حبس العالم قبل أيام أنفاسه ترقباً لما ستسفر عنه نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، لم تكن الأوساط السياسية والنخبوية الكردية بعيدة عن مراقبة هذا المشهد، فالقضية الكردية تعيش في مرحلة مفصلية وحساسة في ظل هذه المتغيرات الهائلة التي تضرب منطقة الشرق الأوسط؛ حيث بات الحديث عن التقسيم في العراق وسوريا أمراً شبه مؤكد، أو بالأحرى تلاشي حدود هاتين الدولتين أصبح أمراً واقعاً، وهنا يتذكر الكرد كيف أن التاريخ قد ظلمهم في عشرينات القرن الماضي، عندما قسمت أرض كردستان وتم التخلي عن المطالب الكردية إرضاء لرغبة تركيا.
سنوات من القهر والظلم خلتها ثورات وانتفاضات لم تحقق للكرد سياسياً ما ينعمون به الآن من سيطرة على أرضهم التاريخية وتوسع مناطق نفوذهم في ظل حرب القوات الكردية ضد تنظيم داعش.
يشبه الوضع الكردي افتتاحية الروائي الإنكليزي الأشهر شارلز ديكنز في روايته الكلاسيكية الخالدة "قصة مدينتين"؛ حيث يقول:
"كان أحسن الأزمان وأسوأ الأزمان، كان عصر الحكمة وعصر الحماقة، كان عصر اليقين والإيمان، وكان عصر الحيرة والشكوك، كان زمن النور وزمن الظلمة، كان ربيع الأمل وشتاء القنوط".
تحديات الرئيس الأميركي الجديد
يقول الباحث الأميركي المعروف كريستين كاريل في جريدة النيويورك تايمز في أحدث مقال له: إن الكرد يقتربون من إنشاء دولتهم، وهذا ما سيُحدث تحولات في الشرق الأوسط، ويتساءل: هل سيساند الرئيس الأميركي الجديد وجود دولة كهذه على الخارطة؟
بالطبع سيواجه الرئيس ترامب جملة من القضايا المتعلقة بالملف الكردي في جميع أجزاء كردستان، ففي العراق موضوع الاستقلال بات أقرب من أي وقت مضى، والكرد لن يتنازلوا عن هذا الحق في ظل توافر ظروف هي الأنسب وتضحيات بشرية كبيرة قدموها، أيضاً مسألة المناطق التي حررتها قوات البيشمركة تحتاج إلى اعتراف أميركي بأحقية وجود القوات الكردية فيها، وينتظر الكرد دعماً أميركياً لموضوع تصدير النفط خارج حدود الإقليم أو شرائه في الأسواق الأميركية، أما في سوريا فضمان حصول الكرد على الفيدرالية والحكم الذاتي وزيادة وجود القوات الأميركية وإنشاء قواعد دائمة في المناطق الكردية يؤمن كل هذا نوعاً من الحماية في ظل تهديدات تركية بالتوغل، لا بل إن النظام والمعارضة لا يخفيان استياءهما من زيادة النفوذ الكردي، وفي تركيا فالوقوف في وجه سياسات أردوغان الاستبدادية وابتعاد تركيا عن معايير الاتحاد الأوروبي في الحرية والديمقراطية كلها أمور تشجع الإدارة الجديدة على الوقوف بصف الكرد وحزب الشعوب الديمقراطي.
الكرد في إيران سيرحبون بأي صرامة تبديها الإدارة الجديدة تجاه إيران؛ لأنهم اعتبروا أن الاتفاق النووي مع إيران قد قضى على آمال الأقليات بالضغط على طهران لإعطاء المزيد من الحقوق.
آمال كردية
هناك شعور بالتفاؤل يسود الشارع الكردي بوصول الإدارة الجديدة؛ حيث يأمل الكرد بأن يصلح الرئيس ترامب الخطأ الاستراتيجي الذي وقع فيه الغرب، ومنعوا تشكيل دولة كردية في القرن العشرين، وأن يعترف بخارطة الدولة الكردية.
أربع سنوات سينتظرها الكرد بفارغ الصبر مع قرارات الإدارة الجديدة؛ لأن ذلك سيحدد مستقبلهم في الشرق الأوسط.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.