغربي ذو الأصول الكينية، وزيرا للتربية الوطنية. وفي السنة الموالية، يتم انتخاب فاطيماتو ديوب، المغربية ذات الأصول السينغالية، عمدة لطنجة.
تبدو هذه الأخبار سوريالية؟ بل أنها قد تخيف بعضنا؟
لكن العجيب أن مقابلها لا يزعجنا بتاتا. على سبيل المثال لا الحصر، فيوم التاسع عشر من الشهر الجاري، أعلنت وكالة الأخبار الرسمية، متبوعة بالعديد من المواقع، حصول 24 ألف مغربي على الجنسية الاسبانية خلال سنة 2015.
خلال سنة فقط… 24 ألف مغربي يحصلون على الجنسية الإسبانية، منهم حوالي 15 ألفا ولدوا في المغرب. هؤلاء جميعهم حصلوا على الجنسية الإسبانية ليصبحوا مواطنين كاملي الحقوق في إسبانيا. لنتخيل الآن أعداد كل المجنسين من أصول مغربية في كل دول أوروبا على مدى السنوات الماضية… عشرات الآلاف… أليس كذلك؟
لكن ما يحدث أننا، حين نقرأ خبرا كهذا، يتراوح شعورنا بين اللامبالاة، وبين "سعداتهم". بالمقابل، فنحن في الغالب سنشعر بالاستفزاز لمجرد التفكير في المعاملة بالمثل مع جنسيات أخرى تقيم وتشتغل وتنتج القيمة في بلداننا… وقد تحب وتتزوج من مغاربة ومغربيات وتنجب منهم أطفالا يكونون مغاربة، على غرار أمهاتهم أو آبائهم. فلماذا تكون جنسياتهم حلال علينا وجنسيتنا حرام عليهم؟
السيناريو السابق هو في الواقع قدرنا القادم خلال السنوات المقبلة، إذا قررنا أن نكون دولة تحترم إنسانية هؤلاء المهاجرين. علينا بالتالي أن نقبل به وأن نستعد للتعامل معه والتعايش في إطاره.
منذ بضعة أشهر، هلل الكثيرون في المغرب وخارجه لانتخاب عمدة مسلم في مدينة لندن. ساعتها، كنت ضمن من كتبوا بأن صادق خان فاز بالانتخابات المحلية في إحدى أهم العواصم الأوروبية، ليس لأنه مسلم، بل لأن النظام الديمقراطي والعلماني في بريطانيا يعطيه كامل حقوقه كمواطن ـرغم أصوله الأجنبيةـ ويمكنه من الترشح والفوز ديمقراطيا؛ الأمر الذي لا توفره معظم بلداننا. من جهة أخرى، فانتخابه يطرح سؤالا يجب أن يكون ملحا علينا في كل آن: حين نصفق لانتخاب عمدة مسلم في لندن، وآخر في روتردام، ووزيرة مغربية في الحكومة الفرنسية… أليس من واجبنا أن نتساءل إن كانت مصر ستقبل عمدة سيخيا في الإسكندرية؟ وهل يمكننا في المغرب أن نتخيل وصول مواطن مغربي من أب سينغالي وأم مغربية إلى الحكومة المغربية؟
على هذه الأسئلة أن تستفزنا ونحن نهلل لوصول مواطنين من أصول مغربية وأو مسلمين لمراكز القرار في أوروبا (وأن نتذكر أن مدارس أوروبا وديمقراطية أوروبا وعلمانية أوروبا هي التي أوصلتهم لتلك المناصب). وعليها أن تستفزنا أيضا ونحن نخضع لغريزة الإقصاء فينا… أن نتذكر أن التعايش في إطار الاختلاف ليس حقا فقط… بل هو واجب أيضا.
هذه التدوينة منشورة على موقع أحداث أنفو.. للإطلاع على النسخة الأصلية إضغط هنا
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.