أصبحت نيلوفار رحماني، أول قائدة طائرة في سلاح القوات الجوية الأفغانية، رمزاً قوياً لما تستطيع المرأة الأفغانية أن تحققه في عصر ما بعد تنظيم طالبان. ومع ذلك، ففي الدولة بالغة التحفظ، أدى تسليط الأضواء عليها إلى تعرضها لتهديدات واختبائها من انتقام المتمردين والأقارب.
والآن، وبعد أكثر من ثلاث سنوات من حصولها على مؤهلها في مجال الطيران، تأمل طيارة القوات الجوية الأفغانية البالغة من العمر 25 عاماً أن تبدأ حياة جديدة بالولايات المتحدة، حيث طالبت بالحصول على اللجوء السياسي، وقالت إن حياتها معرضة للخطر إذا ما عادت إلى وطنها.
ذهبت كابتن رحماني إلى الولايات المتحدة في صيف 2015 للتدريب على قيادة طائرات النقل C-130 مع القوات الجوية الأميركية. وانتهت الدورة التدريبية يوم الخميس. وبموجب شروط عقد التدريب، كان من المقرر أن تعود إلى أفغانستان يوم السبت، لكنها لن تعود، بحسب ما ذكر تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية.
"أتمنى أن أقود الطائرة لبلادي"
وقالت رحماني من قاعدة القوات الجوية في ليتل روك بأركانساس، حيث استكملت تدريبها على الطيران: "أتمنى أن أقود الطائرة لبلادي، لكني أشعر بالخوف على حياتي".
وتعد كابتن رحماني أعلى رتبة بالقوات المسلحة الأفغانية تطلب حق اللجوء السياسي بالولايات المتحدة أو كندا. فقد تم اعتقال ثلاثة جنود أفغان بعد فرارهم من التدريب في ماساشوستس عام 2014 وتوجههم إلى كندا.
وذكرت أن قائد القوات الجوية الأفغانية الجنرال عبدالوهاب وارداك قد حذر الطيارين الذين يتلقون التدريب بالولايات المتحدة مؤخراً من طلب اللجوء، قائلاً إنه سيتم ترحيلهم إلى أفغانستان والقبض عليهم إذا ما حاولوا ذلك.
وفي سؤال يوم الجمعة عن تعليقه على قرار كابتن رحماني بطلب اللجوء السياسي، ذكر الملازم جلال الدين إبراهيم خل، المتحدث الرسمي باسم القوات الجوية الأفغانية، أنه يتعين على الطيارين العودة إلى الوطن في أعقاب استكمال التدريب بالخارج.
وتقول رحماني إنه في حال حصولها على حق اللجوء بالولايات المتحدة، سوف تواصل العمل في مجال الطيران، سواءً مع القوات الجوية الأميركية أو الطيران التجاري. مؤكدة "يرجع السبب وراء كل ما مررت به وعانيته إلى رغبتي في الطيران. لقد كان ذلك هو حلمي".
ويأتي طلب اللجوء قبل أسابيع من تنصيب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة؛ ومن المتوقع أن يشدد القيود المفروضة على الهجرة، خاصة هجرة المسلمين.
وخلال حملته الانتخابية، دعا ترامب إلى فرض حظر كامل على دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة. ويوم الأربعاء، بدا أنه يشير إلى أن اعتداء الشاحنة على سوق الكريسماس في برلين يبرر اقتراحه المثير للجدل.
ونقل الصحفيون، الذين تساءلوا ما إذا كانت اعتداءات برلين تجعله يعيد تقييم مقترحاته بمنع هجرة المسلمين إلى الولايات المتحدة أو إعداد سجل وطني للمسلمين، عن ترامب قوله: "تعرفون خططي. وطالما أثبتت أنني صائب مائة بالمائة".
ولم يتضح ما إذا كان ترامب يؤكد ثانيةً على دعوته بفرض حظر كامل على هجرة المسلمين أو توضيحه اللاحق بشأن قصر الحظر على المسلمين الوافدين من بلدان ذات تاريخ من التطرف الإسلامي.
موقف ترامب معها
وفي العام الماضي، تم سؤال ترامب خلال لقاء مع قناة CNN عما إذا كان الحظر المقترح يسري على أفراد مثل كابتن رحماني التي تحارب المتطرفين.
وقال حول إنجازاتها: "حسن، حسن"، رافضاً أن يذكر ما إذا كان الحظر يسري عليها من عدمه.
ولم تدل السفارة الأميركية في كابول بأي تعليق فوري يوم الجمعة.
بلغت كابتن رحماني سن الرشد في كابول بعد أن أطاح الغزو الأميركي لأفغانستان بتنظيم طالبان عام 2001، مبشراً بعصر يوفر فرصاً وحريات غير مسبوقة للنساء في البلاد، حيث يعمل عدد قليل منهن خارج المنزل.
أنفقت الولايات المتحدة وحلفاؤها ملايين الدولارات بهدف تضييق الفجوة بين الجنسين من خلال دعم تعليم المرأة وتوظيفها في مجالات تتضمن القوات المسلحة التي تعد أغلبيتها من الرجال. ويعتبر قرار كابتن رحماني باللجوء السياسي رمزاً لمحدودية تلك الجهود، التي اجتذبت المتطرفين، ومن بينهم متمردي طالبان.
ورغم كل تلك الجهود، أصبحت كابتن رحماني أول امرأة تتخرج في برنامج تدريب الطيارين الذي يتولى إدارته الائتلاف العسكري بقيادة الولايات المتحدة في أفغانستان عام 2013 وأصبحت شخصية عامة ذائعة الصيت في أفغانستان.
ومع ذلك، سرعان ما تلقت مكالمات هاتفية متوعدة وخطابات تهددها بالقتل من جانب نفس فرع تنظيم طالبان الباكستاني الذي أطلق النار وأصاب فتاة المدرسة والحاصلة على جائزة نوبل ملالا يوسفزاي.
وعلى الرغم من ذلك، يأتي الخطر الأكبر من الأقارب، الذين يعتقدون أن اختيارها لمجال العمل قد جلب العار للعائلة. وكانوا يريدون معاقبتها وحاولوا مراراً تعقبها في أفغانستان.
ويرى هؤلاء أيضاً والد وشقيق كابتن رحماني باعتبارهما شريكين في جريمتها ويسعون لعقابهما ويضطرونهما للانتقال كل بضعة شهور من مكان لآخر معها ومع أفراد أسرتها. وقد تم الاعتداء على شقيقها مرتين، إحداهما بطلق ناري ثم بحادث سيارة مسرعة.
وسام المرأة الشجاعة
منحت وزارة الخارجية الأميركية في العام الماضي كابتن رحماني وسام المرأة الشجاعة الدولي، اعترافاً بالمخاطر التي واجهتها جراء العمل بهذه المهنة.
واستمرت التهديدات تطارد أعضاء أسرة رحماني المقربين منذ أن انتقلت إلى الولايات المتحدة، ما اضطرهم إلى الانتقال من مكان لآخر ثلاث مرات منذ رحيلها عن أفغانستان.
ولم يقدم لها رؤساؤها بالقوات المسلحة الأفغانية أي دعم، بل شجعوها على الاستقالة، بحسب ما ذكرته كابتن رحماني ووالدها والمسؤولون الغربيون المطلعون على قضيتها. وساعدتها الضغوط التي يمارسها الائتلاف العسكري بزعامة الولايات المتحدة على الاحتفاظ بوظيفتها.
وبموجب قانون الهجرة الأميركي يتعين على طالب اللجوء السياسي أن يقدم أدلة تثبت تخوفه من المحاكمة جراء العرق أو الديانة أو الجنسية أو عضوية إحدى الجماعات أو الانتماء لأي آراء سياسية.
وذكرت كيمبرلي موتلي، محامية كابتن رحماني التي عملت في أفغانستان لسنوات، أن الطلب الذي قدمته موكلتها للحصول على حق اللجوء يفي بتلك المعايير.
وقالت: "هناك مخاوف كبيرة على سلامتها إذا ما عادت إلى الوطن. فالتهديدات التي تتلقاها موثقة. ولسوء الحظ، فقد أخفق بعض رؤسائها في توفير الحماية لها".
– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Wall Street Journal الأميركية. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.