ولآخِر لحظة

عِش كل حياتك بعنوان آخِر لحظة، وستكون إحدى اللحظات كذلك.. ولآخر لحظة اصنع معروفاً واغرس فكرة.

عربي بوست
تم النشر: 2016/12/22 الساعة 02:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/12/22 الساعة 02:26 بتوقيت غرينتش

الحياة مهما طالت فهي رحلة قصيرة، إن عشنا على هامشها ولم ندرك حقيقتها، ولم نستكشف جوانبها، وتمسكنا بسفاسفها، وتركنا عظماء الأمور فيها.. الحياة تعني لي ولك الكثير، فهي محطة بوسعك أن تملأها بالخير، ولك أن تملأها بالشر.

لكي أكون معك صريحاً، ولا أسهب كثيراً في المقدمة، سأحدثك عن لحظة لم تحدث مع صديق أو قريب لي ولم يروِه لي أحد.

خرجت بعد الثامنة من منزلي في إسطنبول مع مجموعة من الأصدقاء، متوجهين إلى أحد المطاعم لتناوُل وجبة العشاء، يسعدني ذلك جداً، ويحبب لي الخروج ليلاً، ركبنا حافلة ووصلنا المكان المخصص، تناولنا العشاء، ثم خرجنا لنتمشى قليلاً، وصلنا إلى إحدى إشارات المرور، نظرت إلى الجهة اليمنى فوجدت الحافلة بعيدة عنا، ولكن فاتني أن أنظر للجهة اليسرى، قررت العبور وأنا أسير أسمع صوتاً بأن سيارة من جهة اليسرى قادمة، كان بيني وبين أن أُدهس بها لحظة، ربما كادت أن تكون اللحظة الأخيرة في حياتي.

هنا أخذت أسرح قليلاً بأفكاري، ماذا لو كانت حقيقة هي آخر لحظة بحياتي؟ ماذا عساني أن أفعل؟ هل اللحظة الأخيرة لحظة الوداع، لحظة العبور لعالم آخر، لحظة قلما تتخيلها، ربما لم نعش هذه اللحظة في حياتنا كما ينبغي إلى اليوم.

تأملت في اللحظة الأخيرة وجدتها عالماً فسيحاً، وجدتها حياة عميقة لمن أراد أن يحيا حياة طيبة.

هل تعلم أن هذه اللحظة قد تكون نقلة نوعية لك ما بين الجهل والعلم والوعي والفكر؟
هل تخيلت أن اللحظة قد تكون منطلقاً لك إلى عالم الإنجاز والإبداع؟
هل نظرت إلى نفسك لحظة لتتأمل العجائب في عينيك ولسانك وشفتيك وفي أنفسكم أفلا تبصرون؟!
هل تتذكر لحظة كانت سبباً في ضياع جزء من حياتك؟ تذكّرها وقدّر قيمة الوقت الذي بين يديك.
هل خرجت بنزهة مليئة بالاستمتاع والجمال وجعلتها نكداً على مَن حولك بتذكرك الهموم وعيشك في عالمك المليء بالألم والأحزان؟

هل وقفت يوماً مع إنسان كان حائراً يبحث عن طريق للنجاح قد تقطعت به سبل العيش في الحياة وربما قد مات وهو حياً؟ وقديماً قالوا: إنما الميت ميت الأحياء.

آخر لحظة من حياتك قد تكون قانوناً كما في آخر لحظات الرسول صلى الله عليه وسلم، حينما بدأ يوصي بأهم الأمور التي ينبغي على الإنسان أن يحافظ عليها.

آخر لحظة لا تقتصر على أن تكون على سجادة أو في مسجد أو تقرأ القرآن فيها.
آخر لحظة حين تكون في المكان الذي ينبغي لك أن تكون فيه تلك اللحظة.

قد تكون مبتسماً أو متنزها أو على مقعدك في الدائرة أو بين طلابك في الفصل، أو تنقذ إنساناً، أو تقدم المعونة للمحتاجين، أو في معملك، أو شركتك.

آخر لحظة أن تكون سائراً لتحقيق ذلك الهدف العظيم الذي يخرجك من حياة إلى حياة تتمة للأولى.

عِش كل حياتك بعنوان آخِر لحظة، وستكون إحدى اللحظات كذلك.. ولآخر لحظة اصنع معروفاً واغرس فكرة.

وكما قال الراحل الدكتور إبراهيم الفقي رحمه الله: "عِش كل لحظة وكأنها آخر لحظة في حياتك".

عِش بحبِّك لله عز وجل، عِش بالتطبع بأخلاق الرسول عليه الصلاة والسلام، عِش بالأمل، عِش بالكفاح، عِش بالصبر، عِش بالحب، وقدِّر قيمة الحياة.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد