أنواع الأمان متعددة، ولن تجدها كاملة في العالم العربي، فالأمن والأمان لا يقتصران فقط على الأمن العسكري؛ بل على أنواع عدة، والأمن الاقتصادي للمواطن من أهمها وأكثرها فقداناً، فنحن الآن أصبحنا نفتقد لجميع أنواع الأمن والأمان في العالم العربي.
الفقر هو سبب أكبر للبرد، سبب أكبر للجوع، سبب أكبر للتشرد، سبب أكبر للسرقة، سبب أكبر للنهب، سبب أكبر للقتل، سبب أكبر للخوف، سبب أكبر للجهل، سبب أكبر للبعد عن العلم، سبب أكبر للتخلف، سبب أكبر لما نحن فيه الآن.
الفقر الحقيقي الذي نعيشه اليوم هو فقر الحقوق، فنحن نفتقر لجميع حقوقنا، ولا نملك منها أي شيء، فهذا هو أسوأ أنواع الفقر الذي من الممكن أن يعيشه أي إنسان، ففي العالم العربي أغلبنا فقراء لحقوقنا.
فكل ما يحدث الآن في العالم العربي لسبب واحد فقط، هو أن الشعب سئم العيش بقلة، فالشعب العربي لم يعد باستطاعته تحمل الفقر أكثر، فلولا الفقر على الأغلب لما عشنا كل ما نعيشه اليوم.
من حق كل إنسان على وجه هذه الكرة الأرضية أن يعيش حياة كريمة، بغض النظر عن مهنته، ومستواه التعليمي والاجتماعي، من حق كل إنسان أن يحصل على كل احتياجاته، من حق كل إنسان أن تحقق أحلامه، لكن بوجود الفقر كل شيء يصبح أصعب، فالشعب العربي لا يريد الحصول على الملايين، الشعب العربي فقط يريد أن يحصل على حياة كريمة.
الحياة الكريمة التي أصبح المواطن العربي لا يعرف ما هي، وما هو شكلها، وما هي صفاتها، أصبح حتى لا يملك الوقت للحلم بالحياة الكريمة، لانشغاله بالتفكير بكيفية البقاء على قيد الحياة.
تفشّي الفساد في العالم العربي بأعلى مستوياته هو من أكبر أسباب الفقر، فالتوزيع غير العادل للحقوق على أفراد المجتمع سبب، وإعطاء ميزات لأشخاص معينة وتكريس ما تملكه الدولة لأشخاص معينة هو سبب آخر.
يبلغ عدد من يرزحون تحت خط الفقر المدقع في العالم العربي، وفقاً لتقرير منظمة الأغذية والزراعة بالأمم المتحدة (الفاو)، أكثر من 40 مليون نسمة.
40 مليون نسمة، منهم أطفال، سيضطرون لترك الدراسة للعمل، منهم آباء سيضطرون للعمل في مهن غير أخلاقية لتأمين لقمة العيش، ومنهم كبار في السن سيعيشون فترة شيخوختهم بأسوأ حالة.
فكيف سنتطور ونتقدم والمواطن همّه في أشياء أساسية لم يحصل عليها بعد؟ فالمواطن العربي همّه في كيفية تحقيق مستلزمات حياته الأساسية، فأصبح المواطن العربي يقبل بالأشياء غير كاملة؛ لأن هذا ما يستطيع الحصول عليه.
لا أحد يعطي المشكلة حجمها الحقيقي، ولا أحد يعيرها اهتماماً، هذه المشكلة التي تكبر يوماً عن يوم، والعدد يصبح أكبر وأكبر، فالفقر ليس بشيء طبيعي يجب وجوده في المجتمع؛ بل مشكلة كلما زادت تراجع ذلك المجتمع وظهرت مشكلات جديدة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.